وزارة الصحة في زمن كورونا.. فضائح مسربة وأسئلة معلقة وتواصل "مَيّت"

 وزارة الصحة في زمن كورونا.. فضائح مسربة وأسئلة معلقة وتواصل "مَيّت"
الصحيفة - حمزة المتيوي
الأثنين 30 مارس 2020 - 19:35

وجدت وزارة الصحة نفسها، بشكل غير مسبوق وغير متوقع، في الواجهة الإعلامية بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد بالمغرب، ما جعل أنظار جميع المغاربة مصوبة نحوها ليس فقط من أجل التعرف عن مدى انتشار الفيروس وتطور الحالة الوبائية والاحتياطات الواجب اتخاذها، ولكن أيضا للوقوف على وضع المصابين وما إن كانوا يحصلون على العناية اللازمة.

وفي الوقت الذي أبانت فيه الوزارة على مجهودات في تجنيد الأطر الطبية والاستشفائية وإعداد فضاءات العزل وعمليات نشر التوعية في صفوف المواطنين، أظهرت بالمقابل محدودية كبيرة في التواصل، أبان عنها ارتباكها في توضيح فيديوهات "إهمال المرضى" التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، وعجزها عن الإجابة على تساؤلات مقلقة، على رأسها سبب التزايد المطرد في أعداد المتوفين.

وزارة "عدِّ المرضى"

وأظهرت الوزارة مع بداية الأزمة مجهودا في التعريف بالمرض وإيصال المعلومة للمواطنين حول تطوراته، عبر الندوات الصحفية ثم عبر موقع متخصص حمل اسم الفيروس "كوفيد 19"، لكن مع مرور الوقت لم تعد تبدي أي اهتمام بالجانب التواصلي، واقتصرت الخرجات اليومية لمسؤوليها على تعداد المرضى الجدد والوفيات وحالات الشفاء حسب التوزيع الجغرافي للإصابات.

وأضحى موعد السادسة مساءً، الذي تبث فيه الوزارة خرجتها الإعلامية اليومية، موعدا غير مهم بالنسبة لوسائل الإعلام، ما دامت المعطيات التي "تُتلى" هناك متوفرة بشكل مكتوب عبر منصات أخرى، أما الأسئلة الآنية التي كان يتولى سابقا محمد اليوبي، مدير مديرية علم الأوبئة مكافحة الأمراض يجيب عنها، فقد فضلت الوزارة التغاضي عنها منذ أن صارت الندوات تجرى بعيدا عن الصحافيين بسبب الإجراءات الاحترازية، ولم تكسر تلك القاعدة إلا اليوم بعد توصل الوزارة بسيل من الاستفسارات من طرف المنابر الإعلامية، ليعاود اليوبي الظهور والإجابة عنها.

فضائح الإهمال

لكن تطورات الحالة الوبائية لم تعد وحدها التي تحرج الوزارة، بل أيضا مدى استجابة غرف عزل المرضى المؤكدة إصابتهم أو المشكوك فيها للشروط "الآدمية" إلى جانب الضوابط الصحية، وهو الأمر الذي فجره فيديو سيدة من مدينة سطات صورته من داخل المستشفى، قبل أن يتبعه فيديو لمواطن مغربي حامل للجنسية البريطانية من المركز الاستشفائي محمد السادس بمدينة مراكش.

وإن كان فيديو مريضة سطات قد وُوجه برد سريع من طرف المديرية الإقليمية للصحة يؤكد أنها لم تكن في العزل الصحي كونها لا تحمل أساسا أعراض "كورونا"، فإن المركز الاستشفائي بمراكش أكد ضمنيا أن الشخص الذي صور الفيديو باكيا وهو يحكي عن حرمانه من الحمام وعن معاناته من الإهمال، مصاب فعلا بالفيروس، ما وضع الوزارة أمام موقف حرج.  

أسئلة بلا أجوبة

ووجدت الوزارة التي يوجد على رأسها خالد آيت الطالب، المصنف ضمن أعضاء "حكومة الكفاءات" نفسها عاجزة، في ظل كل ذلك، عن الإجابة بوضوح عن الكثير من الأسئلة، فمن جهة  طال انتظار صدور تفسير عن سبب ارتفاع أعداد الوفايات بشكل أكبر مما يوجد في باقي دول العالم وحتى في البلدان المغاربية، ولم يصدر جواب رسمي عما إذا كان المغرب قد مر للمرحلة الوبائية الثانية إلا اليوم الاثنين.

ومن جهة أخرى، لم تُجب البلاغات التي تلت فيديوهات "الإهمال" عن الأسئلة الأكثر إلحاحا، فمثلا، لم توضح المندوبية الإقليمية لسطات ما إذا كانت المريضة حقا قد بقيت بدون طعام أو شراب لمدة 10 ساعات كاملة، وأسباب حالة النظافة المزرية في المكان الذي وجدت فيه، أما بلاغ فيديو مراكش فكان مغرقا في العمومية ولم يتطرق لجل ما أورده المريض من اتهامات بالإهمال وانتهاك لآدمية المرضى وعدم فحصهم من طرف الأطباء.

تسريب أسماء المرضى

وكأن كل هذه الأمور لم تكون كافية لوضع وزارة الصحة في قفص الاتهام، لتظهر فضيحة أخرى تتعلق هذه المرة بانتهاك حق المرضى في الخصوصية، حيث تسربت لائحة تكشف عن الهويات الكاملة لبعض المصابين بفيروس كورونا المستجد، الأمر الذي استدعى تدخل النيابة العامة التي أمر بإجراء بحث في الموضوع.

وجاء في بلاغ للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أنه تم تداول لائحة إسمية ببعض منصات التواصل الاجتماعي تتضمن الإشارة إلى أسماء أشخاص يُدعى إصابتهم بفيروس كورونا، ليتقرر التحري حول صحة اللائحة من جهة ولتحديد الجهة المسؤولة عن تسريبيها من جهة ثانية، مشيرا إلى أن هذا الفعل يمكن أن يتضمن مخالفات للقانون تتعلق بنشر أخبار زائفة أو بخرق السر المهني والمساس بالحياة الخاصة للأفراد والمعطيات الشخصية المتعلقة بهم.

خطة تواصلية غائبة

وأصبح واضحا، في غمرة كل هذه المشاكل والتطورات، أن وزارة الصحة تعاني خللا كبيرا في التواصل، بل إنها لم تكشف منذ بداية الأزمة على أي خطة تواصلية تسمح بنبذ الشائعات والإجابة بشكل شافٍ وعلمي عن أكثر الأسئلة إلحاحا، إذ لم تعد الوصلات التوعوية التي تنشرها وسائل الإعلام أو الخروج اليومي لمسؤولي الصحة أمام الكاميرا كافيين لسد الفراغ الحاصل في المعلومة الرسمية.

ويبدو أن الوزارة انتبهت إلى هذا الأمر اليوم فقط، حيث أعلنت عن نافذة جديدة للتواصل مع المواطنين من خلال لقاءات مباشرة عبر منصاتها الإلكترونية يوميا لمدة نصف ساعة ما بين الساعة الثالثة والثالثة والنصف ظهرا، غير أن هذه النافذة بدورها لا تتعلق بالأسئلة الآنية بل بمواضيع تحددها الوزارة سلفا.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

هل الدولة الجزائرية عبارة عن "هجرة غير شرعية في التاريخ"؟

في حوار أجريناه في "الصحيفة" شهر غشت من سنة 2021 مع نور الدين بوكروح الذي يعتبر من السياسيين والمثقفين القلائل في الجزائر الذين ينتقدون "نظام الحكم" في البلاد المبني على ...