هل تضر ملفات "تضارب المصالح" بـ"حزب أخنوش" وتفيد العدالة والتنمية في انتخابات 2026؟
أثار فتح حزب العدالة والتنمية من جديد لملفات "تضارب المصالح" ضد حزب التجمع الوطني للأحرار ضجة سياسية واسعة في الفترة الأخيرة، خصوصا بعد اتهامه لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتمرير صفقة أدوية لصالح شركة مرتبطة بوزير تربية وطنية منتم إلى التجمع الوطني للأحرار.
وتأتي هذه الاتهامات تأتي سياق تصاعد النقاش حول نزاهة نخب التدبير الحكومي، وتداخل المال بالسلطة، لا سيما بعد قضية صفقة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء التي فازت بها شركات تابعة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، والتي كانت قد اعتُبرت من طرف كل مكونات المعارضة، بأنها واحدة من ملفات "تضارب المصالح" التي تلاحق حكومة أخنوش.
ويدفع هذا الجدل حول "تضارب المصالح" وما يتضمنه من نقاش إعلامي وسياسي وحتى أخلاقي، (يدفع) بالكثير من المتتبعين للمشهد السياسي المغربي للتساؤل حول احتمالية أن تقوض هذه الملفات من موقع التجمع الوطني للأحرار وتمنح دفعة انتخابية للعدالة والتنمية في انتخابات 2026.
في هذا الإطار، يقدم المحلل السياسي رشيد لزرق، رئيس مركز شمال إفريقيا للدراسات والأبحاث، قراءة سياسية مغايرة في تصريح "للصحيفة"، حيث أشار إلى أن "هذه الملفات، مهما كان حجمها الإعلامي، تظل محدودة الأثر في سلوك الناخب".
وأضاف لزرق في هذا السياق، بأن "الطرح القائل بأن هذه الاتهامات ستُضعف التجمع الوطني للأحرار يفترض وجود أثر انتخابي مباشر لقضايا تضارب المصالح، بينما التجربة السياسية المغربية تُظهر أن سلوك التصويت لا يتحدد أساسا بالعوامل الأخلاقية أو شبهات الصفقات العمومية".
وأردف المتحدث ذاته أن "التأثير الحقيقي يرتبط بقدرة الحزب على توفير موارد، شبكات محلية، وبرامج اجتماعية محسوسة"، مستدلا بأنه "حتى في حالات تنازع المصالح السابقة، لم تُسجَّل تحولات انتخابية بنيوية".
ويرى لزرق أن "بنية التمثيل الحزبي في المغرب تتسم بضعف التصويت العقابي وبتغليب اعتبارات القرب الاجتماعي والانتفاع المحلي على اعتبارات النزاهة المؤسسية"، وهذه الصيغة، برأيه، تضعف احتمالية أن تكون ملفات الفساد أو تضارب المصالح هي العامل الحاسم في إرادة التصويت لدى الناخبين.
ويعتقد لزرق أن "احتمال تضرر التجمع الوطني للأحرار يبقى ضعيفا ما دام يتحكم في أدوات التعبئة المحلية، ويستثمر موقعه الحكومي في إنتاج سياسات عمومية ذات وقع اجتماعي".
أما فيما يخص العدالة والتنمية، الذي يُعد أحد أبرز أحزاب المعارضة الذي فجر ما وصفه بـ"صفقات تضارب المصالح" فرغم أن هذه الملفات تمنحه مادة سياسية قوية للمناورة، إلا أن لزرق يرى أنه "حتى لو واصل الحزب التصعيد الرقابي، فإن قدرته على تحويل ذلك إلى أصوات ستظل محدودة".
وأشار المحلل السياسي في هذا السياق إلى أن إعادة بناء رأس المال الرمزي للحزب لا يمكن أن تكتفي بمجرد خطاب رقابي، بل تتطلب شروطًا غير متوفّرة حاليا، ويتعلق الأمر بضعف التنظيم الميداني بعد 2021، فقدان شبكة الوساطة التي كان يوفرها وجوده في الحكومة، وتراجع الثقة العامة في خطابه الأخلاقي.
واعتبر لزرق أن التركيز على ملفات مثل صفقة الأدوية أو مشروع تحلية المياه "لا يكفي لإعادة تعبئة الكتلة الناخبة التي هجرت الحزب، لأن الجزء الأكبر من هذا التراجع ناتج عن خيبة سياسية أكثر منه عن غياب ملفات رقابية".
وختم لزرق تصريح لـ"الصحيفة" بتأكيد أن "الاستفادة الخطابية لا تتحول بالضرورة إلى مكسب انتخابي"، لأنه في منطق علم الانتخابات المغربي "لم يعد الاحتجاج الأخلاقي وحده كافيا لاستعادة الأصوات كما في العقد الماضي".




