الإعلام الكولونيالي.. صُحف وقنوات فرنسا تغطي زلزال مراكش بمنطق "الوصاية" بعد عدم قبول المغرب المساعدة من باريس

 الإعلام الكولونيالي.. صُحف وقنوات فرنسا تغطي زلزال مراكش بمنطق "الوصاية" بعد عدم قبول المغرب المساعدة من باريس
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 11 شتنبر 2023 - 12:00

يرى الكثير من المغاربة في فرنسا، وخصوصا في زمن الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، بلدا لا يتورع عن التعامل بعنجهية تجاه الدول التي يعتبرها "مستعمراته السابقة"، لكن لم يكونوا يتوقعون أن بمقدور النخبة السياسية الموجودة في السلطة هناك ووسائل الإعلام التي تدور في فلكها، ستستغل فاجعة بحجم الزلزال الذي ضرب المغرب من أجل الاستمرار على هذا النهج.

وفي الوقت الذي كانت فيه المأساة التي ضربت إقليم الحوز والأقاليم القريبة منه، مخلفة أكثر من 2000 قتيل هي محور اهتمام مختلف القنوات والصحف الدولية، فالأمر في فرنسا لم يكن كذلك أبدا، لأن النقاش هناك أضحى أكثر تركيزا على سؤال واحد مفاده: "لماذا لم يقبل المغرب المساعدة التي عرضها ماكرون؟"، لدرجة أن الصحافيين والمذيعين نسوا الخسائر البشرية والمادية وركزوا فقط على هذا السؤال.

وأصبح الأمر مستفزا لدرجة أن رشيدة حارسة أختام الجمهورية ووزيرة العدل الفرنسية السابقة، تعجبت من سؤال مقدم برنامج شاركت فيه عبر قناة BMFTV حول سبب عدم قيام المغرب بإعلان رغبته في التوصل بالمساعدة المقترحة من فرنسا، مشيرة إليه بأنه يبحث عن "إثارة الجدل في ظل المأساة الإنسانية".

وعاد المذيع الفرنسي لطرح السؤال بصيغة أخرى "لماذا قبل المغرب المساعدة من الدول الأخرى ولم يفعل مع فرنسا؟"، وكان ذلك صادما للوزيرة السابقة في عهد الرئيس المحافظ نيكولا ساركوزي، لتجيب بشكل صريح: "هل تعي الإهانة التي يحملها سؤالك؟".

وكانت هذه "الوقاحة" صادمة حتى لجزء من النخبة الفرنسية، فالمرشح  اليساري خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2022، جون لوك ميلونشون، المزداد بالمغرب، كتب على "تويتر" تفاعلا مع خطاب BMFTV أن المغاربة قادرون على مواجهة تحدياتهم بأنفسهم، مبرزا أنه في هذا الظرف يجب أن تُعرض المساعدة على السلطات "دون دروس ودون لوم"، وأضاف أن التضامن يجب أن يكون غير مشروط، وأن يكون في نطاق الاحترام والأخوة.

لكن الأمر لم يكن حكرا على القنوات التلفزيونية، بل على الصحف أيضا، فالكثير منها شنت حملة على المغرب وعلى الملك محمد السادس، مركزة على ما اعتبرته "اختفاء" العاهل المغربي بعد الفاجعة و"عدم اهتمامه" بما جرى، لكونه كان موجودا في فرنسا، على الرغم من أنه كان قد ترأس جلسة عمل طارئة بعد ساعات من إعلان أول حصيلة للوفيات، وناقش مع مسؤولي البلاد الحكوميين والعسكريين خارطة الطريق المفصلة التي تتطلبها المرحلة.

هذا، وجعلت بعض الصحف من الفاجعة مادة للسخرية، برسومات كاريكاتورية تلعب على وتر الفقر في المناطق المتضررة تارة والعلاقات المتشنجة لباريس مع القصر الملكي مرة أخرى، بل إن صحيفة "ليبيراسون" المعروفة، وضعت على صدر صفحتها الأولى صورة أيقونية لسيدة يعتصرها ألم الفاجعة وكتبت بالعنوان العريض "المغرب.. ساعدونا، نحن نموت في صمت".

وحاولت الصحافة الفرنسية وخلفها النخبة السياسية المقربة من ماكرون، أن تُظهر الأمر وكأنه يتعلق بقيام القصر بتصفية الحسابات مع فرنسا عن طريق منع "المساعدات" من الوصول إلى الأماكن المنكوبة، وأن الضحايا هم من "يدفعون الثمن"، كل ذلك بعد أن رفض الملك محمد السادس التجاوب مع ساكن الإليزي في ظل الأزمة الدبلوماسية المستمرة منذ أمد غير قصير بين البلدين.

مدير الأخبار السابقة في 2M تتساءل عن سبب تخصيص برامج تلفزية بفرنسا فقط للحديث عن رفض المغرب المساعدة الفرنسية؟

وكان بلاغ الديوان الملكي الصادر في اليوم الموالي للمأساة، قد أورد أن الملك "أعرب عن خالص تشكرات المملكة المغربية للعديد من البلدان الشقيقة والصديقة، التي عبرت عن تضامنها مع الشعب المغربي في هذا الظرف، والتي عبرت العديد منها عن استعدادها لتقديم المساعدة في هذه الظروف الاستثنائية".

ويوم أمس الأحد أوردت وزارة الداخلية أن  السلطات المغربية استجابت لعروض الدعم التي قدمتها الدول الصديقة إسبانيا وقطر والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي اقترحت تعبئة مجموعة من فرق البحث والإنقاذ، مبرزة في بلاغها أن العاهل المغربي عبر عن "خالص تشكرات المملكة المغربية للبلدان الصديقة والشقيقة التي أبدت تضامنها مع الشعب المغربي".

وكان مصدران متطابقان قد أكدا لـ"الصحيفة" أن الرئيس الفرنسي طلب الحديث مع الملك محمد السادس وهو على متن الطائرة التي تقله إلى قمّة العشرين العاصمة الهندية "نيودلهي"، غير أن العاهل المغربي رفض استقبال المُكالمة، وهو ما دفع ماكرون لنشر تغريدة على حسابه في موقع X يعلن فيها استعداد باريس لتقديم أي مساعدة مطلوبة.

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...