58 في المائة من الثروة تخلقها "رُبع" جهات المغرب.. هل تحولت الأرقام الرسمية إلى دليل على فشل الحكومة في تنزيل النموذج التنموي الجديد؟

 58 في المائة من الثروة تخلقها "رُبع" جهات المغرب.. هل تحولت الأرقام الرسمية إلى دليل على فشل الحكومة في تنزيل النموذج التنموي الجديد؟
الصحيفة - إسماعيل بويعقوبي
الثلاثاء 2 شتنبر 2025 - 17:06

أظهرت الحسابات الجهوية الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2023 استمرار عمق الاختلالات البنيوية بين جهات المغرب، بل وتزايدها رغم الإصلاحات والبرامج التنموية التي اعتمدتها الدولة على مدى العقدين الماضيين. 

وتكشف المعطيات أن ثلاث جهات فقط، وهي الدار البيضاء - سطات والرباط - سلا - القنيطرة وطنجة - تطوان - الحسيمة، تنتج ما مجموعه 58,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، ما يعادل أكثر من نصف الثروة الوطنية، في حين تتقاسم باقي الجهات الاثنتي عشرة النسبة المتبقية بمستويات متفاوتة. 

وتبرز الهيمنة الاقتصادية بشكل واضح في سيادة جهة الدار البيضاء - سطات التي تستحوذ وحدها على 32,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، أي ما يعادل ثلث الاقتصاد الوطني، بينما تساهم جهة الرباط - سلا -القنيطرة بنسبة 15,7 في المائة بفضل حضور المؤسسات الحكومية والقطاع الثالث، وتأتي جهة طنجة - تطوان - الحسيمة في المرتبة الثالثة بـ10,6 في المائة مستفيدة من الطفرة الصناعية والمينائية التي شهدتها.

في المقابل، لم تتجاوز مساهمة خمس جهات مجتمعة سوى 33,8 في المائة، وهي مراكش - آسفي وفاس - مكناس وسوس - ماسة وبني ملال - خنيفرة والجهة الشرقية، بينما لم تسهم الجهات الجنوبية الثلاث إلى جانب جهة درعة - تافيلالت سوى بـ7,6 في المائة مجتمعة، ما يعكس ضعف بنياتها الاقتصادية وتواضع استثماراتها. 

ورغم وضوح التشخيص في التقارير الرسمية والدراسات البحثية، لم تتمكن التجارب الحكومية المتعاقبة من تضييق الفوارق الجهوية، تفعيلا لمبادئ سياسة إعداد التراب الوطني التي تؤكد على تدعيم الوحدة الوطنية عبر توزيع متوازن للموارد العمومية.

 فقد بقيت الاستثمارات العمومية متمركزة في مثلث الرباط - الدار البيضاء - طنجة، مما يعيد إنتاج التفاوت بدل تجاوزه، كما أن البرامج الاجتماعية، وعلى رأسها "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، لم تتمكن رغم إسهامها في تحسين بعض المؤشرات الاجتماعية من خلق دينامية اقتصادية قادرة على تحرير الطاقات المحلية في الجهات الأقل نموا.

وينطبق الأمر ذاته على توزيع الموارد البشرية، حيث تستحوذ خمس جهات على أزيد من 50 في المائة من موظفي الدولة المدنيين، بينما تكتفي باقي الجهات بنسب متفاوتة، مما ينعكس سلبا على جودة الخدمات العامة في مجالات التعليم والصحة، ويترجم واقعا ملموسا في التفاوت في التمتع بالحقوق الاجتماعية بين المواطنين حسب مجالهم الترابي.

 أمام هذا الواقع، أطلق الملك محمد السادس المشروع التنموي الجديد سنة 2019 كإطار استراتيجي لإعادة هيكلة النموذج الاقتصادي والاجتماعي للمغرب، مستندا إلى مبادئ أساسية أبرزها تحقيق العدالة المجالية عبر توجيه الاستثمارات نحو الجهات الأقل استفادة، إلى جانب تقوية التماسك الاجتماعي من خلال تحسين الولوج إلى التعليم والصحة والشغل.

وفي خطاب العرش الأخير لسنة 2025، دعا الملك محمد السادس إلى اعتماد "جيل جديد من التنمية" يقطع مع المقاربات التقليدية ويؤسس لنقلة نوعية في تدبير السياسات العمومية، يقوم على تعزيز التمكين الاقتصادي للجهات الهامشية عبر تشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتطوير أدوات التمويل الجهوية بما في ذلك بنوك جهوية للتنمية، مع إشراك الساكنة المحلية في اتخاذ القرار التنموي لتعزيز الحكامة الترابية، والتركيز على إدماج الشباب والنساء في الدورة الاقتصادية الجهوية.

ومن شأن تحقيق هذه الرؤية، توسيع قاعدة خلق الثروة الوطنية، وجعل جهات جديدة تساهم بفعالية في الناتج الداخلي الإجمالي، بدل الاكتفاء بثلاثة أقطاب مهيمنة، مما يسهم في تحقيق العدالة المجالية ويؤسس لتنمية متوازنة ومستدامة تعزز التماسك الاجتماعي والوحدة الوطنية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...