المغرب وإسبانيا يتجهان لإحداث وضع جديد في باب سبتة بـ"الصمت المرضي للطرفين"

 المغرب وإسبانيا يتجهان لإحداث وضع جديد في باب سبتة بـ"الصمت المرضي للطرفين"
الصحيفة – محمد سعيد أرباط
السبت 25 فبراير 2023 - 12:00

لم يُقدم وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، أي تاريخ محدد لانطلاق أنشطة الجمارك التجارية في باب سبتة، كما لم يوضح مصير اتفاقية شينغن الاستثنائية التي كانت تسمح قبل وباء كورونا لسكان إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق بدخول سبتة بجواز السفر فقط، بدل طلب التأشيرة المعمول بها حاليا كإجراء فرضته ظروف إعادة الفتح التدريجي للمعبر بعد انتهاء وباء كورونا وانتهاء الأزمة الدبلوماسية مع المغرب في 2021.

وتتساءل العديد من الأطراف المعنية، في سبتة وباقي المناطقة المغربية كتطوان والمضيق والفنيدق، إلى متى سيستمر هذا الوضع "الغامض" الذي لم يوضح بشكل صريح تاريخ انطلاق النشاط التجاري الجمركي بباب سبتة، ولم يوضح ما إذا كان سيستمر العمل بقرار التأشيرة أم سيتم العودة إلى استثناء شينغن الذي كان معمولا به لعقود طويلة قبل سنة 2019.

ومن جانبه، فإن المغرب لم يصدر عنه أي قرار أو بلاغ رسمي، بشأن نشاط الجمارك التجارية في باب سبتة، كما لم يُلمح لا من قريب أو من بعيد، بأي توضيحات بشأن الوضع القانوني النهائي لدخول المغاربة إلى سبتة، الأمر الذي يدفع بالكثيرين إلى التساؤل عن أسباب هذا الصمت، سواء من مدريد أو الرباط.

ويبدو أن الجواب يكمن في الخلاف الأزلي بين المغرب وإسبانيا بشأن السيادة على مدينتي سبتة ومليلية، حيث أن المغرب يرفض الاعتراف بسيادة إسبانيا على المدينتين ويعتبرهما أراض مغربية محتلة، وهو الأمر الذي تُدركه إسبانيا جيدا، إلا أن خارطة الطريق الجديدة بين الطرفين تفرض عليهما العبور من الملفات الحساسة بطرق لا تؤدي إلى أي ردود فعل أو استياء في الداخل الإسباني وفي نظيره المغربي.

ويُلاحظ أن هذا الصمت بين الرباط ومدريد بشأن إصدار قرارات نهائية حاسمة في ملفات حساسة، مثل طبيعة العبور ببابي سبتة ومليلية وقضية الجمارك التجارية، هو صمت مرض للطرفين إلى حدود الساعة، وبالتالي يتجه البلدان إلى فرض وضع جديد في معبر باب سبتة وكذلك في معبر مليلية دون ضجيج إعلامي.

ويُتوقع في هذا السياق - خلافا لما كان متداولا سابقا في الصحافة الإسبانية - بأن لا يقوم المغرب بإحداث أي مكاتب جمركية في باب سبتة، وسيوافق فقط على النشاط الجمركي لدى المكاتب الإسبانية التي تم إحداثها مؤخرا في باب سبتة، من أجل تقنين نشاط عبور البضائع بين سبتة ومحيطها المغربي، وهو ما يُبقي المغرب في موقفه الرافض لإحداث أي جمارك تجارية "دولية" في باب سبتة، لكي لا يكون ذلك بمثابة اعتراف مغربي بسيادة إسبانيا على سبتة من جهة، ومن جهة أخرى يسمح للحكومة الإسبانية بالدفاع عن نفسها أمام ردود الفعل في الداخل الإسباني بالاستدلال بالمكاتب الجمركية الخاصة بها في معبر باب سبتة.

وبخصوص حركة عبور المغاربة إلى سبتة بجواز السفر فقط، فيُعتقد أن الإجراء الجديد المتعلق بفرض التأشيرة على الجميع، سيبقى هو المعمول به، دون إصدار قرار رسمي بشأنه، وبالتالي فرض هذا الوضع الجديد بشكل صامت إلى أجل غير مسمى، مما يُبقي الرباط بعيدة عن أي انتقادات بعزل جزء من أراضيها المحتلة عن باقي التراب المغربي، وفي نفس الوقت يتم إرضاء السلطات الإسبانية في سبتة التي ترى في إبقاء التأشيرة قرارا جيدا للمدينة يُنهي العديد من المشاكل.

ويُعطي هذا الصمت مؤشرات على وجود اتفاق غير معلن بين الرباط ومدريد لإحداث هذا الوضع الذي يفرض نفسه بشكل صامت بالاستعانة بعامل مرور الوقت، وهو أسلوب نجح المغرب في استخدامه في إيقاف التهريب المعيشي، حيث كان قد قرر إيقاف هذا النشاط بشكل مؤقت، ثم استمر القرار إلى غاية أن أصبح مستحيل العودة إلى هذا النشاط من جديد.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...