كذب على الهواء مُباشرة.. قناتان تونسيتان تبُثان معطيات زائفة حول كأس إفريقيا بالمغرب وسط علامات استفهام حول الدوافع؟
لأسباب لها ارتباط، غالبا، بالصراع السياسي، وأحيانا، بالرغبة في خلق التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، رافقت كأس إفريقيا للأمم 2025 المنظمة في المغرب العديد من الأخبار الزائفة والصور والفيديوهات المفبركة، لكن ما صدر عن قناتين تونسيتين مساء أمس الثلاثاء، أعطى إشارات جديدة على وجود تضليل إعلامي ممنهج صادر عن هذا البلد المغاربي الذي توترت علاقاته بالرباط منذ أكثر من 3 سنوات.
وبالتزامن مع المباراة الأولى للمنتخب التونسي في دور المجموعات، التي جرت على أرضية الملعب الأولمبي بالرباط، وانتهى بفوز "نسور قرطاج" بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، قدم مراسلا قناتي "الحوار التونسي" و"الوطنية الأولى" معطيات كاذبة على المباشر.
مراسل قناة "الحوار التونسي"، حمزة الطياشي، فاجأ الجميع يوم أمس بزعمه أن التيار الكهربائي انقطع عن الملعب الأولمبي، متحدثا عن "وجود مشاكل بالجملة قبل انطلاق المباراة، كما زعم أن الملعب الذي يتسع لـ21 ألف متفرج "صغير" وفيه الكثير من المشاكل ولا يمكن للجماهير أو الصحافيين إيجاد مكان للاختباء، وادعى أن الإعلاميين يشتغلون "بطرقهم الشخصية".
واحد قاليهم الضو مقطوع (والشاشات شاعلين موراه) و الثاني قاليهم الملعب الأولمبي بعيد على الرباط 🇲🇦 ب25 كلم
— سعادة السفيرⵣ🎩 (@MLYMEHDIIi) December 24, 2025
واضح إن إعلام ولاية تونس الجزائرية بدا الحملة ديالو#TotalEnergiesAFCON2025 #AFCON2025 pic.twitter.com/D8aGeFzsUz
المراسلة "تطوع" للحديث عن صحافيين آخرين قال إنهم "لا يشتغلون في ظروف طيبة"، وأنهم "غير مرتاحين" في ظروف العمل، مضيفا "ما نحكيلكش على المشاكل اللوجيستية ملِّي بدات الكان في المغرب من تنقلات صحافيين وغيرو من برشة حاجات قاعد يتعرضلها الطواقم الإعلامية في العمل".
القناة عرضت المراسلَة على المباشرة ثم نشرتها عبر منصات التواصل الاجتماعي تحت عنوان يتحدث عن "الظروف الصادمة" لاشتغال الصحافيين، لكن المفاجأة التي لم تكن تتوقعها هي ظهور فيديو آخر من القاعة نفسها التي تحدث منها صحافيها، تُظهر أن الكهرباء كانت موجودة والأجهزة الإلكترونية مثل التلفزيونات والحواسيب الثابتة ومصابيح "الليد" تعمل بشكل طبيعي.
وتأكيدا للنوايا السيئة للمراسل التونسي، أظهر الفيديو أنه اختار عمدا زاوية مظلمة ووضع المصور كشاف الإضاءة على وجهه ليبدو وكأنه يتحدث أثناء انقطاع الكهرباء، وهو أمر نفته تدوينات للعديد من الصحافيين الذين كانوا في القاعة نفسها، والذين استغربوا المستوى المهني والأخلاقي للمعني بالأمر.
ما حدث، وفق تلك التدوينات، هو أن الصحافي التونسي أتى متأخرا وصعب عليه إيجاد مقعد في المنطقة المختلطة، لـ"ينتقم" من المنظمين بطريقته، الأمر الذي وضع قناة "الحوار" في حرج، ودفعها، وفق ما عاينت "الصحيفة" قبل قليل، إلى حذف فيديو المراسلة من صفحتها على "الفيسبوك"، لكن دون إصدار أي توضيح أو اعتذار، كما تنص على ذلك أعراف الممارسة المهنية.
في ذات السياق، تحدث مراسل القناة الوطنية التونسية الأولى، وهي قناة عمومية، عن معطى "خيالي" آخر، عندما قال إن الملعب الأولمبي يبعد عن مركز الرباط بـ25 كيلومترا، والحال أنه بواسطة منصات الخرائط يمكن التحقق من أن المسافة في حدود 9 كيلومترات.
الصحافي نفسه تحدث عمن وصفها بـ"النقطة السوداء"، وقال إنه "يلوم" التنظيم على ذلك، على اعتبار أن الملعب غير مغطى بالكامل، والحال أنه لم تُجر سابقا أي بطولة في كأس إفريقيا على ملاعب كلها مغطى، بل إن المغرب صنع الاستثناء بتقديم 5 ملاعب مغطاة بالكامل من بين 9، علم أن كأس العالم 2026 نفسه سيُجرى في العديد من الملاعب الأمريكية غير المغطاة.
ويفرض هذا التعامل من الإعلام التونسي، طرح العديد من علامات الاستفهام حول دوافع نشر معطيات كاذبة عبر قنوات تلفزيونية تحظى بالمشهدة، وبالتزامن مع مباراة المنتخب، إذ أحيانا ما تكون وراء تصرفات الصحافيين أسباب ذاتية، لكن أيضا تُطل السياسة برأسها مرة أخرى، بسبب حالة التباعد بين المغرب وبين تونس في عهد الرئيس قيس سعيد، المقرب كثيرا من الجزائر.




