بدون إعلام زبائنها.. الأبناك تفرض 3 دراهم عن كل عملية أداء عبر تطبيقاتها بما يحقق لها 36 مليار سنتيم سنويا من دفع فواتير الهاتف فقط!

 بدون إعلام زبائنها.. الأبناك تفرض 3 دراهم عن كل عملية أداء عبر تطبيقاتها بما يحقق لها 36 مليار سنتيم سنويا من دفع فواتير الهاتف فقط!
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 19 ماي 2023 - 9:00

تزامنا مع تذمّر المؤسسات الرسمية من استمرار ارتفاع تداول "الكاش" بين المغاربة على الرغم من الجهود المبذولة في سبيل تشجيع المعاملات المالية إلكترونيا، وتلميح والي بنك المغرب إلى إمكانية فرض ضريبة على التعامل بالنقد، قاد "الجشع" عددا من الأبناك إلى فرض رسوم إضافية على أداء الفواتير إلكترونيا دون مرجع قانوني أو إخبار مسبق، الأمر الذي اعتبر "ابتزازا" للمواطنين لمعاملاتهم الالكترونية.

مجلس المنافسة أول المستنكرين

كان أول المستنكرين لهذه الزيادات "غير المبرّرة" والتي بلغت 3 دراهم عن كل عملية، هو مجلس المنافسة، الذي أكد وقوفه باعتباره مؤسسة دستورية على الممارسات التي تقوم بها بعض الشركات الناشطة في قطاعات اقتصادية مختلفة أثناء تأدية فواتيرها عبر خدمة الإنترنيت من طرف زبائنها، مشيرا إلى أنها "تُحملهم تكلفة هذه الخدمة، إضافة إلى قيمة الفاتورة المطلوب سدادها".

ونبّه مجلس المنافسة، في بلاغه، والذي توصّلت به "الصحيفة"، إلى أن هذه الشركات تستفيد من هذه الخدمة التي تخول لها إمكانية تقليص مصاريف التشغيل والاستثمار المرتبطة بتحصيل هذه الفواتير.

وشدّد مجلس المنافسة على وصفه لهذه الممارسات بـ "غير المبررة" من الناحية الاقتصادية، ومن شأنها عرقلة حرية المنافسة في الأسواق المعنية، من خلال منح امتيازات غير مستحقة لبعض الفاعلين، تمكنهم من تعزيز مكانتهم داخل هذه الأسواق على حساب المستهلكين.

كما اعتبر المجلس أن هذه الممارسات تشكل "عبئا على القدرة الشرائية للمستهلكين، وتعيق تطور ونمو رقمنة اقتصاد بلادنا، لافتا في الآن ذاته إلى أنها "لا تنسجم مع الإستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تطوير القطاع الرقمي بالمغرب".

ودعا مجلس المنافسة، الشركات (الأبناك) المعنية وبصفة فورية إلى "وضع حد لهذه الممارسات"، مشيرا إلى على أنه يحتفظ لنفسه بـ "حق اللجوء إلى تفعيل المساطر القانونية اللازمة في هذا الشأن ضد تلك التي تُصرُّ على هذه الممارسات المضرة بتطوير المنافسة في الأسواق الرقمية للاقتصاد الوطني".

ضريبة "الكاش"

وتأتي خُطوة مجلس المنافسة "غير المألوفة"، بعد شهرين فقط على إشهار عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، ورقة التفكير في فرض ضريبة على التعامل بالنقد الذي ارتفع في صفوف المغاربة في نهاية العام الماضي بنحو 10.8 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى حوالي 354,8 مليارات درهم.

واشتكى الجواهري، في ندوة عُقدت بمقر البنك في العاصمة الرباط شهر مارس الماضي، فشل منظومة الأداء عبر الهاتف، التي تسعى إلى تقليل التعامل بالنقد على الرغم من جاهزيتها منذ سنوات وبلوغ المحافظ الإلكترونية المسجلة نحو 8 ملايين، موردا أن الأداء عبر الهاتف المحمول المُسمى "المحفظة الإلكترونية" (M-wallet) "ضعيف جدا".

هل تُرجع الشركات الأموال المسروقة؟

وفي غياب معطيات دقيقة ومحيّنة من الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، حول عدد المغاربة الذين يعتمدون أساسا على المحافظ الإلكترونية لأداء فواتيرهم، واعتمادا على مُعطى زيادة ثلاث دراهم على كل فاتورة دُفعت من الجيب الإلكتروني للمواطن يسعنا القول إن الأبناك المعنية راكمت أموالا طائلة قدّرها الخبير الاقتصادي، سمير شوقي في تدوينة على حسابه بحوالي 360 مليون درهم أي 36 مليار سنتيم في العام الواحد عن كل 10 ملايين عملية إلكترونية لأداب فواتير الهاتف فقط.

وعلى الرغم من عدم مُطالبة مجلس المنافسة، الشركات المعنية بهذه الزيادات بإرجاع هذه الأموال الطائلة التي أخذتها دون وجه حق من جيوب المغاربة إلا أن مجرد التفاعل الايجابي من المؤسسة الدستورية وتهديده للشركات باللجوء إلى القضاء، "خطوة جد إيجابية غير مسبوقة وتنم عن روح وطنية عالية تستدعي التصفيق" على حد تعبير بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، الذي اعتبر ما تقوم به هذه الشركات "ابتزازا خطيرا".

حماة المستهلك في صف مجلس المنافسة

الخراطي وفي تصريح لـ "الصحيفة"، ثمّن بلاغ مجلس المنافسة، الذي يؤرخ لخطوة انتصار مؤسسة دستورية لمصلحة المستهلك، وهو وضع جديد وتاريخي ولأول مرة يحدث في المملكة، سيّما وأن غرضه وضع حد لابتزاز هذه الشركات للمواطنين في ظل الظرفية الاقتصادية التي تمر منها البلاد، واستغلال ضعف المواطنين من أجل مراكمة الأرباح عن طريق الاحتيال.

ويرى رئيس جمعية حماية المستهلك، أن هذه الشركات تعرقل كل المجهودات الذي بذلها المغرب في سبيل التمكين الرقمي، مشيرا إلى أن المواطن لا علاقة تعاقدية بينه وبين الشركات والأبناك المعنية بهذه العملية وبالتالي، فإن ما حدث "احتيال كبير".

ويُسجّل المغرب ضعفا كبيرا في خدمات الدفع الرقمي، بحسب تقرير صدر مؤخرا عن البنك الدولي، سجل أن هذه الطريقة في الدفع لا تستقطب إلا 17 في المائة من البالغين أكثر من 15 سنة، مقابل استخدام 62 في المائة من المغاربة للانترنت ووصول تغطية الجيل الرابع إلى 98 في المائة.

إجهاض حلم الرقمنة

في هذا الصدد، ثمن مصطفى ملوي رئيس المرصد الوطني للسيادة الرقمية، بدورة خطوة مجلس المنافسة وانتصاره ضمن البلاغ المذكور للمستهلك المغربي، مشدّدا على أن ما أقدمت عليه الشركات المعنية من اقتطاعات يجهض كل المجهودات المبذولة من طرف السلطات المغربية طيلة السنوات الماضية في سبيل تشجيع المعاملات الرقمية.

وشدّد ملوي، في تصريح خصّ به "الصحيفة"، على أن هذه الممارسات لا تشجع على الرقمنة والخدمات الرقمية، وتتعارض مع كل ما يبذله المغرب في هذا الإطار، بل وتسهم في إحداث شرخ وهوة أكبير في ثقة المواطن بهذا النوع من المعاملات.

وأثنى المتحدث، على دور مجلس المنافسة، وسعيه لوضع حد لهذا النوع من الممارسات، التي "لا تشجع على الثقة الرقمية، وانفتاح المواطنين على الخدمات الرقمية، وتتنافى وورش الرقمنة والإستراتيجية الرقمية ببلدنا".

وكان المغرب، قد أطلق خدمة الأداء عبر الهاتف نهاية سنة 2018 وتمت مواكبتها بإجراءات تحفيزية لتشجيع تجار القرب على قبول الأداء بواسطة الهاتف المحمول، باعتبارهم حلقة أساسية في هذه المنظومة الجديدة.

وفي هذا السياق، وتشجيعا على رقمنة الخدمات وانفتاح المغاربة على أداء فواتيرهم عبر الهاتف، أقر المغرب إعفاء ضريبيا شاملا من الأساس الخاضع للضريبة لفائدة تجار القرب على حجم المبيعات الذي يتحقق من خلال الهواتف المحمولة، لكن الإقبال لم يرق إلى المستوى المرجو.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...