مراسلون بلا حدود: أخنوش يستخدم قوته المالية للتأثير على الصحافة المغربية ووهبي كثَّف متابعاته للصحافيين مع اقتراب الانتخابات

 مراسلون بلا حدود: أخنوش يستخدم قوته المالية للتأثير على الصحافة المغربية ووهبي كثَّف متابعاته للصحافيين مع اقتراب الانتخابات
الصحيفة - ح. المتيوي - خ. اجعيفري
الجمعة 2 ماي 2025 - 21:00

أصدرت منظمة "مراسون بلا حدود" تقريرها السنوي حول أوضاع الصحافة في العالم، وكانت النقطة الإيجابية فيه بالنسبة للمغرب هي ارتقاؤه من الرتبة 129 في تصنيف 2024 إلى الرتبة 120 في تصنيف 2025، لكنه مع ذلك ظل بعيدا عن العديد من البلدان الإفريقية، في حين حضر رئيس الحكومة عزيز أخنوش ووزير العدل عبد اللطيف وهبي كنقطتين سلبيتين في التقرير.

وعلى المستوى المغاربي حلت موريتانيا في الرتبة الأولى والـ50 عالميا رغم تراجعها بـ17 مرتبة مقارنة بالسنة الماضية، ثم المغرب في الرتبة الثانية والـ120 عالميا، تليه الجزائر في المركز 126 وتونس في المركز 129 وليبيا في الرتبة 137، أما إفريقيًا فحلت جنوب إفريقيا في الرتبة الأولى قاريا والـ 27 عالميا، ثم بوتسوانا الـ28 والغابون في الرتبة الـ 41، كما تفوقت دول أخرى على المغرب مثل السنغال والكوت ديفوار وغانا والنيجر.

وأورد التقرير الخاص بالمغرب أن تعدُّدية الصحافة المغربية "تبدو مجرد واجهة، إذ لا تعكس وسائل الإعلام تنوع الآراء السياسية في البلاد"، وتابع "يواجه الإعلاميون ووسائل الإعلام المستقلة ضغوطا كبيرة، وحق الوصول إلى المعلومة يُسحق تحت وطأة آلة دعائية قوية تخدم الأجندة السياسية للمقربين من السلطة".

وربط التقرير واقع الصحافة بالمغرب بالسلطات المنتخبة الحالية بشكل مباشر، موردا "منذ فوز حزب التجمع الوطني للأحرار في الانتخابات التشريعية لسنة 2021، ضاعف رئيس الحكومة عزيز أخنوش من المتابعات القضائية في حق الصحفيين المنتقدين، كما يستخدم قوته المالية للتأثير على الخط التحريري لأبرز وسائل الإعلام، في حين تُفرض قيود مالية على المنابر المعارضة لحكومته"، وتابع "هذا التحالف بين المال والسلطة يعيق قدرة الصحافة على معالجة قضايا الفساد المرتبطة بتدبير الشأن العام، ما يجعل أي محاولة لكشف الفساد مخاطرة مالية وقضائية".

وأوضحت الوثيقة أن "غياب الضمانات القانونية لحماية حرية التعبير والصحافة، إلى جانب ضعف استقلالية القضاء، وتزايد المتابعات ضد الصحفيين، كلها عوامل تدفع المهنيين إلى ممارسة الرقابة الذاتية"، وأضافت أن "استبدال المجلس الوطني للصحافة سنة 2023 بلجنة مؤقتة، يُعد تراجعًا عن مسار التنظيم الذاتي للصحافة المغربية".

على المستوى الاقتصادي أفاد التقرير أن "البيئة الاقتصادية غير مواتية، ووسائل الإعلام تواجه صعوبة في جذب المعلنين"، معتبرا أن المنابر المستقلة، التي باتت "نادرة"، وفق توصيفه، "تكافح من أجل تحقيق الاستقرار المالي اللازم للتطور، في المقابل، تحظى وسائل الإعلام الموالية للسلطة بنماذج مالية أكثر استقرارًا بفضل سهولة الوصول إلى الموارد المالية".

واعتبرت المنظمة أن الإفراج عن عدد من الصحفيين، من بينهم توفيق بوعشرين، وعمر الراضي، وسليمان الريسوني، بعفو ملكي في 30 يوليوز 2024، "أثار بعض الأمل" ومع ذلك، ومع اقتراب انتخابات 2026، يضيف التقرير "تتزايد الضغوط على الصحفيين المنتقدين"، خالصا إلى أن "رئيس الحكومة يستخدم سلطاته لتقييد الصحافة، بينما كثَّفَ وزير العدل عبد اللطيف وهبي المتابعات القضائية ضد الصحفيين خلال هذه السنة".

وبالرجوع إلى مستوى المنطقة المغاربية فقد أحرز كل من المغرب (+9) وليبيا (+6) تقدّما طفيفا، رغم أن البلدين ما يزالان يراوحان مكانهما في الثلث الأخير من جدول الترتيب العالمي، فيما يُعزى ذلك، بحسب التقرير، إلى استمرار التضييق على الصحفيين وعلى استقلالية وسائل الإعلام، في سياق يُهيمن عليه توتر سياسي ومخاطر مهنية متنامية.

أما الجزائر، التي جاءت في المرتبة 126، فقد سجلت بدورها تحسّناً طفيفاً رغم استمرار القمع القضائي الممنهج ضد الصحفيين، وقد عزت المنظمة هذا التحسن إلى قرار العفو الرئاسي الذي أفرج بموجبه عن الصحفي إحسان القاضي بعد أن قضى 22 شهرا في السجن.

في الجانب الفلسطيني، اعتبر التقرير أن فلسطين التي حلت في المرتبة 163 من بين أخطر دول العالم على سلامة الصحفيين، فقد أسفر القصف الإسرائيلي على قطاع غزة عن مقتل عدد كبير من الصحفيين، إلى جانب تدمير معداتهم ومقار عملهم، كما نبّه التقرير إلى اعتقال صحفيين فلسطينيين في الضفة الغربية داخل السجون الإسرائيلية، وهي ممارسات ساهمت في تراجع إسرائيل أيضا إلى المرتبة 112 بخسارة 11 مركزاً مقارنة بالسنة الماضية.

والأردن لم يكن في منأى عن هذا التراجع، حيث حل في المرتبة 147 متأثراً باللجوء إلى قوانين سالبة للحرية في التعامل مع الصحفيين، خاصة أثناء تغطيتهم لتداعيات العدوان على غزة، وهذا التراجع يقرب المملكة الهاشمية من اليمن في المرتبة 154، الذي يعيش انقساما حادا وسيطرة مطلقة على الإعلام من قوى متصارعة أجهزت على الصحافة المستقلة.

وما تزال مصر في الرتبة 170 تحافظ على موقعها في ذيل الترتيب، متأثرة بحملات قمع حرية التعبير والتضييق على الصحفيين، خاصة أولئك الذين يغطون الأزمة المالية المتفاقمة في البلاد، وعلى الجانب الآخر، أحرز لبنان (132) بعض التقدّم في التصنيف، في ظل آمال متزايدة بالتجديد السياسي، على الرغم من استمرار الضغوط الاقتصادية التي تُقوّض المشهد الإعلامي.

من جانبها، سوريا حلت في المرتبة 177، إذ ما تزال غارقة في تركة النظام السابق، حيث لم تُترجم الوعود السياسية بعد سقوط نظام الأسد إلى تحولات حقيقية في المشهد الإعلامي الممزق، فيما تواصل إيران الرتبة 176 تضييق الخناق على الصحافة المستقلة، التي ترزح تحت منظومة قمعية قوامها الترهيب والاعتقال المستمر.

ورغم الازدهار الاقتصادي الظاهر في بعض دول الخليج، فإن ذلك لا ينعكس بالضرورة على وضع حرية الصحافة، فقد حافظت قطر على مركزها المتقدم نسبيا في الرتبة 79، لكنها تبقى استثناء في محيط إقليمي تتأرجح فيه حرية الإعلام بين "الصعب" و"الخطير جداً"، أما السعودية (162) والإمارات (164) وعُمان (134) والكويت (128) فلا تزال "تحت تأثير الأنظمة القانونية القمعية والضغوط السياسية"، وهو ما يفسر، حسب التقرير، فقدان الإمارات أربع مراتب هذا العام وتسجيلها ثاني أكبر تراجع على مستوى المؤشر الاقتصادي في المنطقة.

وعلى امتداد القارة الإفريقية، حافظت إريتريا (180) على مركزها في ذيل الترتيب العالمي، بينما شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية (133 -10) وبوركينا فاسو (105؛ -19) ونيجيريا (122؛ -10) ومالي (119؛ -5) تراجعا لافتا، بسبب الرقابة الذاتية المفروضة على وسائل الإعلام، وحالات الإغلاق القسري، والنفي، أو التمركز المفرط في ملكية وسائل الإعلام بيد الفاعلين السياسيين أو رجال الأعمال، وعلى النقيض، برزت السنغال بشكل لافت في هذا الإصدار، إذ صعدت 20 مرتبة دفعة واحدة، مدفوعة بإصلاحات اقتصادية متوافق عليها مع مختلف الجهات الفاعلة.

وفي الأمريكيتين، سُجل تراجع مقلق في المؤشر الاقتصادي بـ22 دولة من أصل 28، في الولايات المتحدة (57)، ساهمت عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي في تعميق التوتر مع الصحافة. أما الأرجنتين (87)، فقد واصلت حملة الرئيس خافيير ميلي ضد الإعلام، من خلال التشكيك في مصداقيته وحل المؤسسات الإعلامية العمومية. وتقهقرت حرية الصحافة أيضاً في المكسيك (124)، التي تبقى البلد الأخطر على سلامة الصحفيين في المنطقة، فيما تحسّن أداء البرازيل (63) في ظل انتعاش نسبي بعد عهد بولسونارو. أما نيكاراغوا (172)، فباتت الأسوأ تصنيفاً في أمريكا اللاتينية، حيث تم القضاء كلياً على الإعلام المستقل.

أما في أوروبا، فالوضع آخذ في الانقسام. رغم استمرار دول الاتحاد الأوروبي والبلقان في تصدر المؤشرات العالمية، فإن آثار الأزمة الاقتصادية بدت جلية، حيث تراجع المؤشر الاقتصادي في 28 من أصل 40 بلداً. وفي غياب اللائحة الأوروبية لحماية حرية الصحافة، التي طال انتظارها، لا تزال بعض الدول ككرواتيا (60) والبرتغال (8) وكوسوفو (99) تسجل نتائج متذبذبة، ومع ذلك، تظل النرويج الدولة الوحيدة في العالم التي تصنف ضمن خانة "الوضع الجيد" في المؤشرات الخمسة، محتفظة بصدارة الترتيب للعام التاسع توالياً، متقدمة على إستونيا وهولندا والسويد.

أما في آسيا والمحيط الهادئ، فقد سجّلت 20 دولة من أصل 32 تراجعا في المؤشر الاقتصادي، في ظل تنامي نفوذ النموذج الصيني في السيطرة على الإعلام، وتواصل الصين (178) احتلال مرتبة متأخرة كونها أكبر سجن للصحفيين في العالم، تليها كوريا الشمالية (179). كما تتعرض حرية الصحافة في الهند (151) لضغوط متعددة، بفعل تمركز الإعلام في يد قوى اقتصادية قريبة من السلطة.

وفي المحصلة، يخلص التقرير إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبقى الأخطر على سلامة الصحفيين، في ظل استمرار المجازر بحق الإعلام في غزة، وتنامي القمع في الدول السلطوية، وتقهقر الأوضاع الاقتصادية، وهي العوامل التي جعلت من ممارسة الصحافة في هذه المنطقة مغامرة محفوفة بالمخاطر، ومهنة معلقة بين مطرقة الاستبداد وسندان الهشاشة الاقتصادية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...