عجز النخب السياسية عن الإنتاج الفكري.. حالة المغرب الحاضر 

سمير شوقي
الأحد 25 يونيو 2023 - 0:37

لن أُطالب بالمستحيل وتمني بروز نُخبة سياسية مثل تلك التي رافقت تاريخ المملكة ما بعد الاستقلال حتى وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. 

فنخبة من قبيل عبد الرحيم بوعبيد، والمهدي بنبركة، وأيت سعيد بنيدر، وعلي يعتة، ومحمد بوستة، ومحمد لحبابي، ومحمد جسوس، ومحمد عابد الجابري.. هي مجرد ذكريات في كتاب السياسة الذي طويناه قبل ربع قرن.

للأسف، منذ إطلالة الألفية الثالثة، ابتلينا بنخبة سياسية وصولية همها الوحيد بلوغ السلطة أو استغلال "امتيازات" المعارضة.. نُخبة جعلت من ريع السياسة برنامجها الأساسي فأعطتنا تردي مهول في مستوى تمثيلية المُنتَخبين على كل الأصعدة، وأدارت ظهرها للشعب بشكل مكشوف ومقيت.

لا أتصور أن مسؤولاً سياسياً سيطر على المشهد منذ ثلاثين سنة وأزيد، لا يؤلف كتاباً، ولا يكتب مقالاً واحداً في جريدة، بل لا ينتج فكرة تخلق نقاشاً جاداً. حميد شباط و إلياس العمري غادرا المغرب في ظروف غامضة، وغابا خمس سنين وأعلنا اعتزال السياسة ولم يمنحا المغاربة، الذين ثاقوا بهما في ظرف وزمان معين، كتاباً يشرح دوافعهما للهجرة المُختارة أو المفروضة، ثم عادا ليغوصا في القضايا السياسية، وكأن شيئاً لم يكن!

أمناء عامون خرجوا من المشهد بعد عقود من المسؤولية السياسية كالعنصر وساجد واليازغي واسماعيل العلوي، وأسماء مازالت تمارس السياسة، وتستفيد من المناصب القيادية، كعبد الاله بنكيران، ورشيد الطالبي العلمي، وعبد اللطيف وهبي، ونزار بركة ونبيل بنعبد الله، وإدريس لشكر.. الخ، لا تُكلف نفسها عناء تعميم تجربتها في كتب تغني الخزانة السياسية بالمغرب.

لقد اختاروا السهولة الآنية، وهي المواجهات الشفهية الإنتخابوبة، وبعدها بعض الخرجات المحسوبة بفضل "العم يوتيوب"، لكنهم لم يحكوا لنا شيئاً عن تجاربهم السياسية، إما جُبناً جينياً أو خوفاً من تضييع فرص محتملة قد تأتي والغالب أنها لن تعود أبداً.

فلتات قليلة شكلت الاستثناء رغم شح منشوراتها مثل عبدالرحمن اليوسفي وعبد الواحد الراضي، وعبد الكريم غلاب.. 

هو ذاك، هذا المشهد السياسي البئيس الذي لا يمكن إلا أن يُفرز لك نواباً، وحتى وزراء من الصف الثاني، والثالث، في مملكة الثلاثة عشر قرناً من الحضارة والشموخ.. والأربعين مليون مغربي يثوقون لنخبة تُخاطبهم وتُؤرخ لما بصمت عليه سياسياً، حتى إذا رحلت تركت خلفها موروثاً ثقافياً وسياسياً غنياً.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...