في مثل هذا اليوم من سنة 1921.. الجيش الإسباني بدأ في حفر قبره في أنوال بشمال المغرب

 في مثل هذا اليوم من سنة 1921.. الجيش الإسباني بدأ في حفر قبره في أنوال بشمال المغرب
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
الأحد 17 يوليوز 2022 - 17:40

تسترجع إسبانيا انطلاقا من هذا اليوم، 17 يوليوز، الذكرى الأكثر رعبا في تاريخ جيشها في التاريخ الحديث، وهي ذكرى معركة أنوال التي تصفها كل المصادر الإسبانية بـ"كارثة أنوال" أو "مأساة أنوال" التي مر عليها الآن قرن وسنة واحدة، حيث كانت قد وقعت في يوليوز 1921م.

وحسب المصادر التاريخية، فإن المعركة بدأت في 17 يوليوز 1921 في أماكن متفرقة بضواحي منطقة أنوال في شمال المغرب، وانتهت بشكل شبه رسمي بانهزام الجيش الإسباني في 21 يوليوز من ذات السنة في سهل أنوال، ليتم الإعلان عن انتصار المجاهدين المغاربة على الجيش الإسباني انتصارا سحيقا صعق إسبانيا ووصل صداه إلى العالم كله، لتتحول فيما بعد معركة أنوال إلى مرجع للكثير من الحركات الثورية التي ظهرت خلال القرن العشرين.

ففي مثل هذا اليوم، كان الجيش الإسباني المكون من 25 ألف جندي بقيادة الجنرال مانويل فيرنانديز سلفستري يصير نحو حتفه المحتوم نحو أنوال، حيث سيواجه جيش المقاومة المغربية بقيادة محمد بن عبد الكريم الخطابي هناك، بعدما كان تعتقد إسبانيا أن جيشها سيعمل أخيرا على إنهاء "تمرد الريفيين" وبالتالي إرساء الاستعمار الإسباني في شمال المغرب بشكل نهائي، لكن نتيجة المعركة لم تكن متوقعة بل صادمة.

الخبر الصاعق الذي تناولته الصحف الإسبانية والدولية بعد المعركة تجلى في العدد المهول من القتلى في صفوف الجيش الإسباني، حيث سقط أكثر من 12 ألف جندي، بما فيهم الجنرال القائد للجيش الإسباني سلفستري، فيما فر بضعة آلاف عائدين إلى مليلية التي كانت بدورها قاب قوسين أو أدنى من السقوط في يد قوات محمد بن عبد الكريم الخطابي لولا تراجعه بسبب ما وصفه في مذكراته بخشية "تعقيدات دولية"، وقد أعرب فيما بعد عن ندمه على عدم تحريرها.

وكشف محمد بن عبد الكريم في مذكراته عن حجم الخسارة التي كبدها للجيش الإسباني بإظهار ما غنمته المقاومة المغربية الريفية من هذه المعركة حيث قال "ردت علينا هزيمة أنوال 200 مدفع من عيار 75 أو 65 أو 77، وأزيد من 20000 بندقية ومقادير لا تحصى من القذائف وملايين الخراطيش، وسيارات وشاحنات، وتموينا كثيرا يتجاوز الحاجة، وأدوية، وأجهزة للتخييم، وبالجملة، بين عشية وضحاها وبكل ما كان يعوزنا لنجهز جيشا ونشن حربا كبيرة، وأسرنا 700 أسير، وفقد الإسبان 15000 جندي ما بين قتيل وجريح ".

وكانت هذه "الغنائم العسكرية"من الأسباب التي أدت إلى تقوية شوكة المقاومة المغربية في الريف وأدامتها إلى غاية سنة 1926، أي حتى اضطرار إسبانيا للتحالف مع فرنسا للقضاء على مقاومة محمد بن عبد الكريم الخطابي، تفاديا لتعاظم نفوذه، فاستُعملت شتى الطرق والوسائل القانونية وغير القانونية للإطاحة به، ولازالت تقارير ومصادر تاريخية إلى اليوم تتحدث عن استعمال مواد كيماوية سامة لإجبار زعيم الريف على الاستسلام.

تداعيات معركة "أنوال" كانت كبيرة جدا على إسبانيا، وغيرت ملامح مشهدها السياسي والعسكري بشكل بالغ، وأدت إلى سقوط الملكية في البلاد سنة 1926، واشتعال حرب أهلية دامت لعدة سنوات، انتهت بتولي الجنراف فرانشيسكو فرانكو للحكم في إسبانيا بالاعتماد على العديد من القوات المغربية.

وعلى المستوى الدولي، فإن التكتيك العسكري الذي استعمله محمد بن عبد الكريم الخطابي، المعروف حاليا بـ"حرب العصابات" أصبح مرجعا للكثير من الحركات الثورية والتحررية، مثل الحركات التحررية في أمريكا اللاتينية وآسيا وإفريقيا، وقد سار على نهج محمد بن عبد الكريم الخطابي أسماء معروفة، كهوشي منه، وتشي غيفارا وعمر المختار وغيرهم.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...