وزير التجارة التونسي الأسبق محسن حسن لـ "الصحيفة": الخط البحري بين تونس المغرب وليبيا سيُحسن العلاقات السياسية.. واستُثنيت الجزائر بسبب مشاكلها مع الرباط

 وزير التجارة التونسي الأسبق محسن حسن لـ "الصحيفة": الخط البحري بين تونس المغرب وليبيا سيُحسن العلاقات السياسية.. واستُثنيت الجزائر بسبب مشاكلها مع الرباط
حاورته - خولة اجعيفري
الأربعاء 28 فبراير 2024 - 15:33

شكّل قرار السلطات التونسية استكمال الترتيبات الإدارية واللوجيستية لإطلاق خط بحري تجاري جديد، يربط تونس بكل من ليبيا والمغرب وإسبانيا، انطلاقاً من ميناء صفاقس التجاري وبمعدل رحلتين في الشهر ابتداء من مارس، خبرا مهما بالنسبة للتعاون التجاري بين البلدان المغاربية الثلاث ما سيقيها ولو نسبيا من تأثيرات ما يحدث من شلل تجاري على مستوى البحر الأحمر، مع الاستفادة من اضطراب الشحن البحري، وكذلك أزمة الحرب الروسية على أوكرانيا، وتأثيرها على حركة الملاحة التجارية البحرية، بيد أن استثناء الجزائر من هذا المسار البحري على الرغم من وجودها على نفس المسار، مازال يطرح استفهامات عديدة.

وبناء عليه، اختارت "الصحيفة"، محاورة وزير التجارة التونسي في عهد الرئيس الباجي قايد السبسي، محسن حسن، الذي سلّط الضوء على أهمية هذا الربط البحري لبلده وبالنسبة للدول المغاربية على حد سواء، فضلا عن التأثيرات الإيجابية التي ممكن أن تُرخي بها ظلال هذا التعاون على العلاقات السياسية المتوترة بين الرباط وتونس قيس سعيد، مرجعا في الآن ذاته أسباب استثناء السلطات التونسية لميناء الجزائر من هذا الربط للقطيعة الدبلوماسية التي سبق واتخذها النظام الجزائري بشكل أحادي ضد المغرب، الأمر الذي يعتبره محسن حسن الذي يشغل أيضا منصب الخبير الاقتصادي لدى المنظمات الدولية، مؤسفا ويعرقل التكتل الاقتصادي الاقليمي والتنمية المشتركة.

- ما الأهمية التي يكتسيها الخط البحري التجاري الجديد، الذي سيربط تونس بكل من ليبيا والمغرب وإسبانيا، انطلاقاً من ميناء صفاقس التجاري ابتداء من مارس المُقبل؟

بداية أرغب في الإشارة، إلى أنه وحتى الساعة الجانب اللوجيستي هي الحلقة الأضعف لتطوير العلاقات العربية والتجارة البينية بين البلدان العربية بشكل عام، لذلك أعتقد أن إحداث خط بحري بين تونس والمغرب وليبيا سيكون له تداعيات إيجابية مهمة جدا على مستوى تطوير التجارة البينية بين بلداننا الثلاث، وإيماني بهذه النتيجة الايجابية جدا، يرجع بالأساس، وجود اتفاقيات ثنائية ومشتركة بين البلدان المغاربية الثلاث، سواء تعلق الأمر باتفاقية الجامعة العربية أو اتفاقية أكادير للتبادل الحر بين البلدان العربية في المنطقة.

ومن ناحية أخرى، وفي الشق المرتبط بالتعاون التونسي المغربي، أستحضر هنا ومن موقعي كوزير سابق للتجارة ولدي إلمام بملف العلاقات التونسية المغربية أن المرحلة تستدعي علينا اتخاذ إجراءات وتحفيزات لدعم التبادل التجاري مع المغرب، وهنا أقول أنه لا بد من تجاوز كل الخلافات الممكنة حتى نُعطي نقلة نوعية للتجارة البينية والاستثمارات المشتركة بين تونس والمغرب، فبلدينا يملكون نفس الميزات التفاضلية وأعتقد أنّ التعاون بين تونس والمغرب وليبيا يمكن أن يشكّل منطلقا جديدا ويمكن أن يعرف نقلة نوعية على مسار هذا الخط البحري.

- لكن العلاقات المغربية التونسية، منذ ما يزيد عن العام تشهد أزمة دبلوماسية غير مسبوقة على إثر الاستقبال الرسمي الذي خصّ به الرئيس قيس سعيد، الانفصالي ابراهيم غالي، وهذا وضع ترفضه الرباط ولا يمكن استثنائه من الواقع الاقتصادي على أية حال سيما في غياب سفيري البلدين.. كيف من الممكن أن يؤثّر هذا الوضع على الخط البحري المرتقب؟

هذا صراحة وضع مؤسف، وأعتبره عيب كبير في حق الشعبين المغربي والتونسي على حد سواء، وأنا أعتقد أنهما شعب واحد في دولتين، وتاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا مشترك، لهذا أعتقد أن القادة السياسيين في البلدين مطالبين بتجاوز كل الخلافات والانطلاق في بناء مرحلة جديدة في التعاون الاقتصادي والسياسي، ولابد أن نتجاوز كل الخلافات ونترك جميع الانقسامات والاختلافات السياسية جانبا لتدشين مرحلة انطلاقة جديدة.

ومن هذا المبدأ، أدعو عبر "الصحيفة"، الملك المغربي محمد السادس، ورئيس الدول التونسية قيس سعيد إلى الانطلاق فعليا في صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

- تُفيد المعطيات الرقمية الرسمية الخاصة بالسنة الأخيرة، بأن العلاقات التجارية بين البلدين بقيت في منأى عن الأزمة الدبلوماسية بين الرباط وتونس، في نظرك هل تُصلح العلاقات التجارية ما أفسدته السياسة والقرارات الدبلوماسية الأحادية؟

نعم، وهذا طبعا مرتبط أيضا بجملة من الاتفاقيات التجارية المشتركة التي تربط بين تونس والمغرب، بما فيها اتفاقية أكادير للتبادل الحر واتفاقية الجامعة العربية، ومؤسستي الدوليتين يحتكما إلى هاذين الاتفاقيتين على وجه الخصوص، أما العلاقات بين الشعبين فهي قوية دائما ولكن الجانب السياسي هو الآخر مهم من أجل الدفع بالعلاقات وتحسينها وتعزيزها خصوصا وأن آفاق التعاون هي أرحب وأكبر وأضخم بكثير مما هي عليه الآن.

- الخط البحري الجديد الذي يربط تونس بالمغرب وليبيا، استثنى ميناء الجزائر رغم وجوده على نفس المسار البحري.. في نظرك ما هي مسببات هذا الوضع الذي دفع إلى اعتماد السلطات التونسية على ربط ثلاثي فقط؟

طبعا لا يمكن فصل استثناء الجزائر من هذا الربط البحري الذي يجمع تونس بالمغربي وليبيا عن المشاكل والقطيعة الموجودة وبكل أسف شديد بين الرباط والجزائر والتي اشتدّت حدتها في السنوات الأخيرة، وهذه القطيعة الدبلوماسية، هي في الحقيقة نقطة ضعف يجب أن يتم تداركها في أقرب فرصة، لأن السؤال الحقيقي هو إلى متى سيبقى هذا الصدع؟ على حكومات الدول أن تعي جيدا بأهمية تحييد الجانب الاقتصادي، وإذا كان هناك أي خلاف سياسي أو دبلوماسي بين دولتين يجب أن تبقى العلاقات الاقتصادية والتجارية قائمة لتحقيق التعاون بين الشعوب، لأن تونس والمغرب والجزائر، ليبيا وموريتانيا شعب واحد في الأصل لكن الاستعمار قسّمنا وجعل لكل بلد حدوده.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...