مسجد كبير في مايوركا وأفواج من الأئمة والمرشدين الدينيين.. المغرب يضع الشأن الديني في إسبانيا بين يديه رغم غضب اليمين المتطرف

 مسجد كبير في مايوركا وأفواج من الأئمة والمرشدين الدينيين.. المغرب يضع الشأن الديني في إسبانيا بين يديه رغم غضب اليمين المتطرف
الصحيفة – حمزة المتيوي
الخميس 16 يناير 2025 - 12:00

يخطو المغرب خطوة جديدة نحو وضع الشأن الديني الإسلامي في إسبانيا تحت مجهره، حيث يشرع في بناء مسجد جديد في مدينة ماناكور بجزيرة مايوركا، التابعة لإقليم البليار، على مساحة 4500 متر مربع، وهو المشروع الذي يرعاه الملك محمد السادس، وفق ما كشفت عنه تقارير إسبانية.

ويأتي ذلك في الوقت الذي تسير فيه العلاقات بين المغرب وإسبانيا نحو مزيد من التقارب على العديد من المستويات، منذ إعلان حكومة بيدرو سانشيز دعمها مقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية سنة 2022، وهو ما فتح الباب بشكل أكبر أمام الأئمة والمرشدين الدينيين للتوجه نحو هذا البلد الأوروبي، بينما لا يُخفي اليمين المتطرف توجسه من ذلك.

الظاهر أن مشروع أرخبيل البليار، إحدى نقاط الجذب السياحي الرئيسية في إسبانيا سيكون عبارة عن مركز ديني إسلامي مغربي وليس مسجدا فقط، وهو ما يبرز من خلال المعطيات التي نشرتها صحيفة "فوث بوبولي" الإسبانية، إذ إن المشروع الذي سيُكلف 6 ملايين أورو سيُنجز على وعاء عقاري مساحته الإجمالية 14.500 متر مربع، كانت في الأصل تستقبل مصنعا متوقفا عن العمل منذ 2006.

والمشروع موجه أساسا للجالية المغربية المقيمة في إسبانيا، البالغ تعدادها في مدينة ماناكور 5000 شخص، والتي تضطر إلى جانب باقي مسلمي المدينة، لإقامة صلواتها في الحدائق والشوارع بسبب صغر مساحة مسجد "أفينيداس"، وسيشمل الفضاء الجديد حديقة عامة ومركزا تجاريا سيخلُق نشاطا اقتصاديا وسيُخصِّص وظائفه لمغاربة إسبانيا.

ويتضح الاهتمام "الرسمي" المغربي بالمسجد من خلال رعاية الملك محمد السادس للمشروع والعمل على تمويله، انطلاقا من اقتناء البقعة الأرضية التي كانت مملوكة لمؤسسة BBVA البنكية، بقيمة تقدر بما بين 1,5 و2,2 مليون أورو، وأيضا من خلال تكليف سفيرة المغرب في مدريد، كريمة بن يعيش، بالإشراف عليه، وفق المصادر الإسبانية نفسها.

فكرة إنجاز هذا المسجد، كانت قد ظهرت للعلن لأول مرة في مارس الماضي، وحينها أحيت من جديد معالم الصدام بين المغرب واليمين المتطرف الإسباني، حيث خرج العديد من سكان مدينة ماناكور للاحتجاج على المشروع رافعين لافتات وشعارات رافضة له، واعتبروا أن الأمر ينطوي على "تهديد" لهويتهم المحلية، متوعدين بالتصدي لإنجاز المسجد وفق صحيفة "إلدياريو".

إلا أن الصراع بين الرباط واليمينيين المتطرفين، خصوصا المعادين للمهاجرين وللإسلام، ليس جديدا، ففي شتنبر من سنة 2021، حاول حزب "فوكس" الممثل في البرلمان الإسباني، استصدار نص قانوني يمنع الأئمة والمرشدين الدينيين المغاربة من العمل في إسبانيا، خصوصا في مدينة سبتة التي يرى أن الرباط تحاول إخراجها عن "الهوية الإسبانية".

ووفق ما صرح به زعيم الحزب، سانتياغو أباسكال حينها، لوسائل إعلام محلية، فإن هناك "سياسيين ومواطنين من سبتة يخدمون مصالح المغرب"، معتبرا أن أئمة المساجد يتم "توجيههم وتوظيفهم" من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، وهو ما يعني وجود "خطر" نشر "رسائل وإيديولوجيا مغربية بطريقة استراتيجية".

الحضور الديني للمغرب في سبتة ليس أمرا مفاجئا، ففي نونبر من سنة 2018، كشف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، في حوار مع وكالة الأنباء الرسمية الإسبانية EFE، أن المغرب يتكفل بجميع مصاريف مساجد مدينة سبتة وعددها 17، بالإضافة إلى نفقات 34 مسجدا من أصل 42 في مدينة مليلية.

التوفيق قال إن الرباط تتولى دفع رواتب 95 موظفا دينيا في سبتة و58 في مليلية، مبرزا أن أئمة المدينتين يتقاضون 6000 درهم شهريا، في حين يتقاضى الخطباء 3000 درهم ويُعوض المؤذنون بـ500 درهم، في حين تتراوح قيمة رواتب الأئمة في المغرب، والتي يتم صرفها تحت بند "المكافآت"، بما بين 2300 و3700 درهم.

وتُظهر أحدث الأرقام بخصوص تولي المغرب إدارة مساجد سبتة ومليلة اللتان يعيش فيهما معا حوالي 67 ألف مسلم، أغلبهم من أصول مغربية، والتي نشرتها صحيفة "لاراثون" الإسبانية في مارس من سنة 2024، أن المملكة لا زالت تتولى إدارة 51 مسجدا ما بين سبتة ومليلية، كما تدفع رواتب 153 إماما ومرشدا دينيا.

خارج سبتة ومليلية، المدينتان اللتان لا تعترف الرباط بسيادة مدريد عليهما، فإن المغرب لا يُظهر أي نية للتراجع عن إرسال البعثات التي تمثل مؤسساته الدينية الرسمية إلى إسبانيا، البلد الذي يضم على أراضيه حوالي 893 ألف مغربي وفق أرقام المعهد الوطني الإسباني للإحصاء الخاصة بسنة 2023، كأكبر جالية أجنبية هناك.

ففي مارس من سنة 2024، بعثت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 49 إماما وخطيبا ومرشدا دينيا، للمساهمة في تأطير أفراد الجالية المغربية هناك بالتزامن مع حلول شهر رمضان، منهم 28 وصلوا إلى مدريد والباقون جرى توزيعهم على العديد من الأقاليم الإسبانية، وذلك في إطار مبادرة جرت بتنسيق مع اتحاد المساجد في إسبانيا.

ووفق تصريحات أحمد التوفيق لوكالة EFE، فإن "العبادة والمساجد هما ضرورة اجتماعية بالنسبة للجالية المغربي، يعني حاجة ديمقراطية ينبغي فهمها وتدبيرها بشكل مؤسساتي"، وشدد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية على أن الخطاب الصادر عن المساجد "يتعين أن يتوافق مع القيم الأساسية للبلد الأصلي والبلد الاستقبال"، معتبرا أن الأمر يتعلق بـ"أفضل وسيل لمواجهة التطرف داخل البلدان التي تضم أقلية مسلمة".

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...