تصنيف البوليساريو "منظمة إرهابية".. أقوى أوراق الضغط في يد إدارة ترامب لمُحاصرة الجزائر إذا رفضت إنهاء صراعها مع المغرب

 تصنيف البوليساريو "منظمة إرهابية".. أقوى أوراق الضغط في يد إدارة ترامب لمُحاصرة الجزائر إذا رفضت إنهاء صراعها مع المغرب
الصحيفة - حمزة المتيوي
الخميس 30 أكتوبر 2025 - 21:09

مع وصول ملف الصحراء إلى محطة حاسمة، ستُمثل، بشكل عملي، نُقطة النهاية للطرح الانفصالي داخل المنتظم الدولي، إذا ما صادق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مشروع القرار الأمريكي في غضون الساعات القادمة، أصبحت الخيارات المستقبلية أمام الجزائر محدودة، لكنها أكثرُ وضوحاً، في ظل الضغط المتزايد من طرف واشنطن التي لا تريد أن تتحول المنطقة المغاربية إلى فضاء جديد للصراع المسلح.

المعلومات التي تسربت عن مشروع القرار الجديد بخصوص الصحراء، وما تلاها من تعديلات، تشي بأن جوهر القرار القادم، الذي سيتم التصويت عليه يوم غد الجمعة على أبعد تقدير، اختارَ الحسم في مقترح الحكم الذاتي المغربي كأساس واقعي وحيد للتفاوض، وهو ما يعني، بمجرد تبنيه، أن الوضع القانوني للصحراء سيتغير تماما، وسيُصبح المغرب، بسَنَدٍ أُممي، صاحب السيادة على جزء من أراضيه.

الثابت أن هذه "النهاية" ليست هي التي كانت تتمناها الجزائر بعد 50 عاما كاملة من الصراع، لكن إدارة الرئيس دونالد ترامب لا تُبدي أي حماس لإطالة أمد النزاع أكثر من ذلك، بل تضع على طاولة البلدين المغاربيين خيار "التفاوض" داخل نطاق زمني مُحدد، من أجل الوصول إلى "اتفاق سلام" في غضون أشهر لا سنوات، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا بالتنزيل الفعلي لاعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء.

الملاحظ، خلال الأسابيع الماضية، ومع اقتراب صدور القرار الجديد لمجلس الأمن، أن الإدارة الأمريكية أعادت قضية الصحراء إلى أولوياتها، في اتجاه حسم الملف بشكل نهائي، وهي لا تفوت أي فرصة للتأكيد على هذا المسار، بل تذهب أبعد من ذلك حين تُصر على ضرورة جلوس المغرب والجزائر تحديدا إلى طاولة التفاوض من أجل الوصول إلى حلول لتصفية خلافاتهما المتراكم منذ عقود.

يتضح ذلك، من خلال الاستماع إلى تصريحات ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية من أجل السلام في الشرق الأوسط، خلال استضافته في برنامج "60 دقيقة" على شبكة CBS، بتاريخ 16 أكتوبر 2025، حيث أكد أن إدارة ترامب تعمل حاليا على الوصول إلى اتفاق سلام بين المغرب والجزائر، متوقعا أن يحدث ذلك داخل أجل 60 يوما، في إطار ما اعتبره "عدوى السلام" التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط.

آخر تأكيد جاء على لسان مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية والعربية، خلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية" يوم 27 أكتوبر 2025، حيث علق على تصريحات ويتكوف قائلا: "هو يتحدث من الزاوية المتعلقة بالصحراء، والتي هي موضوع مهم جدا، ونحن نعلم أنه عندما يكون هناك حل دائم ونهائي لهذه الصراع، سيصير حل النزاع بين البلدين أسهل بكثير".

المُستفاد من كلام بولس، بدون كثير من التأويل، هو أن واشنطن تريد طي ملف الصحراء نهائيا عن طريق دعم مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية، كمدخل لإنهاء الخصومة المزمنة بين الرباط والجزائر، لذلك وصف اجتماع مجلس الأمن المقبل بأنه "استحقاق مهم جدا، لأننا في السنة الخمسين من عمر الصراع"، مضيفا أن العمل يتم الآن "مع جميع الشركاء والحلفاء، ولاسيما المغاربة والجزائريين".

مستشار الرئيس الأمريكي أكد أن العمل على هذا الموضوع يتم بشكل يومي، حتى مع الجزائريين، على حد تعبيره، من أجل التوصل إلى قرار في مجلس الأمن "يُرضي الجميع قدر الممكن"، لكنه يسترسل قائلا: "من الصعب أن ترضي الجميع، ونحن نعرف أن هذه الأمور حساسة جدا وصعبة جدا"، مبرزا أن العمل مع أعضاء مجلس الأمن يتم على أساس الوصول "إلى لغة تقرب وجهات النظر".

الأهم بعد كل ذلك، ووفق ما جاء على لسان بولس أيضا، هو المرور إلى المرحلة الموالية التي تحدث عنها ويتكوف، وهي "الحل الشامل بين البلدين"، وفي خضم ذلك، فإن موقف واشنطن من ملف الصحراء لن يتغير و"لا رجوع عنه"، فالرئيس ترامب أعلن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء ضمن طرح مقترح الحكم الذاتي، وحث الفريقين على التفاوض من أجل الوصول إلى حل مقبول لهما في أسرع وقت ممكن، مفسرا أن ما يجب الاتفاق عليه هو "التفاصيل ضمن الطرح المغربي".

وإذا كانت كل المؤشرات توحي بأن اتخاذ مجلس الأمن لقرار حاسم بخصوص مستقبل الصحراء، ينتصر بشكل كبير للطرح المغربي، بدعم علني من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، فإن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو "ماذا بعد؟".

فالجزائر، وخلفها جبهة "البوليساريو" الانفصالية التي تستمد تمويلها وغطاءها السياسي من قصر المرادية، لا تُظهران إلى الآن أي رغبة في طي صفحة النزاع حول الصحراء عبر الحكم الذاتي، على اعتبار أن السيادة المغربية على المنطقة، بأي صيغة كانت، تمثل "هزيمة تاريخية" لمُعسكرهما بعد حروب عسكرية ودبلوماسية استمرت لخمسين عاما.

وهنا تبرُز أوراق لعب أخرى بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فبولس سبق أن أكد، من خلال حوار مع قناة "الشرق" في 16 أكتوبر الجاري، أن الولايات المتحدة ستفتتح القنصلية التي تعهد بها ترامب في الداخلة، قبل متم ولايته الحالية، وهو تعهُّد يعود إلى نهاية الولاية الأولى لترامب، إلا أن تنفيذه ظل مجمدا في عهد الرئيس جو بايدن رغم عدم التراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء.

وقبل ذلك، في 25 شتنبر، أعلن نائب وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لانداو، إثر مباحثات أجراها في نيويورك مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، أن إدارة ترامب قررت تشجيع استثمارات الشركات الأمريكية في الصحراء، باعتبارها جزءا من المغرب، وهو أمر قد يمر من خانة التعهد إلى خانة التطبيق دون انتظار جلوس الجزائر ومعها "البوليساريو" إلى طاولة التفاوض.

لكن الورقة الأقوى التي يمكن لإدارة ترامب أن تستخدمها، في حال ما تجاهلت الجزائر الدعوات الأمريكية للتفاوض مع المغرب والوصول إلى حل عملي، هي تصنيف جبهة "البوليساريو" كمنظمة إرهابية، ما سيعني، ضمنيا، أن هذا البلد المغاربي سيدخل في خصومة علنية مع واشنطن، باعتباره يستضيف "إرهابيين" على أراضيه ويمولهم ويُسهل حصولهم على الأسلحة.

المسار التشريعي لهذه الخطوة، انطلق بالفعل قبل أشهر، وتحديدا في يونيو الماضي، حين قام عُضوا مجلس النواب الأمريكي، جو ويلسون عن الحزب الجمهوري، وجيمي بانيتا عن الحزب الديمقراطي، بوضع مقترح قانون لدى "الكونغرس" من أجل تصنيف جبهة "البوليساريو" كمنظمة إرهابية أجنبية، استنادا إلى علاقاتها مع روسيا وإيران وحليفتها "حزب الله".

هذا الأمر، إن وصل بالفعل إلى محطته النهائية، وتحول إلى تشريع رسمي، سيعني أن الجزائر ستُصبح دولة "راعية للإرهاب"، كما أن جميع العمليات التي تقوم بها ميليشيات "البوليساريو" في الصحراء انطلاقا من أراضيها، ستصبح، بالنسبة للإدارة الأمريكية "جرائم إرهابية"، لكن امتدادات ذلك قد تصل إلى دول ومنظمات أخرى، إذ كيف يمكن، مثلا، أن يتعامل الاتحاد الأوروبي مع "كيان إرهابي" من منظور حليفه الأمريكي؟

ما يجب قوله للإسبان في مدريد؟

في الوقت الذي تعقد فيه الحكومة الإسبانية ونظيرتها المغربية، اليوم الخميس، بمدريد الدورة الثالثة عشرة من الاجتماع الرفيع المستوى، مع ما يعكس ذلك من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...