22 سنة على وفاته.. الحسن الثاني مُبدع المسيرة الخضراء ومنقذ الملكية من السقوط

 22 سنة على وفاته.. الحسن الثاني مُبدع المسيرة الخضراء ومنقذ الملكية من السقوط
الصحيفة – بديع الحمداني
الأربعاء 25 نونبر 2020 - 23:05

يُخلد المغاربة اليوم الأربعاء (9 ربيع الثاني 1442 هـ)، الذكرى 22 لوفاة الملك الحسن الثاني الذي ودع الحياة في مثل هذا اليوم من سنة 1420هـ الموافق لـ23 يوليوز 1999م، تاركا خلفه 38 سنة من حكم المغرب، عاش فيها الملك الحسن الثاني - ومعه البلاد - الكثير من الأحداث التي طبعت تاريخ المغرب الحديث.

الحسن الثاني تولى حكم المغرب بعد وفاة والده محمد الخامس، في سنة 1961، ومباشرة بعد توليه العرش، أيقن المغاربة أنهم أمام ملك استثنائي وكاريزما قوية مختلفة عن محمد الخامس، فكان صاحب "لكل مقام مقال"، فهو الملك الذي يخاطب شعبه بلهجته الدارجة، وهو الملك الذي يتحدث باللغة العربية في المناسبات العربية، وهو صاحب اللسان الفرنسي الفصيح، والمتحدث بالإنجليزية أيضا.

الكاريزما القوية للملك الحسن الثاني، والتي كان يشهد لها بها الأجانب قبل المغاربة، كانت في الحقيقة إنعكاس لعبقرية الرجل ولدرياته الواسعة بمختلف صنوف العلم والمعرفة والدهاء السياسي والتاريخي، فكان لابدا أن يكون هو مُبدع المسيرة الخضراء، الحدث الذي فاجأ العالم وأصبح جزء لا يتجزأ من تاريخ المغرب والمغاربة.والمسيرة الخضراء، هي واحدة من المحطات العديدة التي بصمت والتصقت باسم الحسن الثاني خلال 38 سنة من حكمه، وتبقى هي الأكثر بروزا، نظرا لضخامة الحدث، ولتأثيره على المغرب ومستقبله إلى حدود هذا اليوم.

فبعد أسابيع من التخطيط والإعداد في سرية تامة، أعلن الملك الحسن الثاني في 5 نونبر 1975 عن انطلاق المسيرة الخضراء، قوامها 350 ألف مغربي ومغربية، اتجهوا نحو الأقاليم الصحراوية المحتلة من طرف القوات الإسبانية، وكانت الانطلاقة يوم 6 نونبر 1975، بعدما قال الحسن الثاني في خطابه الشهير "شعبي العزيز غدا إن شاء الله ستخترق الحدود، غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة، غدا إن شاء الله ستطؤون أرضا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون أرضا من وطنكم العزيز ".

كانت المسيرة الخضراء التي دامت 3 أيام، كافية ليبسط المغرب سيادته على الأقاليم الجنوبية ويُعيدها إلى أحضان الوطن، دون إراقة الدماء، رغم ما شاب هذه السيادة من نقص، إلا أنها فتحت الباب لإعادة أجزاء هامة ظلت مفقودة ومبتورة عن المغرب لسنوات طويلة.

ولا يُعتبر الحسن الثاني مبدعا فقط، فهو كذلك يُمكن اعتباره مُنقذا، فقد أنقذ الملكية من السقوط، في وقت كانت تتساقط فيه الأنظمة الملكية، أمام صعود "الجمهوريات العربية" مثلما حدث في مصر وليبيا والعراق، خاصة أن المغرب أنذاك كان البلد الوحيد المتبقي بنظام ملكي في شمال إفريقيا.

ولازال التاريخ يحكي إلى اليوم، عن انقلابين دمويين كادا أن يُسقط الملك الحسن الثاني ومعه النظام الملكي إلى الأبد، أولهما انقلاب الصخيرات سنة 1971 بقيادة الكولنييل اعبابو والجنرال المذبوح، وقد نجا الملك بأعجوبة من رصاص وقذائف الانقلابيين.

ولم تمر سنة واحدة، حتى وجد الملك الحسن الثاني نفسه أمام محاولة انقلاب ثانية، وهذه المرة في السماء، عندما كان عائدا على متن طائرة للخطوط الملكية الجوية من زيارة في الخارج، فاستقبلته طائرات عسكرية تطلق النار على طائرته، ومرة أخرى نجا بأعجوبة وحطت به الطائرة وهيكلها الخارج مليئا بثقوب الرصاص، وقيل فيما بعد أن الجنرال أوفقير كان مدبر العملية الانقلابية، وتوفي الأخير مباشرة بعد فشل الانقلاب بطلقات نارية.

وإن كانت هاتان المحاولتان الانقلابيتان هما أبرز المحاولات المشهورة التي كادت تُنهي الملك والملكية في المغرب، إلا أن هناك محاولات أخرى كثيرة قيل أنها استهدفت الملك، ومنها ما تم إجهاضها قبل أن تبدأ، وكلها نجا منها الملك، ليعيش وينقل الملكية معه إلى بر الأمان، إلى أن رحل إلى دار البقاء وترك الملكية في يد الملك محمد السادس في منأى عن مخاطر عديدة.هناك عدد من الدارسين للتاريخ المغربي الحديث، يعتبرون الحسن الثاني واحدا من أبرز السلاطين العلويين الذين حكموا المغرب، ومنهم من ذهب إلى اعتباره ثاني أقوى ملك علوي مر في تاريخ المغرب بعد السلطان المولى إسماعيل.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...