مدير البسيج: البوليساريو تحوّلت إلى خزّان للتطرف.. ومخيمات تندوف أصبحت ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية
كشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الشرقاوي حبوب، عن تصاعد القلق الأمني في منطقة الساحل، نتيجة التداخل الخطير بين الحركات الانفصالية والجماعات الإرهابية، مشيرا بشكل مباشر إلى وجود ارتباطات واضحة بين جبهة البوليساريو والتنظيمات المتطرفة الناشطة في المنطقة.
وأورد المسؤول الأمني المغربي، في حوار خص مع مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أن منطقة الساحل أصبحت، في ظل هشاشة الأوضاع الأمنية وغياب الرقابة الفعالة على الحدود، ملاذًا آمنا للعديد من التنظيمات الإرهابية، التي باتت تضم في صفوفها عناصر تنتمي إلى البوليساريو، كاشفا أن ما يقارب 100 عنصر من منتسبي الجبهة قد التحقوا فعليا بصفوف جماعات متشددة تنشط في تلك المنطقة الشاسعة.
وأبرز حبوب، أن هذا التقاطع بين النزعة الانفصالية والإرهاب لا يشكل فقط تهديدا مباشرا للدول المعنية، بل يفتح الأبواب أمام موجة جديدة من عدم الاستقرار والفوضى العابرة للحدود، كما حذر من أن هذا التداخل يسهل أنشطة التهريب بمختلف أشكالها، ويُضعف سيادة الدول الهشة، ممهدا الطريق أمام العمليات الإرهابية الدموية.
واستشهد حبوب في هذا السياق بـ"عدنان أبو الوليد الصحراوي"، أحد أبرز قادة الجماعات المتطرفة في الساحل، والذي كانت له صلات سابقة بالبوليساريو، قبل أن يصبح لاحقا العقل المدبر لعدد من العمليات الإرهابية الدامية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وعندما سُئل حبوب عمّا إذا كانت الأجهزة الأمنية المغربية تملك أدلة ملموسة بشأن الصلة بين البوليساريو والجماعات الإرهابية في الساحل، أكد بشكل قاطع أن مخيمات تندوف باتت تشكل بؤرة للتطرف ومأوى حقيقيا لعناصر متشددة، مشيرا إلى أن شباب هذه المخيمات هم الفئة الأكثر عرضة للتجنيد من طرف التنظيمات الإرهابية، في ظل غياب الأمل، وغياب بدائل اقتصادية واجتماعية.
وأوضح أن هذا الترابط بين الانفصال والتطرف لم يبق في إطار التحذير النظري، بل تُرجم على أرض الواقع إلى أعمال تخريبية وهجمات مسلحة استهدفت عددا من دول المنطقة، ما يفرض، بحسبه، قراءة أمنية معمقة لطبيعة التحولات التي تعرفها الجبهة الانفصالية.
ولم يكتف مدير الـ BCIJ بالتحليل النظري، بل قدم معطيات ميدانية تؤكد ما ذهب إليه، مشيرًا إلى أن العديد من القضايا الأمنية عالجتها المصالح المغربية كشفت بشكل واضح هذا الارتباط. من بين أبرزها، تورط الانفصالي عمر ولد حماها في عمليتي اختطاف لرعايا أجانب سنة 2008 و2011، لصالح تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، توقيف شاب من مواليد مخيمات تندوف في مدينة العيون سنة 2018، كان قد تم تجنيده من طرف إمام متطرف داخل المخيمات وكان يخطط لتنفيذ هجمات إرهابية في المغرب، وتفكيك عدة خلايا إرهابية خلال الفترة ما بين 2008 و2015، منها، خلية "المرابطون الجدد" التي ضمت انفصاليين، وخلية "جبهة الجهاد الصحراوي" التي كانت تخطط لتخريب خطوط السكك الحديدية وضمت مقربين من البوليساريو، وخلية "جنود الخلافة بالمغرب – ولاية العيون" التي كانت تتأهب لتنفيذ أعمال مسلحة في الصحراء.
وفي تحليله لأبعاد هذه الظاهرة، شدد حبوب على أن الانفصالية لم تعد مجرد مشروع سياسي انفصالي، بل تحولت إلى "ذريعة أيديولوجية وخزّان للتجنيد" تستغله التنظيمات الإرهابية لتغذية صفوفها بعناصر من الشباب التائه والناقم، وهو ما يمثل تهديدا مباشرا للأمن القومي المغربي وللمنطقة ككل.
واعتبر أن خطورة هذا الواقع تتجاوز حدود المغرب، لتشمل دول الجوار، والمنطقة الساحلية الإفريقية، بل وتمتد إلى المجتمع الدولي برمته، ما يفرض، بحسبه، تدخلاً دوليًا عاجلاً لمواجهة الخطر الداهم الذي تمثله مخيمات تندوف التي تحولت إلى بيئة خصبة للتطرف.
وعن سؤال حول ما إذا كان من الممكن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية، أجاب حبوب بحذر ديبلوماسي أن هذا القرار يبقى من صلاحيات الدول ذات السيادة، لكنه أكد بصفته مسؤولاً أمنياً أن "الوقائع واضحة"، مشددًا على أن عددا من القضايا الإرهابية التي تم التعامل معها في السنوات الماضية تُظهر تورطا مباشرا لعناصر من الكيان الانفصالي في الإرهاب، ما يعكس أن الجبهة فقدت السيطرة على جزء كبير من شبابها، الذين أصبحوا فريسة سهلة بين أيدي التنظيمات المتطرفة.




