هل تقوم "البوليساريو" بتنحية إبراهيم غالي بسبب اخفاقاته و"جرائمه ضد الإنسانية"؟
لا تسير الأمور بشكل جيد في تندوف بالنسبة لجبهة "البوليساريو"، بعد طوفان العديد من الخلافات والنزاعات على السطح بين قيادات هذه الجبهة، بسبب العديد من العوامل المؤثرة، كالحرب أمام القوات المغربية، وتراجع المساعدات نتيجة الحرب في أوكرانيا وارتفاع الأسعار، إضافة إلى الخلافات القديمة الجديدة بشأن الفساد المتمثل في سرقة المساعدات التي تتوصل بها المخيمات.
كل هذه المشاكل، تأتي في وقت بدأ ينفذ بسرعة مع اقتراب عقد المؤتمر السادس عشر لتحديد مصير الشخص الذي سيقود الجبهة، والذي سيتم فيه تحديد إما الابقاء على إبراهيم غالي أو اختيار اسم جديد، ويُرتقب أن ينعقد هذا المؤتمر في دجنبر المقبل في حالة إذا لم يتم تأجيله لسبب ما.
وبالرغم من أن العديد من الأنباء التي تصدر عن جبهة "البوليساريو" من مخيمات تندوف، تشير إلى أن أوفر الحظوظ تتجه نحو الإبقاء على الزعيم الحالي للجبهة، إبراهيم غالي، على رأس هرم هذا الكيان، إلا أن هناك أطراف أخرى في "البوليساريو" تفكر في اختيار شخص آخر من أجل "التخفيف" نوعا ما من السمعة السيئة الملتصقة بـ"ابن بطوش".
ووفق الطرف الثاني، فإن هناك عوامل عديدة تدفع إلى ضرورة تنحية إبراهيم غالي واختيار إسم جديد، من أبرزها الاخفاقات الكثيرة التي مُنيت بها جبهة "البوليساريو" الانفصالية في صراعها مع المملكة المغربية على الصحراء، وهي إخفاقات تترواح بين هزائم دبلوماسية وهزائم عسكرية في الميدان.
من الهزائم الدبلوماسية التي تلقتها "البوليساريو" في السنوات الأخيرة، يتعلق الأمر بسحب عدد من الدول اعترافها بها، مقابل توجه جل البلدان في إفريقيا لدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي للصحراء، وقد فتح أزيد من 20 بلدا تمثيليات دبلوماسية لها في مدن الصحراء كالداخلة والعيون.
ويبقى من أكبر الصفعات التي تلقتها البوليساريو في السنتين الأخيرتين، هي الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء خلال إدارة ترامب، دون أن تتراجع عن هذا الاعتراف الإدارة الأمريكية الجديدة التي يقودها جو بايدن، وقد تبع هذا الاعتراف الأمريكي، دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي، وإشادة ألمانيا به.
وعلى المستوى الميداني، فإن جبهة "البوليساريو" وجدت نفسها بعد تجدد المواجهات مع القوات المغربية في أواخر 2020، أمام وضع عسكري مختلف تماما عما كان عليه في العقود الماضية، حيث لم تفلح ميليشياتها في تحقيق أي تقدم على الأرض، بل تراجعت قدراتها في الوصول إلى مناطق أعمق في الصحراء، في ظل التفوق العسكري للمغرب وطائرات "الدرون" التي أصبحت تشكل كابوسا مرعبا لعناصر الجبهة في الصحراء.
وبالرغم من أن الجبهة لم تتوقف عن إصدار البيانات العسكرية التي تمدح فيها نفسها مدعية تكبيد القوات المغربية خسائر كبيرة في العتاد والأرواح، إلا أنها لم تقم بنشر أي فيديو أو صور تؤكد فيه ادعاءاتها، في الوقت الذي تأكد مقتل العديد من قادة "البوليساريو" في الطلعات الجوية التي تنفذها القوات المغربية.
من جهة أخرى، فإن إبراهيم غالي منذ توليه قيادة الجبهة الانفصالية، "ساهم بقسط وافر" في هذه الهزائم التي تلقتها ولازالت جبهة "البوليساريو"، ومن بينها قرار دخوله إلى إسبانيا للعلاج سرا، وهي الواقعة التي كانت وراء إعطاء المغرب فرصة ذهبية للضغط على إسبانيا لتضطر الأخيرة لدعم المقترح المغربي للحكم الذاتي للصحراء.
كما أن تواجده في إسبانيا، ساهم في تفجر الكثير من "الفضائح" حول "جرائمه ضد الانسانية"، حيث تبين أنه مطالب للقضاء الإسباني في العديد من القضايا رفعها ضده عدد من المواطنين الصحراويين، وقد تم استدعائه للمحاكمة عن بُعد في إسبانيا، قبل أن تؤدي الضغوطات الحقوقية والإعلامية إلى خروجه من إسبانيا متوجها نحو الجزائر.
الضجة الإعلامية الدولية التي رافقت أخبار محاكمة زعيم "البوليساريو"، أدت إلى تشويه صورته وصورة جبهة "البوليساريو" بشكل كبير، وهو ما كان له ولازال انعكاسات سلبية، خاصة في ظل استمرار "ابن بطوش" زعيما لهذه الجبهة.
كل هذه العوامل، تُعتبر محركا أساسيا لعدد من الأطراف الصحراوية في تندوف التي ترى أنه من الأفضل اختيار اسم جديد يقود الجبهة بدل إبراهيم غالي، بالرغم من أن هذا المطلب يصطدم بالعديد من المؤيدين لـ"ابن بطوش" الذي يرون أنه الأحق والأكثر خبرة لقيادة "البوليساريو" في هذه المرحلة التي وصفها ابراهيم غالي بنفسه بـ"الحرجة".