فرار هوليودي للجنرال "الجن" يضع تبون وشنقريحة في مأزق.. "عُلبة أسرار" المخابرات الجزائرية يصل إلى إسبانيا بعد أشهر من وضعه رهن الإقامة الجبرية

 فرار هوليودي للجنرال "الجن" يضع تبون وشنقريحة في مأزق.. "عُلبة أسرار" المخابرات الجزائرية يصل إلى إسبانيا بعد أشهر من وضعه رهن الإقامة الجبرية
الصحيفة - محمد سيدي عبد الله
الجمعة 19 شتنبر 2025 - 17:05

زلزال أمني واستخباراتي ذاك الذي خلفه فرار الجنرال عبد القادر حداد، الشهير بـ"ناصر الجن"، من الجزائر إلى إسبانيا، عبر زورقة للهجرة غير النظامية، وهو الذي كان يوجد رهم الإقامة الجبرية بعد إعقائه من مهامه السابقة كمدير عام للأمن الداخلي، في ماي الماضي، ما يجعله علبة أسرار استراتيجية يخشى النظام أن تُفتح.

بدأت مؤسسة الجيش الجزائري، التي تعد العمود الفقري للنظام، منذُ أمد، حملة غير مسبوقة لملاحقة كبار الضباط، من أركان الجيش وأجهزة المخابرات والحرس الجمهوري وسلاح الدرك الوطني، وقد أودع العديد منهم السجن بتهم تراوحت بين الفساد و"التآمر على الدولة و"التخابر مع جهات أجنبية"، غير أن الجنرال ناصر الجن استطاع الفرار من هذا المصير.

وفي ظل تزايد الاعتقالات التي طالت أصحاب البزات المزركشة، عاشت العاصمة الجزائر منذ صباح الخميس حالة تأهب حذر، بعد تأكد فرار ناصر الجن، من الإقامة الجبرية التي كان يخضع لها، وذلك بعد نحو 4 أشهر من استبداله بعبد القادر آيت واعرابي، الشهير بـ"الجنرال حسان"، على رأس الإدارة التي تمثل قسم الاستعلامات الداخلية بجهاز المخابرات العسكرية.

ناصر الجن، الذي رُقّي إلى رتبة جنرال قبل أربع سنوات، كان قد عاد من منفاه الإسباني الذي لجأ إليه إثر حملة "التطهير" التي أطلقها الفريق الراحل أحمد قايد صالح صيف 2018، وقد أوكلت إليه بدايةً مهمة الإشراف على مركز "عنتر" سيء السمعة، قبل أن يُعيَّن في يونيو من عام 2024 على رأس المديرية العامة للأمن الداخلي، الجهاز الأهم في المخابرات الجزائرية.

ويعتبر "ناصر الجن"داخل أروقة النظام بمثابة "اليد السوداء"، بالنظر إلى ارتباط اسمه بملفات اختطاف واغتيالات استهدفت معارضين بارزين داخل البلاد وخارجها خلال سنوات العشرية السوداء، كما ورد اسمه في تقارير تتعلق بمحاولات اختطاف المعارض هشام عبود في إسبانيا، وأمير بوخرص المعروف بـ"أمير دي زاد" في فرنسا، في إطار مساعٍ نُسبت للنظام لإسكات الأصوات المعارضة في الخارج.

وتشير الوقائع إلى أن حداد سبق أن لجأ إلى إسبانيا عقب إقالته من منصبٍ حساس، قبل أن يعود ليشغل موقع مدير المخابرات الداخلية بعد وفاة رئيس الأركان قايد صالح، غير أن فراره اليوم يطرح أسئلة عميقة حول خلفياته ودلالاته، خصوصًا في ظل الصراعات التي تعصف بدوائر القرار، والتي أطاحت بعدد من كبار الجنرالات والمسؤولين الأمنيين خلال السنوات الأخيرة.

الأزمة الراهنة تتقاطع مع واقع سياسي وعسكري مضطرب، فوفق مُعطيات حديثة يقبع نحو 155 ضابطًا ساميًا في سجن البليدة العسكري، من بينهم 60 جنرالًا، و10 جنرالات ركن، و85 عقيدًا، وهي أرقام غير مسبوقة تثير جدلًا واسعًا حول دوافع هذه الاعتقالات، بين من يفسرها بصراعات الأجنحة ومن يعتبرها وسيلة لتصفية المعارضة داخل المؤسسة.

وخلال العام الماضي وحده، أُدين خمسة من كبار الضباط، وهو اللواء بوجمعة بودواور، مدير الشؤون المالية بوزارة الدفاع، واللواء عبد الرزاق شريف، قائد الناحية العسكرية الرابعة، واللواء سعيد باي، قائد الناحية العسكرية الثانية، إضافة إلى اللواء عبد الغني هامل، قائد الحرس الجمهوري والمدير العام السابق للشرطة، واللواء مناد نوبة، قائد سلاح الدرك. وقد صدرت بحقهم أحكام بالسجن 15 عامًا في قضايا فساد كبرى، بينها "الثراء الفاحش" و"استغلال الوظيفة"، فيما حوكم اللواء هامل أمام القضاء المدني الذي أدان أيضًا زوجته وأبناءه الثلاثة.

وبالتزامن مع هذه التطورات، ترأس الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اجتماعًا للمجلس الأعلى للأمن، وفق ما جاء في بيان للرئاسة، وكان تبون نفسه قد اشتكى يومًا من كثرة الملاحقات القضائية التي تفتح بناء على رسائل مجهولة، معتبرًا أنها تشل عمل المسؤولين وتمنعهم من اتخاذ القرارات الضرورية.

الإعلام الرسمي والخاص، ومعه مؤسسات الدولة، أيضا ساهموا في تكريس حالة فقدان الثقة لدى الجزائريين، وهو ما يجعل الأحداث الحالية أبعد من مجرد صراع على السلطة داخل المؤسسة العسكرية. ويرى متتبعون للشأن المغاربي أن الحالة المرتقبة تعكس محاولة النظام الامتصاص الغضب الشعبي المتصاعد، وصرف الأنظار عن أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة.

وتقع الجزائر اليوم أمام مفترق طرق حاسم، إذ تتزايد الضغوط الداخلية والخارجية على النظام، وتتعمق الهوة بين الشارع ومؤسساته، بما في ذلك مؤسسة الرئاسة التي "تتقاسم" السلطة مع مؤسسة الجيش وقائدها الفريق أول السعيد شنقريحة، الذي يُنظر إليه كمتحكم فعلي في دواليب النظام، خصوصا بعد أن أُضيف له منصب حكومي، كوزير منتدب في الدفاع منذ نونبر 2024.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...