رئيس الـ CAF يُخيّب ظن الرئيس الجزائري بضم البوليساريو ويُؤكد: أسعى للعمل مع 54 دولة إفريقية لتطوير كرة القدم في القارة
يتداول الإعلام الجزائري، منذ الساعات القليلة الماضية، مخرجات الزيارة الرسمية للجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم "كاف"، الأخير الذي تحدث عن عدة ملفات تهم كرة القدم الجزائرية، أولها غياب "الخضر" عن نهائيات كأس العالم 2022 بقطر.
وسط عبارات موتسيبي التي تخللت زيارته للجزائر، أثار رئيس الـ CAF جدلا كبيرا، من خلال تصريحه الأخير، من مقر الاتحادية الجزائرية، الذي تحدث فيه المسؤول الكروي القاري عن الاعتراف بـ"وجود 54 دولة إفريقية"، منضوية تحت لواء الاتحاد الإفريقي، مما أعاد إلى الأذهان "سيناريو" تغيير الخارطة الكروية القارية، بداية من "بروتوكول" الرباط، مرورا بالتصويت على قانون عضوية الاتحادات إلى "ديبلوماسية" التعاطي مع المنظومة الكروية داخل القارة "السمراء".
زيارة موتسيبي إلى الجزائر.. رئيس الـCAF لا يعترف سوى بـ 54 دولة
خيّب الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، رئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم القدم "كاف"، ظن الجزائر، ممثلة في نظام الرئيس عبد المجيد تبون، حين قال في تصريح صحافي: "بصفتي رئيس للكاف، أسعى إلى العمل مع الاتحادات الممثلة لـ 54 دولة إفريقية"، وهو ما يخالف أطروحة الدولة الجزائرية التي تعترف بكيان وهمي يدعى "البوليساريو".
تصريح علني بخلفية سياسية عميقة، ضرب عرض الحائط توجه الجزائر، الذي كان يتطلع من خلال زيارة موتسيبي، إلى كسب بعض النقاط في العلاقة مع أقوى مؤسس كروية قارية، بعد أن ظل مقعدها شاغرا، منذ رحيل محمد روراوة ثم فقدان خير الدين زطشي، الرئيس السابق للاتحادية المحلية، (فقدان) صراع المنافسة على عضوية مجلس الاتحاد الدولي "فيفا".
قانون عضوية الـ CAF.. الرباط تسقط أطروحة "البوليساريو"
صادقت الجمعية العمومية الـ 43 للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم "كاف"، المنعقدة في 12 مارس من السنة الماضية (2021)، بأحد فنادق العاصمة المغربية الرباط، بالإجماع، على إلزامية الدول الراغبة في العضوية ضمن الجهاز القاري بالانخراط ضمن منظمة الأمم المتحدة
وصوتت الجمعية العمومية لـ"الكاف"، بنسبة 100 بالمئة من الحاضرين، على تعديل القانون المتعلق بعضوية الجهاز الكروي القاري، ضمن التعديلات المقترحة في النظام الأساسي، والتي همت أيضا الرفع من عدد نواب الرئيس داخل المكتب التنفيذي من ثلاث إلى خمس أعضاء.
يأتي ذلك، في الوقت الذي كانت العديد من السيناريوهات السياسية تطبخ لإدخالها من باب الرياضة، خصوصا من طرف جنوب إفريقيا والجزائر، لضم جبهة "البوليساريو" كعضو في الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، على أساس عضويتها في الاتحاد الإفريقي، المنظمة السياسية التي تجمع الأفارقة.
وحسب المعطيات التي سبق أن أشار إليها موقع "الصحيفة" في تقرير مطول، فإن الجزائر وجنوب إفريقيا بدأ العمل على هذا السيناريو منذ 2016، قبل أن يدخل المغرب بقوة في دواليب الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، عبر رئيس الجامعة فوزي لقجع الذي ثبت نفوذه داخل الـ CAF بشكل كبير ، وعزز حضورها كرقم صعب داخل قرارات أهم منظمة إفريقية رياضية، وهو جعل كل احتمالات خلط السياسي بالرياضي من طرف جنوب إفريقي والجزائر مدعومين ببعض دول شرق القارة "أمرا مستحيلا".
خلفيات سياسية لزعامة موتسيبي على رأس هرم الـ CAF
قبل أن تعقد الـ CAF جمعيتها العمومية في الرباط، لم يكن يتوقع المتتبع الكروي الإفريقي، ألا تتحالف الدول العربية والفرنكفونية ضد مرشح جنوب إفريقيا، جاءت المفاجأة بتوقيع "بروتول الرباط"، بمباركة فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فإن الأخير تحرك بعد تلقيه الضوء الأخضر من سلطات بلاده، نظرا لحساسية موقعه داخل التسيير وعلاقة ما يجري داخل الكرة الإفريقية بالوضع
مصلحة لقجع في ولوج مجلس الـ FIFA، انطلاقا من تعبيده الطريق للجنوب إفريقي باتريس موتسيبي، جعل الرباط وجوهانسبورا تتحد، ولو لحظيا، من أجل الانخراط في خارطة الطريق التي وضعها انفانتينو والأمينة العامة فاطمة سامورا لتوحيد الاتحادات الكروية القارية حول رؤية واضحة، من خلال البرنامج الذي يتزعمه رئيس نادي "ماميلودي صن داونز".
ولضمان "فوز مريح" للجنوب إفريقي برئاسة الـ CAF، كان لزاما على رئيس الـ FIFA السويسري جياني انفانتينو أن يطمئن الرباط، بأن "السياسة لن تتداخل في الرياضة"، ولو ظاهريا على الأقل، وبأن مصالح المغرب القومية لن تمس بوجود رئيس تعادي بلاده الوحدة الترابية للمغرب، لهذا، كان لقاء انفانتينو بوزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، بمقر الوزارة في الرباط، ضروريا، لـ"فهم" الخطوط الحمراء في جعل الحظوظ كل الحظوظ للجنوب الإفريقي مضمونة لفوزه برئاسة الـCAF، حيث بسط رئيس الـ FIFA خطوطه الحمراء كما بسط وزير الخارجية المغربي خطوط المملكة الحمراء، وخرجا بما يضمن للكل مصالحه دون ضرر، فكان بعدها ما سمي بـ"اتفاق الرباط"، الذي جعل المرشح الجنوب إفريقيا وحيدا يغرد نحو رئاسة أهم منظمة كروية إفريقية.
تدخل السياسي في المنطومة الرياضية فرضته استراتيجية الـ FIFA لبسط سلطتها على الكرة الإفريقية، حيث تمكن الجهاز الكروي العالمي من تحريك خيوط حكومات عدة دول، الأخيرة التي كانت تدعم مرشحيها من رؤساء الاتحادات الكروية، من أجل دخول انتخابات 12 مارس، لما يمثله كرسي رئاسة الكونفدرالية القارية للعبة من وزن ديبلوماسي قوي.
في سياق متصل، أجبر انفانتينو مرشحي موريتانيا، الكوت ديفوار والسنغال من أجل إعلان انسحابهم، شاكرين كلهم حكومات بلدانهم على دعمهم في حملة الترشح، وذلك رغم الانعكاسات السياسية التي قد تترتب عن التحالفات الجارية في دواليب الـ CAF، خاصة في علاقات بعض دول القارة مع جنوب إفريقيا ومرشحها باتريس موتسيبي، خليفة الملغاشي أحمد أحمد على هرم الكرة الإفريقية.