دراسة إسبانية لا تتوقع أية مصالحة وشيكة بين مدريد والجزائر.. وتُحذّر من عقبة تأجيل فتح جمارك سبتة ومليلية على العلاقة مع المغرب

 دراسة إسبانية لا تتوقع أية مصالحة وشيكة بين مدريد والجزائر.. وتُحذّر من عقبة تأجيل فتح جمارك سبتة ومليلية على العلاقة مع المغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الخميس 27 أبريل 2023 - 23:34

تحت عنوان "المغرب اليوم والمثلث إسبانيا-المغرب-الجزائر في سياق أزمة ثلاثية"، خلُصت المؤسسة البحثية التابعة للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، إلى أنه من الصعب على المدى المتوسط والقصير توقّع مصالحة سياسية ودبلوماسية بين الجزائر وإسبانيا، مشيرة إلى أن الموقف الجديد لحكومة بيدرو سانشيز بشأن قضية الصحراء المغربية مال بالتوازنات في المنطقة إلى الصراع الذي "سيؤدي بالتأكيد إلى صراعات دبلوماسية جديدة في المستقبل".

الدراسة التي أصدرتها مؤسسة "فونداسيون ألترناتيف"، اليوم الخميس، والتي سلّطت الضوء على القضايا الإقليمية المتعددة وملف الصحراء المغربية، والطاقة (المحروقات، والفوسفات، والمتجددة)، والعلاقات التجارية أو الجيوسياسية بين الدول الثلاث (المغرب، وإسبانيا، والجزائر)، قالت إن إسبانيا دخلت في عام 2022 إلى عمق الصراع بين الرباط والجزائر، وذل مباشرة بعد رسالة بيدرو سانشيز التي تضمّنت الموقف الجديد لإسبانيا والمثمّن لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب منذ عام 2007، بوصفها "الأكثر مصداقية وواقعية "لحل النزاع المفتعل.

واتخاذ الحكومة الاشتراكية هذا القرار، اعتُبر كسرا لما وصفته الدراسة التي أعدها كل من ألفونسو كاساني، الأستاذ في جامعة كومبلوتنسي بمدريد وبياتريز تومي، الأستاذة في قسم العلوم السياسية في UNED، (وصفته) بـ " الحياد النشط التقليدي" في تعامل إسبانيا مع كل من الجزائر والمغرب.

وأشار المحللون، إلى أن ذات الحياد، الذي لطالما تموقعت فيه إسبانيا مكّنها من البحث عن التوازنات التي من شأنها ضمان مصالحها على حساب الطرفين، سواء تعلّق الأمر بمصالح الطاقة مع الجزائر أو المصالح المرتبطة بالهجرة والأمن مع المغرب، وفق التقرير الذي أسهب في عواقب قرار سانشيز المؤيد لمغربية الصحراء.

من جهة ثانية، شدّد الخبراء في الدراسة، على أن قرار سانشيز كان مدفوعا برغبة جامحة لحكومته، في تحسين العلاقات مع الجار الجنوبي المغرب والذي عبّر عن رفضه المطلق لاستقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي في إسبانيا، إلى جانب حرص الحكومة الإسبانية على الحد من ضغوط الهجرة التي تتهدّد الحدود ورغبتها الجامحة أيضا في تعزيز تصور الاستقرار على الحدود الجنوبية لأوروبا مقابل حالة عدم الاستقرار في الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي، بيد أن هذا القرار تسبّب أيضا وفق المصدر ذاته، في تمزق العلاقات مع الجزائر والرفض شبه الجماعي لبقية القوى السياسية.

واعتبرت الدراسة الإسبانية، أن النتائج المباشرة لقرار الحكومة الإسبانية، على الصعيدين الوطني والدولي، بدأت تبرز جليا من خلال توقيع عدد من الاتفاقات وجني ثمرات التعاون، لعل من أهمها انعقاد الاجتماع رفيع المستوى بين إسبانيا والمغرب في فبراير.

وبالمقابل، اعتبر الخبراء أن نتائج هذا الاجتماع رفيع المستوى الذي جمع المغرب وإسبانيا تستمر في الحفاظ على درجة عالية من "عدم اليقين"، لافتين إلى أنه "تم إنشاء ثماني مجموعات عمل ومتابعة، لكن محتواها والغرض منها غير معروف، فيما لم يتمكن الطرفان حتى الآن من تحديد موعد قار لإعادة فتح جمارك سبتة ومليلية، وهي إحدى القضايا التي أثارت الاهتمام الأكبر..".

ويرى المصدر ذاته، أن العلاقات مع المغرب تدخل مرحلة جديدة من التعاون المشترك، والذي "لم يخلو من التنازلات" في وقت لا تزال ذات العلاقات تتهدّدها مجموعة من عناصر التوتر، خاصة المرتبطة بقضية الوحدة الترابية للمغرب وموقفه من سبتة ومليلية، معتبرة أن هذه الأخيرة لا تزال تشكل حجر عثرة في العلاقات بين إسبانيا والمغرب، تزامنا مع تأجيل فتح الجمارك المرتقب مع هاتين المدينتين وما له علاقة بقضايا الهجرة.

وفي الشق المرتبط بالعلاقات الإسبانية الجزائرية، لا يتوقع محللوا المؤسسة البحثية، أي مصالحة على المدى القصير والمتوسط، معزّزين طرحهم بالتأكيد على غياب رغبة إسبانية وحتى جزائرية في ذلك، بحيث" لم يقم أي منهما بإيماءات تصالحية حتى الآن".

وتابعت الدراسة: "إن اللحظة الحالية لأزمة الطاقة وإعادة تقييم العلاقات مع الجزائر باعتبارها مصدر للغاز والنفط تعزز مكانتها الدولية وتسمح لنا بتوقع المزيد على مستوى سياستها الخارجية" مضيفة: " أما إسبانيا يسعها أن تراهن على المصالحة من خلال الأدوات المتعددة الأطراف على غرار مجموعة 5 + 5، كوسيلة لتخفيف التوتر مع البلد المجاور".

وكانت العلاقات الإسبانية الجزائرية، قد دخلت منذ 18 مارس 2022، تاريخ إعلان مدريد دعم مقترح الحكم الذاتي للمغرب على صحرائه، منعطفا غير مسبوق مع الرفض الكلي لقصر "المرادية" هذا التحول الجذري في موقف الجار الإيبيري إزاء ملف الصحراء المغربية.

وكانت الحكومة الإسبانية قد أعلنت، وللمرة الأولى، دعمها مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي طرحها لأول مرة في 2007، واصفة إياها بـ "الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل هذا النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وردا على الموقف الإسباني، سارعت الجزائر، حاضنة الجبهة الانفصالية "البوليساريو"، وقتها إلى استدعاء سفيرها لدى مدريد "للتشاور"، كما أعلنت شركة المحروقات الوطنية سوناطراك، المملوكة للدولة، رفع أسعار الغاز الذي تصدره إلى إسبانيا.
وانتقدت الرئاسة الجزائرية الموقف الإسباني الجديد محمّلة حكومة سانشيز مسؤولية التحول الذي اعتبرته "غير مبرر ويكرس لسياسة الأمر الواقع الاستعماري باستعمال مبررات زائفة" وفق تعبيرها.

وأضافت الرئاسة الجزائرية محملة مدريد مسؤولية ما قد ينجم من مشاكل عن خطوتها: "إن موقف الحكومة الإسبانية يعتبر منافيا للشرعية الدولية التي تفرضها عليها صفتها كقوة مديرة ولجهود الأمم المتحدة والمبعوث الشخصي الجديد للأمين العام، ويساهم بشكل مباشر في تدهور الوضع في الصحراء الغربية وبالمنطقة قاطبة".

ورفضت إسبانيا من جانبها، وطيلة الأشهر الماضية تحرّشات الجزائر وتصعيداتها السياسية والاقتصادية والتجارية ضد مدريد، خاصة مع تصريفها لموقفها السياسي في الضغط وخنق اقتصاد البلد الإيبيري ومصالح الشركات الإسبانية المؤطرة ضمن اتفاقيات موقعة منذ عقود بين الطرفين.

وكان آخر موقف عبّرت عنه الحكومة الإسبانية بهذا الخصوص، أول أمس في حوار لوزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، مع صحيفة "الإسبانيول"، جدد من خلاله رفض تدخل الجزائر في الشؤون الداخلية لإسبانيا، موردا: "مع الجزائر ، ما نريده هو بالضبط ما نريده مع كل جيراننا ومع كل الدول العربية. لقد التقيت بالأمين العام لجامعة الدول العربية وجميع السفراء العرب. العلاقات تقوم على الصداقة".

ولفت رئيس الدبلوماسية الإسبانية، إلى إمكانية إعادة توجيه العلاقة مع الجزائر، في ضوء الصداقة بين الشعبين، مؤكدا على "المنفعة المتبادلة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والاحترام المتبادل" وآملا أن "تسود الصداقة بيننا بأسرع ما يمكن كما هو الحال مع جميع جيراننا".

وبحسب ألباريس ، تطمح إسبانيا إلى علاقة مثل تلك التي تربطها بجيرانها الآخرين ، "تقوم على الاحترام المتبادل ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتسترشد بالصداقة بين الشعبين"

.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...