وسط التوترات الإقليمية وتأزم العلاقات بينهما.. إنفاق الجزائر عسكريا يرتفع بصفة غير مسبوقة في تاريخ البلاد مقابل انخفاض الانفاق العسكرية للمغرب

 وسط التوترات الإقليمية وتأزم العلاقات بينهما.. إنفاق الجزائر عسكريا يرتفع بصفة غير مسبوقة في تاريخ البلاد مقابل انخفاض الانفاق العسكرية للمغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 24 أبريل 2024 - 23:50

خلافا للتوقعات التي كانت تميل إلى تراجع سباق التسلح بين البلدين، سجّل معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (السيبري) بقلق كبير، ارتفاع وتيرة الانفاق العسكري الجزائري في 2023، وبلوغها مستويات غير مسبوقة في تاريخ البلد، وذلك مقابل مواصلة المغرب خفض انفاقاته العسكرية للسنة الثانية على التوالي في سياق إقليمي جد متوتر، وتصعيد بلغ منحى خطير بين البلدين، ووصل حد قطع العلاقات الدبلوماسية وإغلاق المجال الجوي في وجه الطائرات المغربية، والرفع من جاهزية الجيش على الحدود.

وهذه المعطيات المحيّنة الجديدة، كشفها تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (السيبري)، حول "الإنفاق العسكري العالمي، وسط الحرب والتوترات المتزايدة وانعدام الأمن"، جاء فيه أن الإنفاق العسكري الجزائري ارتفع بنسبة مقلقة في سنة 2023، وبلغ حوالي 76 في المائة ليصل إلى 18.3 مليار دولار.

التقرير السيبيري الصادر الإثنين الماضي، أشار أيضا إلى أن هذا الرقم هو أعلى مستوى من الإنفاق سجلته الجمهورية الجزائر على الإطلاق منذ عام 1974، مرجعا ذلك إلى حد كبير إلى الارتفاع الحاد في عائدات صادرات الغاز إلى دول أوروبا مع ابتعادها عن الإمدادات الروسية.

ومُقابل، هذا المُعطي المثير، أكد التقرير ذاته أن الإنفاق العسكري المغربي خلال 2023، عرف تراجعا مهما بنسبة قُدّرت بـ 2.5 في المائة في عام 2023 إلى 5.2 مليار دولار، على الرغم من أن المغرب بمعية جارته الشرقية الجزائر يعتبران أكبر من ينفق عسكريا في منطقة شمال إفريقيا، إذ هما معًا شكلا 82 في المائة من الإنفاق العسكري في المنطقة في عام 2023.

وقُدّر الإنفاق العسكري في شمال إفريقيا، حسب التقرير ذاته، بحوالي 28.5 مليار دولار في عام 2023، أي بزيادة تقدر بنسبة 38 في المائة أكثر من عام 2022، وبنسبة 41 في المائة أكثر من عام 2014.

وتصاعدت وتيرة التسابق في التسلح بين المغرب والجزائر في السنوات الأخيرة، وما تلاها من إبرام اتفاقيات متعددة ومتنوعة بملايين الدولارات، في ظل جوٍّ من العداء والتصعيد المستمر، حيث لم يسبق أبدًا أن بدا احتمال المواجهة المباشرة بينهما بهذا القدر من الخطورة منذ حوالي 45 عامًا، إذ أصبح الوضع يشبه إلى حدٍّ كبير فتيلًا ينتظر فقط من يبادر إلى إشعاله.

ومنذ سنة 2020، المغرب والجزائر قائمة الدول التي تنفق أكثر على الأسلحة في القارة الإفريقية، وفق التقارير الدولية، بما فيها تقرير "اتجاهات الإنفاق العسكري العالمي، "، الصادر عن معهد ستوكهولم للسلام، الذي أكد سنتها أن الإنفاق العسكري الجزائري بلغ 9.7 مليارات دولار، بانخفاض قدره 3.4٪ مقارنة بعام 2019، "لكنه ظل إلى حدٍّ بعيد أكبر منفق في شمال إفريقيا وإفريقيا ككل"؛ حيث كان لانخفاض أسعار النفط، بدءًا من عام 2014 وما تلاه من انخفاض في عائدات النفط الجزائرية، تأثير ملحوظ على الإنفاق العسكري الجزائري بحلول نهاية عام 2016. فخلال الفترة 2017-2020، انخفض الإنفاق الجزائري كل عام باستثناء عام 2019، عندما انخفض الإنفاق العام بنسبة 5.3٪.

من ناحية أخرى، صُنِّف المغرب كذلك من بين الدول التي تنفق أكثر على الأسلحة في القارة الإفريقية، وذكر التقرير أنه خلال عام 2020، بلغ الإنفاق العسكري المغربي 4.8 مليارات دولار، بزيادة قدرها 29٪ مقارنة بعام 2019، و54٪ عن الإنفاق العسكري للمملكة في عام 2011.

وأوضح التقرير أن الجزائر والمغرب من بين الدول التي لديها أعلى إنفاق عسكري كحصة من الناتج المحلي الإجمالي المعروف أيضًا باسم العبء العسكري، وهو أبسط مقياس للعبء الاقتصادي النسبي للجيش على البلاد.

من جهة ثانية، وحسب التقرير نفسه، فقد بلغ إجمالي الإنفاق العسكري في إفريقيا 51.6 مليار دولار في عام 2023، بمعدل 22 في المائة أعلى مما كان عليه في عام 2022، وأعلى بنسبة 1.5 في المائة من عام 2014، كما بلغ الإنفاق العسكري في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 23.1 مليار دولار، وهو أعلى بنسبة 8.9 في المائة مما كان عليه في عام 2022، لكنه أقل بنسبة 22 في المائة مقارنة بعام 2014.

من جهة ثانية، أكد التقرير ذاته أن الحرب والتوترات في الشرق الأوسط باتت تغذي أكبر زيادة في الإنفاق خلال العقد الماضي، بحيث ارتفع الإنفاق العسكري المقدر في الشرق الأوسط بنسبة 9.0 في المائة ليصل إلى 200 مليار دولار في عام 2023، وكان هذا أعلى معدل نمو سنوي تشهده المنطقة في العقد الماضي.

ونما الإنفاق العسكري الإسرائيلي – وهو ثاني أكبر إنفاق في المنطقة بعد المملكة العربية السعودية – بنسبة 24 في المائة ليصل إلى 27.5 مليار دولار في عام 2023.

وأرجع التقرير هذه الزيادة في الإنفاق بشكل أساسي إلى الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق على غزة رداً على الهجوم على جنوب إسرائيل، من طرف حماس في أكتوبر 2023.

وتعكس الزيادة الكبيرة في الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط في عام 2023 الوضع المتغير بسرعة في المنطقة - من دفء العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والعديد من الدول العربية في السنوات الأخيرة إلى اندلاع حرب كبرى في غزة والمخاوف من حدوث حرب جديدة.

وقال دييغو لوبيز دا سيلفا، كبير الباحثين في برنامج الإنفاق العسكري وإنتاج الأسلحة التابع لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، إن الصراع على مستوى المنطقة يغذي سباق التسلح.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...