رئيسة وزراء إيطاليا تجاهلت الملف بعد دعم البرتغال للحكم الذاتي المغربي.. تبون صار عاجزا عن استصدار موقف داعم للبوليساريو من دول الاتحاد الأوروبي
فشلت الجزائر في استصدار موقف يدعم مطالب جبهة البوليساريو الانفصالية في قضية الصحراء المغربية، بعدما تجنبت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الإشارة إلى النزاع خلال مؤتمر صحفي مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أول أمس الأربعاء، رغم محاولة الأخير إدراج الملف ضمن جدول المباحثات الثنائية، في واقعة أعطت دليلا جديدا عن الاتجاه العام لدول الاتحاد الأوروبي بخصوص قضية الصحراء.
وتجاهلت ميلوني قضية نزاع الصحراء بشكل كلي عقب القمة الحكومية الخامسة بين الجزائر وإيطاليا، التي عُقدت في العاصمة روما بحضور تبون، وهي القمة التي شهدت توقيع أكثر من 40 اتفاقية ومذكرة تفاهم شملت قطاعات استراتيجية أبرزها الطاقة والصناعة الثقيلة والزراعة والدفاع، وسط اهتمام خاص من الجانب الإيطالي بتأمين إمدادات الغاز الجزائري وتعزيز الشراكة الطاقية.
وحرصت ميلوني، خلال تصريحها عقب القمة، على التركيز على المصالح الإيطالية المباشرة، مشيدة بدور الجزائر في دعم أمن الطاقة لإيطاليا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، ومؤكدة على أهمية التعاون في قضايا البحر الأبيض المتوسط، من الإرهاب إلى الهجرة والأمن في الساحل وليبيا، دون أن تأتي على ذكر قضية الصحراء، لا من قريب ولا من بعيد.
هذا التجاهل الواضح لملف نزاع الصحراء، فُسر حسب مهتمين بالملف، على أنه رسالة دبلوماسية تعكس تراجع اهتمام الشركاء الأوروبيين بطرح الجزائر التقليدي بخصوص النزاع، في مقابل تصاعد دعم مبادرة الحكم الذاتي المغربية، التي باتت تحصد زخما غير مسبوق داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة أن القمة الحكومية الجزائرية الإيطالية تزامنت مع إعلان البرتغال دعمها "الكامل" لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء.
وتزامنت القمة الجزائرية - الإيطالية مع إعلان البرتغال رسميًا دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، باعتبارها مقترحًا "جديًا وواقعيًا وذو مصداقية" لحل النزاع. وقد أُعلن هذا الموقف في بيان مشترك بين وزيري خارجية البلدين، عقب لقاء رسمي في لشبونة، لتنضم بذلك البرتغال إلى دول أوروبية مؤثرة، مثل إسبانيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
وفي المقابل، حاول الرئيس تبون أن يُقحم كعادته قضية الصحراء في كلمته حيث قال إنه "بالنسبة لنزاع الصحراء الغربية جددنا على دعمنا المشترك للمبعوث الشخصي للأمم المتحدة من أجل إيجاد حل سياسي عادل وفق الشرعية الدولية يمكن الشعب الصحراوي في حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير"، بالرغم من أن ميلوني لم تذكر شيئا في كلمتها من هذا الكلام.
هذا التوجه المتسارع داخل أوروبا نحو دعم السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية، يعكس، وفق تقارير وتحليلات أوروبية، تغيرا عميقا في أولويات السياسة الخارجية الدولية، وتلك التي ترتبط بدول الاتحاد الأوروبي على الخصوص، حيث يُلاحظ أن هناك شبه إجماع على التوجه نحو إنهاء هذا النزاع الذي عمر طويلا تحت مبادرة الحكم الذاتي باعتباره الأكثر "واقعية".
عدم قدرة تبون في انتزاع موقف إيطالي مساند لأطروحة البوليساريو، رغم حزمة الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة، أعطى إشارة جديدة إلى "عزلة" الجزائر الدبلوماسية المتزايدة في هذا الملف، وعلى محدودية قدرتها على فرض رؤيتها حتى على دول العالم، بالرغم مما تقدمه من امتيازات، أغلبها عبر الغاز والبترول.
وعلى الرغم من الطابع الاستراتيجي لبعض الشراكات الموقعة بين الجزائر وإيطاليا، خاصة في مجال الطاقة والحديد منخفض الكربون، إلا أن غياب البعد السياسي من الجانب الإيطالي في قضية الصحراء، وفق ما يبدو في تصريح ميلوني، يعكس رغبة روما في الحفاظ على حيادها إزاء هذا الملف حتى الآن، وهو حياد يخدم المغرب أكثر ما يفيد الجزائر.