من محاضر استنطاق رضوان التاغي: يتناول "الحلال" ولا يتعاطى المخدرات ويفضل الإعدام في المغرب!

 من محاضر استنطاق رضوان التاغي: يتناول "الحلال" ولا يتعاطى المخدرات ويفضل الإعدام في المغرب!
الصحيفة – حمزة المتيوي
الخميس 4 فبراير 2021 - 14:35

لا تحظى أي قضية أخرى جنائية في هولندا بالاهتمام الذي تحظى به قضية المغربي رضوان التاغي، زعيم أكبر عصابة للاتجار في المخدرات في أوروبا والمتورط المحتمل في العديد من جرائم القتل ومن بينها جريمة مقهى "لاكريم" في مراكش سنة 2017، فالأمر صار أشبه بمسلسل مليء بالتشويق زاده الكشف عن تفاصيل استنطاقه الأول من طرف الشرطة الهولندية، الذي أصبحت محاضره متاحة لوسائل الإعلام مؤخرا، غموضا وإثارة.

ونقلت منابر هولندية ما دونته محاضر استنطاق التاغي في يناير من العام الماضي، مباشرة بعد نقله من الإمارات العربية المتحدة، حيث جرى اعتقاله بعد طول فرار، إذ يتضح أن السلطات المغربية لعبت دورا رئيسيا ليس فقط في الوصول إليه، ولكن أيضا في استنطاقه، بل إنها عرضته "للتعذيب" حسب أقواله، لكنه رغم ذلك يفضل أن تجري محاكمته في المغرب حتى لو كان سيحصل على الإعدام، بدل عرضه على القضاء الهولندي.

"أتعرض للحرق الإعلامي"

"لنكن واضحين، تقصي الحقيقة ليس مطروحا في حالتي، كل شيء يقوم على الأكاذيب والشائعات... ربما أكون قمت بكل ما حدث في هولندا، والآن بعد أن وقعت حُلت جريم الجرائم، ألا يحدث شيء في الخارج الآن؟" بهذه العبارات واجه التاغي المحققين الأمنيين الهولنديين خلال أول استنطاق له داخل هولندا بتاريخ 26 يناير 2020، حيث يواجه العديد من الاتهامات من بينها 6 جرائم قتل على الأقل.

وخلال استنطاقه واجهه المحققون برسائل تظهر مسؤوليته عن قتل محامي أحد الشهود وبأخرى تبين أنه كان مستمتعا بقتل شقيق أحد أفراد عصابته الذي أصبح شاهدا ضده إثر إعتقاله، وهي الصورة التي ينفيها التاغي ويعتبر أن كل القصص التي تروى حول أنشطته الإجرامية العنيفة مصدرها الخيال، ثم يلقي باللائمة على وسائل الإعلام قائلا "أنا أتعرض للحرق من طرف وسائل الإعلام... كل يوم أتعرض لذلك في كل صحيفة وفي كل برنامج تلفزيوني".

يفضل "الحلال" ويرفض المخدرات

وفي التحقيقات يتحدث التاغي أيضا عن ظروف سجنه وعن علاقته بالدين، فرغم كل شيء كان للسجن انعكاس إيجابي على حياته حيث قلل من التدخين، لكنه في المقابل غير راض عن الطعام المقدم له، "حتى قطتي تحصل على طعام أفضل"، يقول موجها كلامه للمحققين، ويضيف أنه يتمسك بتناول الخبز مع الجبن وقطع "السلامي" الحلال أو الدجاج، فهو رغم كل شيء لا زال متمسكا بمعتقداته الإسلامية.

ويعترف التاغي أنه لا يصلي، لكن رغم ذلك يحذوه أمل بأن ينتظم في صلاته مستقبلا "ربما قد أصبح مسلما جيدا وأصلي خمس مرات في اليوم، من يدري؟"، وهو أيضا مولع بالنبيذ، تحديدا الأبيض والأحمر، "أنا ليست مسلما جيدا حين يتعلق الأمر بالنبيذ، لست مدمنا ولكنني أحيانا أشرب في المساء وفي الحفلات، وأحيانا لا أشرب طيلة 6 أشهر"، لكن المثير أن الرجل الذي يُعتبر المتحكم في ثلث تجارة الكوكايين في أوروبا لا يتعاطى المخدرات، إذ يخاطب أحد مستجوبيه قائلا "علي أن أحبطك، أنا لم أتعاطى المخدرات مطلقا طيلة حياتي".

المغرب وهولندا في المونديال

وكشفت التحقيقات أيضا عن أن التاغي كان لا يزال مرتبطا بالمغرب، لدرجة أنه وضعه كمكان إقامة محتمل قبل اعتقاله من طرف شرطة دبي في دجنبر من سنة 2019، وخلال استنطاقه بدا مصرا على تدقيق معطياته الخاصة، "ولدت في 20 دجنبر 1977 في المغرب، الصحف تقول إنني ولدت في بني سلمان (إقليم شفشاون) وهذا غير صحيح لقد ولدت في تطوان"، ويضيف "عندما كنت في الثانية انتقلت مع أسرتي إلى نيواخياين في هولندا، ربما كانت هناك 5 عائلات مغربية فقط تقطن هذه المدينة في ذلك الوقت".

وأبدى التاغي قدرات كبيرة على المراوغة عند الحديث على انتمائه للمغرب وهولندا، فعندما سئل عن المنتخب الذي سيشجعه إذا وصل المنتخبان لنهائي كاس العالم أجاب "أنا أشاهد ملخصات كرة القدم فقط، لن أضيع 90 دقيقة على مشاهدة كرة تتحرك ذهابا وإيابا، لكن إذا تواجه المنتخبان سأساندهما معا، إذا فازت هولندا فهذا شيء عظيم، وإذا فاز المغرب فهو أمر عظيم أيضا، لكن إذا لعبت هولندا مع منتخب آخر سأشجعها، لكن أظن أن المغرب لديه فريق سيء على كل حال".

إيران والتعذيب

وتطرق الاستنطاق أيضا لما تبع اعتقال التاغي في الإمارات، حيث تحدث عن وجود "عملاء مغاربة" إلى جانب شرطة دبي، موردا أنا لا أتحدث لهجتهم (اللهجة الإماراتية) لقد سألوني ما إذا كنت أتكلم العربية، ثم بدأ أحدهم يكلمني باللهجة المغربية"، موردا أن هذا الأخير سحب بندقية ووضعها على رأسه، ثم تحدث عن تعرضه للتعذيب عن طريق الحرمان من النوم والخنق وأشياء أخرى "أكثر جنونا" على حد وصفه.

ووفق كلام التاغي فإن الهدف الرئيس من استجاوبه في الإمارات كان هو معرفة علاقته بالسلطات الإيرانية، انطلاقا من حديث صحيفة "تيليغراف" الهولندية عن كونه مختبئا في جزيرة "كيش"، وهو الأمر الذي نفاه تماما أمام المحققين الهولنديين قائلا "هل كان يجب أن أذهب لجزيرة لم أسمع بها من قبل للاحتفال؟ في دبي يمكنني الاحتفال مثل الوحش"، ليخلص إلى أن الاشتباه في إمكانية تنفيذه لهجوم في الإمارات لصالح إيران كان السبب في "تعذيبه".

الإعدام في المغرب أفضل!

ولا يبدي التاغي أي ثقة في القضاء الهولندي، فالأمر بالنسبة إليه محسوم سلفا "لا توجد أي طريقة للحصول على محاكمة عادلة، على الأقل هنا في هولندا هذا غير ممكن (...) من الأفضل إنفاق المال المخصص لهذه المحاكمة الصورية على نقص المعلمين في المدارس أو على الرعاية الاجتماعية أو على الخصاص الذي تعاني منه الشرطة، أما بالنسبة لي فإن حكم علي القاضي غدا بالسجن مدى الحياة فليكن".

ولم يبد زعيم عصابة "ملائكة الموت" أي حماس للتعاون مع الشرطة الهولندية بخصوص الاتهامات الموجهة إليه، مفضلا الحديث عن "الدين أو التاريخ أو حتى معتقل "فوخت" النازي الذي أقامه هتلر في هولندا"، لكنه في المقابل أبدى رغبته في أن يحاكم أمام القضاء المغربي، فهناك "على الأقل لن أكون أمام سيرك إعلامي، فقط سأواجه الإدانة، قد أحصل على السجن المؤبد أو الإعدام وهذا كل شيء"، على حد تعبيره.

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...