رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب تدعو وزير الصحة إلى الاعتراف بالمعالجين النفسيين لتفادي انتشار الدجل والشعوذة
دعت رابطة متخصصي الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، إلى الاعتراف بعلماء النفس ودور المعالجين النفسيين ضمن منظومة الصحة النفسية الوطنية، وذلك من خلال المخطط الوطني الخاص بالصحة النفسية والعقلية، مبرزة أن ذلك سينعكس على انحصار اللجوء للدجل والشعوذة.
وقالت الرابطة إنها استقبلت إعلان وزير الصحة والحماية الاجتماعية بنوع من الارتياح، بعدما قدم أمام أنظار المؤسسة التشريعية بالبرلمان تفعيل الاستراتيجية الوطنية للصحة النفسية والعقلية وذلك في إطار تفعيل المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة العقلية 2030.
وقالت الرابطة التي تضم متخصصين في علم النفس بجميع فروعه وتخصصاته إضافة إلى أطباء نفسانيين ومتخصصين في الصحة النفسية والعقلية، إنها تفاعلت مع هذا الإعلان الرسمي والمعطيات الرسمية الصادرة عن الوزير بـ"إيجابية كبيرة"، وأبدى أطر الرابطة "اهتمامهم" بهذه المبادرة.
ومع ذلك، نبهت الرابطة إلى بعض النقاط الأساسية التي لم يتطرق لها الوزير والتي "أثارت ردود أفعال كبيرة وشكلت دهشة واستغراب شريحة واسعة من المتخصصين النفسانيين"، وتحيدا "المعالجين النفسانيين الذي درسوا تخصص علم النفس سواء في الجامعات المغربية أو في مدارس ومعاهد عليا داخل المغرب وخارجه".
وأوردت الوثيقة أنه "لم يكن في الحسبان أبدا أن يتنامى شعور الإقصاء والتهميش عند فئة عريضة وكبيرة، من دُفعات ولجت مدرجات الجامعات و المعاهد داخل المغرب وخارجه"، مبرزة أن هذه الشريحة "تتلقى صفعة التهميش مرة أخرى دون أن تجد أي منفذ داخل إقرارها في إطار منظومة مهنيي الصحة النفسية والعقلية، الذين تحدث عنهم الوزير".
واستغربت الرابطة عدم ذكر المعالجين والمتخصصين النفسانيين الموجودين في المراكز الاستشفائية والمزوالين لمهامهم في تشخيص وعلاج الاضطرابات والأمراض النفسية والعقلية، "رغم ما يقومون به وما يقدمونه من عمل كبير بتفان وإخلاص"، منتدة عدم الاعتراف بهم باعتبارهم "كيانا حقيقيا له وجود في المنظومة الصحية الوطنية أو غيرها تحت اسم وهوية مهنية وهي متخصص ومعالج نفساني".
ودعت الرابطة إلى أن يتم الالتفات الجدي لهذه الشريحة والتي "أصبحت بمثابة صمام الأمان للمجتمع المغربي، خصوصا في دراسة تطور الظواهر والسلوكيات المختلفة، ثم ما يمكن أن تقدمه في تدخلاتها سواء في المدارس أو المؤسسات الأمنية والقضائية والمهنية، أمام ارتفاع حالات الانتحار والقتل والإدمان والطلاق في المجتمع".
وخلصت الرابطة إلى أن "أول منفذ لإنجاح ورش إصلاح منظومات الصحة والتعليم وتحقيق التوازن الاجتماعي هو الاعتراف بعالم النفس والمتخصص النفساني"، وذلك بـ"حمايته قانونيا وتنظيميا وإعطائه حق الممارسة والتكوين الأصيل، وكذا الاعتراف بتخصص علم النفس تخصصا قائما بذاته وليس ملحقا لأي تخصص آخر".
وشددت الرابطة على أن "ترك الفراغ القانوني والتنظيمي بهذا الشكل قد يترك البيئة الاجتماعية والنفسية في فراغ قاتل، يترك مساحة استغلال المواطنين من طرف محترفي الدجل والشعوذة الفكرية"، و تابع أنه قد يهدد السلامة النفسية والعقلية للمواطنين".
وكان التهراوي قد كشف، الثلاثاء الماضي أمام البرلمان، أن المغرب يتوفر على 319 طبيبا متخصصا في الطب نفسي فقط في القطاع العام، إلى جانب 62 آخرين في القطاع نفسه متخصصين في طب الأطفال، متعهدا بتوظيف 35 آخرين خلال العام الجاري.
وتحدث التهراوي عن "وعي" الوزارة بالتحديات التي يطرحها موضوع الصحة النفسية بالمغرب، مبرزا أن الوزارة "عازمة على مواصلة الجهود لتعزيز جودة الخدمات الصحية في هذا المجال"، وأشار إلى انطلاق إعداد استراتيجية وطنية شاملة للصحة النفسية والعقلية بمختلف أبعادها.
وأورد التهراوي خلال جلسة الأسئلة الشفهية بمجلس المستشارين، أنه سيشرف شخصياً على سلسلة من الاجتماعات التقنية بالوزارة خلال الأسبوع المقبل، والتي ستشكل نقطة انطلاق لهذا المشروع الوطني الهام، مشددا على الأهمية المتزايدة التي تحظى بها الصحة النفسية والعقلية في المنظومات الصحية الحديثة، باعتبارها ركيزة أساسية لجودة حياة المواطنين وتحقيق التوازن المجتمعي.
وفي عرضه للمعطيات المتعلقة بالقطاع، أوضح الوزير أن الوزارة انخرطت في تعزيز العرض الصحي المتخصص في هذا المجال على الرغم من التحديات القائمة، خاصة فيما يتعلق بقلة الموارد البشرية المختصة وتوزيعها غير المتكافئ.
وكشف التهراوي أن عدد الأطر المختصة في مجال الصحة النفسية والعقلية بلغ 3230 مهنياً صحياً حتى سنة 2025، من بينهم 319 طبيباً متخصصاً في الطب النفسي بالقطاع العام و274 بالقطاع الخاص، بالإضافة إلى 62 طبيباً متخصصاً في طب نفس الأطفال بالقطاع العام و14 بالقطاع الخاص، و1700 ممرضاً متخصصاً في الصحة العقلية بالقطاع العام.
وأعلن التهراوي عن تخصيص 123 منصباً مالياً خلال سنتي 2024 و2025 لفائدة القطاع، منها 34 طبيباً مختصاً في الطب النفسي سنة 2025 و89 ممرضاً متخصصاً في الصحة العقلية سنة 2024، وذلك في إطار جهود سد الخصاص.
وعلى صعيد تعزيز التكوين في مجال الصحة النفسية، تعمل الوزارة، وفق التهراوي على رفع عدد المقاعد البيداغوجية بالمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، والتنسيق مع قطاع التعليم العالي لتفعيل لجان التكوين التطبيقي الجهوي، وتفعيل الاتفاقية الإطار الموقعة سنة 2022 لتكثيف عرض التكوين والبحث العلمي في هذا المجال بحلول 2030.
وفيما يتعلق بتعزيز العرض الصحي والخدمات الموجهة للصحة النفسية والعقلية، أكد الوزير أن الوزارة تعمل، في إطار المخطط الاستراتيجي الوطني متعدد القطاعات للصحة العقلية 2030، على تعميم مصالح الصحة النفسية والعقلية المدمجة في المستشفيات العامة، وتطوير وحدات الاستشارات الخارجية للطب النفسي، وإنشاء فرق لتدبير الأزمات النفسية الاجتماعية، وتعزيز خدمات إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الوزارة تواكب إصلاح المنظومة القانونية والتنظيمية المتعلقة بالصحة النفسية من خلال مراجعة الإطار القانوني للصحة العقلية ووضع بروتوكولات علاجية للاضطرابات ذات الأولوية.




