مجلس الأمن يدعو الجزائر والبوليساريو للمشاركة في العملية السياسية دون تحفظات والالتزام بوقف اطلاق النار

 مجلس الأمن يدعو الجزائر والبوليساريو للمشاركة في العملية السياسية دون تحفظات والالتزام بوقف اطلاق النار
صبري لحو
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32

قدم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا إحاطة إلى مجلس الأمن مساء يوم أمس الثلاثاء في جلسة مغلقة.

وبالرغم من طابعها المغلق، فإن المتتبع للملف سيدرك ويعرف فحوى ومضمون مادار فيها وفقا للإطار القانون المحدد لها سلفا في الفقرتين العاشرة والأخيرة من قرار مجلس الأمن في متم أكتوبر من السنة الماضية.

فالمجلس دأب على اعطاء ترخيص دائم للأمين العام للأمم المتحدة لتقديم احاطة دورية حددها في منتصف ولاية تمديد بعثة المينورسو، أي ستة أشهر، وكذا تقديم احاطات كلما رأى ذلك ضرورية، طبقا للفقرة 11 من القرار 2703، إضافة إلى الفقرة الأخيرة 17 من نفس القرار، حيث يبقي مجلس الأمن المسألة قيد النظر، ويفهم من ذلك أن الاحاطة إجراء وآلية عادية وروتينية ومؤطرة قانونيا.

وإذا كان الأمر كذلك بخصوص الاجراء في حد ذاته، فإن السؤال ينتقل إلى مضمونها وجوهر أعمالها، وهو بدوره محدد في عمومية طلبات الاحاطات المطلوبة من قبل مجلس الأمن، والتي يحددها عادة باعداد تقرير يتناول حالة المفاوضات التي يرعاها وبالتقدم المحرز فيها.

وعن تنفيذ القرار 2703 وتقييمه لعمليات بعثة المينورسو والصعوبات والخطوات التي يتخذها للتصدي للتحديات، ويختلف مضمون تقرير الاحالة على تقرير دراسة الحالة الدورية التي يسبق قرار مجلس الأمن الخاص بتمديد مهام البعثة. بيد أن الذي يميز هذه الاحاطة وأصبغها بنوع من الهالة والخصوصية هو فشل المبعوث الشخصي نفسه في استناف العملية السياسية التي توقفت منذ 2019، ويسعى جاهدا للخروج من هذه الورطة بمحاولاته العثور على ضحية يحمله مسؤولية هذا العجز والفشل، لكون الوقت الطويل الذي انصرم منذ تعيينه خلفا لهورست كوهلر دون تحقيق نتيجة إيجابية ملموسة داهمه وأصبح اكراها يؤرقه ويحاول تجاوزه.

ويعزى استمرار هذا الفشل إلى الجزائر لتعنتها ورفضها الحضور مناقشات ومحادثات المائدة المستديرة، وتعبيرها له عن شكوكها حولها. وكذا ناتج عن استمرار البوليساريو في اعلانها عدم الالتزام باتفاقها مع الأمم المتحدة بوقف اطلاق النار وخرقها المستمر له واقرارها اليومي بذلك. إضافة إلى ذلك، فإن ما شد الانتباه لهذه الاحاطة هو انحراف المبعوث الشخصي نفسه، محاولاته احياء النهج المبتكرة للمبعوث الشخصي ما قبل السابق كريستوفر روس باستشارته في موضوع مهمته بطرف جنوب افريقيا غير المعني وغير المالك للصفة وليس من أصحاب المصلحة.

ورغم عدائه المعلن للمغرب، وملاءاته لخصومه في الجزائر والبوليساريو، ورغم أن المغرب استبق تلك الزيارة بتنبيه للمبعوث الشخصي ورفضه لذلك، دون أن يكترث الأخير. وهو ما فرض على المغرب تذكير المبعوث الشخصي أثناء زيارته الأخيرة للمغرب بلاءات الأخير الثلاث التي هي اطار العملية السياسية الأممي. ورغم ما يبدو من ظاهر التوجيه والتذكير المغربي، والذي قد تكيف أنه تحفظات وشروط مسبقة فهي ليست كذلك؛ إذ أن المباحثات الجماعية ليست شرطا مغربيا، بل هو أمر في بنود القرار الأممي موضوع الإحاطة والتنفيذ الحالي، الذي يعتبر الجزائر طرفا فيها ويدعوها للحضور فيها، وأن رفضها يعطي المغرب كطرف أساسي الحق في التمسك به وتذكير المبعوث الشخصي الأمين العام، ومجلس الأمن والدول أعضائه والدول أصدقاء الصحراء والمجتمع الدولي بذلك.

كما أن رفض المغرب للمناقشات بينما البوليساريو غير ملتزمة بوقف اطلاق النار الذي هو التزام أممي وشرط مبدئي وأساسي في تدشين وبداية العملية السياسية منذ 1991 وفي القبول بها. ولا يعتبر تحفظا وشرطها مغربيا. وهو نفس الوصف الذي ينسحب أيضا على تذكير المغرب للمبعوث الشخصي للأمين العام بمبادرته بالحكم الذاتي، التي أشهد المغرب والعالم أنها ذات المصداقية والواقعية والعملية، وتنطبق عليها كل نعوت توجيه مجلس الأمن الخاص بأوصاف الحل المطلوب الوصول إليه، ولا تكيف شرطا ولا تحفظا سيما وأن المغرب صرح للأمين العام أنه يقبل ببداية المناقشات والمباحثات المرتبطة بالخطوات العملية من أية مقترحات أو مبادرات أخرى يطرحها باقي الأطراف، خلافا لإصراره السابق عندما كان يتمسك بجعل مبادرته هي المنطلق والبداية.

وهذه ليونة مغربية تعبر عن دعم الأخير للعملية السياسية. ومن تم فإن احاطة المبعوث الشخصي للأمين العام حول الصحراء إلى مجلس الأمن دارت حول رفض الجزائر حضور المناقشات واعتبارها شأن ثنائي بين المغرب والبوليساريو. وشملت الاحاطة أيضا عدم التزام البوليساريو باتفاق وقف اطلاق النار، وخرقها له وقصفها للمدنيين في مدينة السمارة المغربية وخطورة ذلك. إضافة إلى الصعوبات التي تختلقها البوليساريو شرق الدفاع الأمني المغربي، وما ينتج عنه من تهديد وخطر أمني بسبب عرقلتها لعمل المينورسو في الاضطلاع بمهامها في مراقبة وقف اطلاق النار، وهو ما جعل المغرب يتحمل مسؤولية رد الفعل لحماية أمن مواطنيه وصيانة حقوقه.

كما انصبت الاحاطة على حصيلة زيارات المبعوث الشخصي لأصحاب المصلحة مثل أصدقاء الصحراء، وطلب من مجلس الأمن حثها على بذل مجهود مضاعف عبر الضغط على الأطراف لابداء الليونة وتقديم تنازلات لاستئناف مناقشات المائدة المستديرة المنحصرة. وهو ما يفسره استباق الخارجية الجزائري انعقاد جلسة الاحاطة واستقبال وزير خارجيتها للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، وكذا مساعد وزير الخارجية الأمريكي لينقل اليهما استعداد الجزائر لدعم العملية السياسية درءا لالقاء المسؤولية على الجزائر.

وهو ما يفسره أيضا اعلان بعثة مالطا الدائمة في مجلس الأمن دعوتها الأطراف إلى التعاون مع المبعوث الشخصي دون تحفظات وتركيزها على الدور الذي تلعبه المينورسو لتثبيت الاستقرار.

كوكب الجزائر

كثيرة هي الأمور التي يمكن استنتاجها من "معركة القميص" بين المغرب والجزائر، والتي هي في الحقيقة صدام بين فريق لكرة القدم يمثل مدينة مغربية صغيرة غير بعيدة عن الحدود الجزائرية، ...