صادرات المحروقات من المغرب إلى إسبانيا بين مارس وأبريل تتجاوز إجمالي كميتها خلال 4 سنوات وسط شكوك في كون أصلها من روسيا
كشفت معطيات رسمية إسبانية حديثة أن كميات المحروقات التي استوردتها إسبانيا من المغرب وصلت كميات غير مسبوقة مع متم شهر أبريل الماضي، في الوقت الذي يرجح فيه فاعلون في المجال الطاقي بأن الأمر يتعلق بتصدير النفط الروسي بشكل "غير شرعي"، نتيجة العقوبات المفروضة عليه من طرف الاتحاد الأوروبي في ظل استمرار الحرب على أوكرانيا.
ووفق تقرير لصحيفة "إلباييس" الإسبانية، شهدت فإن صادرات الديزل من المغرب نحو إسبانيا شهدت ارتفاعًا غير مسبوق خلال العام الجاري، ففي الفترة ما بين مارس وأبريل 2025، استقبلت الموانئ الإسبانية 123 ألف طن من هذا النوع من المحروقات، وفقًا لبيانات رسمية صادرة عن مؤسسة احتياطيات المنتجات النفطية الاستراتيجية CORES، وهي هيئة تابعة لوزارة التحول البيئي الإسبانية.
ويمثل هذا الرقم ما يفوق جميع الكميات التي استوردتها إسبانيا من المغرب خلال السنوات الأربع السابقة مجتمعة، والتي لم تتجاوز 90 ألف طن، على الرغم من أن الرباط لم تكن يوما ضمن قائمات مصدري المحروقات إلى إسبانيا قبل الآن.
ونقلت الصحيفة عن تشير مصادر من القطاع أن جُزءًا من هذا الديزل مصدره روسيا، موضحة أنه "لا توجد آلية حقيقية للتحقق من مصدره عند دخوله"، وتابعت أنه بينما فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على واردات المحروقات الروسية منذ فبراير 2023 كإجراء عقابي بسبب الحرب على أوكرانيا، لم يقم المغرب بأي خطوة مماثلة، ما يُبقي الأبواب مفتوحة أمام الوقود الروسي.
ويستند ذلك إلى بيانات تُظهر أن المغرب لا يزال يشتري كميات كبيرة من الديزل الروسي، إذ في عام 2025 وحده، استقبلت الموانئ المغربية أكثر من مليون طن من هذه المادة، ما يمثل 25 في المائة من الواردات، بحسب بيانات منصة "فورتيكسا" العالمية المتخصصة في تتبع حركة السفن. وفي عام 2024، شكّلت الواردات الروسية 9 في المائة من إجمالي واردات المغرب البالغة 6,5 مليون طن من الديزل، بينما كانت النسبة 1,62 مليون طن في عام 2023.
وأورد التقرير أن هذا الأمر "غير منطقي اقتصاديًا في نظر خبراء القطاع"، نظرًا لأن المغرب لا يملك أي مصافٍ لتكرير النفط منذ 2016، وبالتالي فإن إعادة تصدير الديزل بعد استيراده يبدو غير مجدٍ ماليًا، وهو ما دفعهم إلى الاعتقاد بأن الديزل الروسي الرخيص يُخزَّن في منشآت مغربية، ثم يُعاد تصديره إلى إسبانيا بعد خلطه مع أنواع أخرى أو بعد تغيير المصدر ليُعتمد على أنه "مغربي"، دون أن تُعرف كميات الديزل الروسي ضمنه.
وأورد المصدر نفسه أن هذا الأمر يعد "تحايلا تجاريا" يُعرف باسم بـ"التدوير الجغرافي"، وهي ممارسة شائعة لتفادي العقوبات الاقتصادية، وتُجري السلطات الإسبانية منذ عام 2023 تحقيقات حول ما إذا كانت واردات الديزل من المغرب ودول أخرى تحتوي على منتج روسي، وهو أمر يصعب التأكد منه نظرًا لتشابه خصائص هذا الوقود عالميًا، بعكس النفط الخام الذي يسهل تتبُّع مصدره.
وعند وصول أولى شحنات الديزل من طنجة إلى إسبانيا، فتحت وزارة التحول البيئي تحقيقًا، لكنها لم تتمكن من إثبات أن الشحنات جاءت من روسيا، ووق التقرير فإن تمييز مصدر الديزل شبه مستحيل بالتحاليل الفيزيائية وحدها.
وفي خريف 2024، فتحت "المصلحة الوطنية لمكافحة الاحتيال" والهيئة الإسبانية للمنافسة تحقيقًا في ما سمته "مافيا الديزل"، وهي شبكة يُقدَّر نشاطها بـ1,9 مليار يورو، وبدأت هذه الشبكة باستيراد الديزل المكرر من سوريا وروسيا وإيران، وهي دول خاضعة لعقوبات دولية، لكن تم تمريره عبر تركيا والمغرب لتغيير بيانات منشأه، ما سمح بإدخاله لإسبانيا تحت "أعلام مزيفة"، وواجهت عدة شركات اتهامات باستيراد هذا الوقود من المغرب لأنه أرخص لكونه روسي الأصل، وجرى إقصاء بعضها أو ملاحقتها قضائيًا.
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا، زادت واردات إسبانيا من الوقود من دول لم تكن تستورد منها سابقا، خاصةً من المغرب وسنغافورة وتركيا، وفق ما أورده التقرير، وفي منتصف 2023، ناقلة عن المدير التنفيذي لشركة "إيكسوليوم" النفطية، خورخي لانزا، أن الحكومة الإسبانية "لا تملك وسيلة لمعرفة ما إذا كان الديزل القادم من تركيا روسيًا في الأصل".





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :