مدريد تُسرّع تقاربها مع الرباط ونواكشط بعد تأزم العلاقات مع الجزائر
تسرّع إسبانيا مساعيها في الآونة الأخيرة لتمتين العلاقات مع المغرب وموريتانيا بشكل أكبر، في ظل تأزم العلاقات مع الجزائر، خاصة بعد قيام الأخيرة في الأيام الماضية بتعليق معاهدة الصداقة والتعاون بسبب موقف مدريد من قضية الصحراء وإعلان دعمها للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي للصحراء.
وتزامنا مع توقيع عدد من الاتفاقيات مع الرباط وتعزيز العلاقات في مختلف المجالات بين البلدين، تتجه مدريد نحو تقوية العلاقات أيضا مع موريتانيا، حيث أعلنت الحكومة الإسبانية عن عرض معاهدة "الصداقة وحسن الجوار والتعاون" مع موريتانيا على البرلمان من أجل المصادقة عليها.
وحسب ما أوردته أوربا بريس بشأن هذا الموضوع، فإن المجلس الحكومي سيقدم المعاهدة المذكورة على البرلمان للموافقة عليها وإدخالها حيز التنفيذ، وقد أعربت الحكومة الإسبانية عن تفاؤلها من هذه المعاهدة واصفة إياها بـ"النقلة النوعية" في العلاقات بين مدريد ونواكشوط.
وتأتي هذه الخطوة الإسبانية بعدما أعلنت موريتانيا عن مصادقة مجلس وزرائها يوم الأربعاء الماضي، على معاهدة "الصداقة وحسن الجوار والتعاون" مع إسبانيا، التي كانت قد تم الاتفاق بشأنها في يوليوز 2008 بين البلدين.
وقال بيان لمجلس الوزراء الموريتاني، إن هذه المعاهدة تنص "على وضع إطار للتشاور السياسي بين البلدين، وذلك عبر اجتماع دوري عالي المستوي، وتشجيع وتفعيل التعاون الاقتصادي والمالي بين الطرفين، وكذلك التعاون في مجال الدفاع، وذلك بالاستناد الي اتفاق التعاون في هذا المجال الموقع سنة 1989".
وحسب البلاغ الذي نشرته وسائل إعلام موريتانية، فإن هذه المعاهدة تشجع "على التعاون من أجل التنمية عبر اللجنة المشتركة في مجالات الحكامة الديمقراطية والتنمية المؤسساتية وبناء السلم وتلبية الاحتياجات الاجتماعية، والتعاون في مجال الأمن الغذائي، ومكافحة المجاعة، والتعليم، والثقافة، والصحة، إضافة الى التعاون في المجال القانوني، والشؤون القنصلية، والهجرة، وتنقل الأشخاص ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، وتهريب المخدرات".
وتأتي خطوة مصادقة مجلس الوزراء الموريتاني على معاهدة الصداقة والتعاون مع إسبانيا على بُعد أيام فقط من إقدام الجزائر على تعليق معاهدة مماثلة مع مدريد، كرد فعل غاضب تُجاه تجديد الحكومة الإسبانية دعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء.
وجاء القرار الجزائري المثير للجدل، عشية يوم الأربعاء 8 يونيو الجاري، على بُعد ساعات من حضور رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى البرلمان للرد على أسئلة أحزاب المعارضة بشأن الاتفاقيات المبرمة مع المغرب التي أدت إلى استئناف العلاقات الثنائية بعد أزمة دبلوماسية حادة على اثر استقبال إسبانيا لزعيم الجبهة الانفصالية "البوليساريو" للعلاج من إصابته بفيروس كورونا العام الماضي.
وجدد سانشيز في البرلمان دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي المغربي لإنهاء نزاع الصحراء، وهو الأمر الذي أثار غضب الجزائر ودفعها إلى اتخاذ قرارات مضادة لمدريد، وكان أول قرار هو تعليق العمل بمعاهدة "الصداقة وحسن الجوار والتعاون" مع إسبانيا، وهو الاتفاق المبرم بين البلدين منذ سنة 2002.
وفي الوقت التي تعرف العلاقات الجزائرية الإسبانية تأزما متصاعدا، فإن العلاقات بين المغرب وإسبانيا تعرف تحسنا ملحوظا، وهو نفس الأمر ينطبق على العلاقات بين إسبانيا وموريتانيا.