ولد الغزواني ينسج دبلوماسية براغماتية بين مدريد وواشنطن والجزائر.. هل ترجح زيارة سانشيز ميل نواكشوط نحو دعم خيار الحكم الذاتي في الصحراء؟
يبدأ رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، اليوم الأربعاء، زيارة رسمية إلى العاصمة نواكشوط، على رأس وفد وزاري غير مسبوق يضم سبعة من أبرز وزراء حكومته، في خطوة تكشف عن تطور لافت في العلاقات بين مدريد ونواكشوط، وتحمل في طياتها إشارات دقيقة حول التموقع الإقليمي الجديد لموريتانيا، خاصة في ملف الصحراء.
ووفق ما أكدته وسائل إعلام اسبانية نقلا عن مصادر دبلوماسية، فإن أجندة المباحثات بين سانشيز والرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تتضمن ملفات تقليدية مثل الأمن والهجرة والطاقة، غير أن ملف الصحراء، قد يُطرح بشكل غير مباشر في المحادثات الثنائية، باعتباره جزءا من التوازنات الاستراتيجية في المنطقة، وتقاطعاتها مع الوضع في الجزائر والمغرب.
الزيارة، التي سيُتوّجها عقد أول قمة حكومية بين البلدين، تتزامن مع تصاعد التنسيق الإسباني المغربي بشأن ملف الصحراء، وتجديد مدريد دعمها العلني لمبادرة الحكم الذاتي التي تقترحها الرباط، وهو ما يضع موريتانيا في موقع يفرض عليها ربما دعم"صامت "لمقترح المغرب دون الدخول في اصطفافات علنية قد تخلّ بتوازن العلاقات الموريتانية مع أطراف إقليمية أخرى.
وإذا كان ملف الصحراء لم يُعلن رسميا كبند في أجندة لقاء سانشيز وولد الشيخ الغزواني، إلا أن السياق العام، وموقع موريتانيا كطرف مراقب في المسار الأممي، يجعل من الصعب تجاهله تماما، حيث تعول مدريد على دعم موريتانيا لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007، قصد تحصين موقفها السياسي واعترافها التاريخي بجدية مقترح الحكم الذاتي الذي يعزز سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وفي الوقت ذاته، تتجه السياسة الخارجية لنواكشوط، في عهد الرئيس الغزواني، نحو مزيد من الانفتاح البراغماتي، بعيدا عن الاصطفافات الإيديولوجية الصلبة التي طبعت رؤساء موريتانيين سابقين، ويبرز ذلك جليًا من خلال تزايد حضور موريتانيا في المبادرات الأمنية والاقتصادية الدولية، وآخرها قمة البيت الأبيض المصغرة التي دعا إليها دونالد ترامب، بحضور زعماء دول غرب إفريقيا، حيث ظهر غزواني إلى جانب قادة أفارقة، في لقاء طبعته رسائل تجارية وسياسية قوية.
في مقابل ذلك، يراهن المغرب، على نجاعة العمل المؤسساتي مع مدريد، وعلى كون نواكشوط باتت تنظر إلى استقرار المنطقة من زاوية أمنية واقتصادية، ما يجعلها تميل عمليا إلى دعم حل يضمن استقرار الجنوب، وهو ماتجسد عمليا باتخاذ موريتانيا إجراءات عسكرية لتأمين حدودها الشمالية وغلق جميع المنافذ التي تتخذها عناصر جبهة البوليساريو لتنفيذ "هجماتها" على أهداف مغربية .
واعترفت موريتانيا رسميا بجبهة البوليساريو في 27 فبراير 1984، خلال عهد الرئيس محمد خونا ولد هيداله، في سياق إقليمي مضطرب، وبعد تعرض نواكشوط لضغوط سياسية من الجزائر وليبيا آنذاك، ورغم أن هذا الاعتراف لا يزال قائما، فإن الحكومات المتعاقبة تبنّت منذ التسعينيات موقف "الحياد الإيجابي" وامتنعت عن أي خطوات دبلوماسية نشطة تجاه "الجمهورية الوهمية" المعلنة من طرف واحد.




