ربّ ضارة نافعة.. هكذا استفاد المغرب من "كورونا" لحل 3 أزمات "دولية" مُعقّدة
نجح المغرب خلال فترة جائحة فيروس كورونا المستجد، من حل قضايا وأزمات كان يصعب التكهن بإمكانية تحقيق نتائج مرضية فيها خلال السنوات القليلة الماضية، وقد لعب الوباء دورا مساعدة بطريقة أو بأخرى في حل هذه الأزمات، وهو ما يجعل المثل القائل "ربّ ضارة نافعة" ينطبق على هذا الواقع الجديد.
ويتعلق الأمر بقضية التهريب المعيشي بباب سبتة المحتلة، والأزمة الدبلوماسية مع إسبانيا، والأزمة الدبلوماسية مع ألمانيا، وهي 3 قضايا بتداعيات دولية، نجح المغرب في حلها والخروج بقرارات تصب في صالحه على المستوى الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
أزمة التهريب المعيشي
شكّل التهريب المعيشي بباب سبتة المحتلة، لعقود طويلة، نقطة سوداء للاقتصاد الوطني المغربي، إضافة إلى تداعيات هذا التهريب على صورة المغرب على المستوى الدولي، حيث كانت تنتشر عبر منابر إعلامية دولية صور نساء مغربيات يحملن على أكتافهن أوزان ثقيلة من السلع المهربة في مشهد مذل يحط من كرامة الإنسان.
وحاول المغرب في فترات متفرقة لإيقاف هذا النشاط الذي يشتغل فيه ما يقرب من 30 ألف شخص، أغلبهم نساء، إلا أن جميع المحاولات لم تُكلل بالنجاح بسبب غياب بدائل كفيلة باستيعاب هذا العدد من المستفدين من التهريب المعيشي بالرغم من ضريبته الفادحة على الاقتصاد الوطني.
لكن في أواخر سنة 2019 قرر المغرب إيقاف هذا النشاط تزامنا مع عطلة رأس السنة، دون أن يُعلن عزمه إيقاف النشاط بشكل نهائي، غير أن ظهور وباء كورونا وإقرار إسبانيا والمغرب إغلاق الحدود لمنع تفشي الوباء في مارس 2020، دفع المغرب لاستغلال الفرصة لإنهاء التهريب المعيشي بصفة نهائية والشروع في إيجاد حلول بديلة.
الأزمة مع مدريد
الأزمة الدبلوماسية المغربية الإسبانية، واحدة من القضايا الإشكالية البارزة في مرحلة وباء كورونا بين الرباط ومدريد، وهي الأزمة التي تفجرت في أواخر أبريل 2021، بانكشاف عملية نقل زعيم جبهة "البوليساريو"، إبراهي غالي، إلى إسبانيا سرا، من أجل تلقي العلاج من إصابته بفيروس كورونا المستجد، وذلك بتنسيق بين الجزائر وبعض الأطراف الحكومية الإسبانية.
وأدى هذا "الاكتشاف" إلى تفجر أزمة دبلوماسية حادة بين المغرب وإسبانيا، حيث اعتبرت الرباط أن هذه الخطوة من مدريد بمثابة طعنة في علاقات حسن الجوار بين البلدين، بالنظر إلى أن إبراهيم غالي هو زعيم حركة انفصالية تُطالب بانفصال إقليم الصحراء عن التراب المغربي.
وقرر المغرب قطع علاقاته مع إسبانيا وتقليص تعاونه الأمني مع مدريد، وقد استمر الجمود في العلاقات لحوالي سنة قبل أن تقرر مدريد في مارس الماضي عن تغيير موقفها من قضية الصحراء المغربية وإعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء، فقرر المغرب استئناف علاقاته مع إسبانيا.
وفي هذه الأزمة أيضا كان لفيروس كورونا دور مساعد، حيث رفض المغرب إعادة استئناف العلاقات بين البلدين وفتح الحدود واستئناف حركة العبور، متحججا بالوباء، في حين أن الأمر كان يتعلق باستمرار الأزمة الدبلوماسية إلى حين تغيير إسبانيا موقفها.
الأزمة مع برلين
بسبب المواقف التي أعلنت عنها ألمانيا عقب إعلان الولايات المتحدة الأمريكية في دجنبر 2020 اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، وقيامها بتحركات لدفع المنتظم الدولي لإجبار واشنطن على تغيير هذا الموقف، قرر المغرب رسميا في مارس 2021 قطع جميع الاتصالات والعلاقات مع السفارة الألمانية في الرباط.
وكشف بلاغ لوزارة الخارجية المغربية أنذاك، أن هذا القرار يرجع سببه إلى "خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية"، وكانت الإشارة إلى قضية الصحراء المغربية التي تتخذ فيها برلين مواقف تعارض مساعي المغرب لإنهاء النزاع عن طريق مقترح الحكم الذاتي.
وبالرغم من أن ألمانيا لم تستوعب هذا القرار المفاجئ من الرباط، وأكدت أنها تنظر إلى المغرب كشريك مهم في شمال إفريقيا، إلا أن الرباط استمرت مصممة في موقفها، إلى أن حدث تغيير على مستوى الحكومة الألمانية برحيل ميركيل، وبالتالي أعلنت الحكومة الجديدة عن إشادتها للمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، وهو ما كان سببا في استئناف العلاقات من جديد بين البلدين.
وتزامن قطع المغرب لعلاقاته مع السفارة الألمانية في الرباط، مع فترة وباء كورونا وإغلاق الحدود البرية والجوية والبحرية، وتوقف الأنشطة، الأمر الذي يجعل نشاط السفارة متوقف في الأصل، وبالتالي يبدو وكأن المغرب مارس ضغطه على ألمانيا بمساعدة وباء كورونا دون أن يكون في الأصل أي ضغط فعلي.