السياحة في مراكش.. فينق ينبعث من تحت ركام الزلزال متسلّحا بإرادة الشعب وثقة السياح الأجانب في "المدينة الحمراء"

 السياحة في مراكش.. فينق ينبعث من تحت ركام الزلزال متسلّحا بإرادة الشعب وثقة السياح الأجانب في "المدينة الحمراء"
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 16 شتنبر 2023 - 18:50

بدأت مراكش تستنشق الحياة مرة أخرى، وفي جعبتها قصص حزينة، وملحمة صمود وتجدد أبان عنها المغاربة، في غضون الأسبوع الأليم الذي أعقب الهزة الأرضية العنيفة التي ضربت معظم أقاليم المملكة وكانت بؤرتها بإقليم الحوز، حيث تتمركز المدينة الحمراء بنخيلها الشاهد بشهود على إرادة شعب في النهوض من تحت ركام الأحزان بكل ثقة وثبات وعزيمة ممكنة.

وعلى الرغم من مخلّفات الدمار ومشاعر الأسى التي يستشعرها المارق من مراكش، والناظر في وجوه الساكنة وهي تُحاول مغالبة أحزانها ببسمة صادقة في وجوه ضيوفها "غير المعتادين"، وهي التي ألفت ضيوف الفرح لا القرح حتى لقّبت بمدينة "البهجة"، إلا أن الزلزال لم ينجح في مسح بريق المدينة، بل كان اختبارا للّحمة المغربية وإرادتها في نفض غبار الحداد.

وبينما تحتضن المدينة الحمراء، جمالها الطبيعي بدأت تعمل بجد على إعادة لمعانها وتعزيز جاذبيتها السياحية، فهي "مدينة التحدي" كما يصفها الخبير في المجال السياحي عمر ظريف الذي تحدّث لـ "الصحيفة"، عن الضربات العديدة التي تلقاها القطاع السياحي في مراكشي لعقود مضت بما فيها الهجمات الإرهابية التي لم تنجح في هدم جمالية المدينة وخصوصياتها في أي وقت.

ويرى ظريف، أن الوضع الحالي في مراكش ما هو إلا "سحابة صيف عابرة، لاشك وأن المسؤولين سيستخلصون منها دروسا بالجملة"، لكنه أيضا وبحسب الخبير "وضع أبان عن معدن المغاربة شعبا وقيادة في تدبير الأزمات، ولا شك أن التعليمات التي أمر بها الملك محمد السادس، واستعجاله الحكومة في خطة إيواء المتضررين وإطلاق حساب بنكي مخصص لضحايا الزلزال، ستسهم بشكل كبير في تسريع وتيرة العمل وإعادة الحياة إلى المدينة المنكوبة وأقاليمها المتضررة".

وبحسب الخبير السياحي، فإن مراكش ستنهض من جديد لتكون في ريادة المناطق الجاذبة للاستثمارات والتدفقات السياحية وجذب السياح من مختلف دول العالم المنبهر بجمالية معمارها وحضارتها تراثها الضارب في عمق التاريخ المغربي والإسلامي، وكذلك أحواضها الفلاحية الكبرى.

وتمتاز مراكش بمزيج متجانس من الثقافة والتراث والحضارة وجمالية المعمار المتناغم مع الطبيعة الخلابة، مما يجعلها مركزاً سياحياً نابضاً بالحياة، لدعم التنمية خصوصا وأن النشاط السياحي يُعد العمود الفقري لاقتصاد المدينة، إلى جانب الصناعة التقليدية، والمؤتمرات والتظاهرات الدولية التي لطالما احتضنتها مراكش وكانت دافعا لتطوير البنية التحتية وتعزيز الخدمات السياحية لجذب المزيد من الزوار وتحقيق استدامة اقتصادها السياح وكذا توفير مناصب عمل لشبابها.

وهذه البنية السياحية، جعلت مراكش تستقطب حوالي نصف النشاط السياحي الوطني، إذ تضم حوالي 70 ألف سرير في 250 فندقا مصنفا، وأكثر من 1300 دار ضيافة، وفق أحدث البيانات الرسمية، التي أكدت أنه خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الجاري، تم الترخيص لحوالي 160 مشروعا للإيواء السياحي بطاقة استيعابية تبلغ 7850 سريرا، فيما ينتظر أن يوفر 5028 فرصة عمل مباشرة، وتعززت البنية الفندقية بفتح 25 مؤسسة جديدة للإيواء.

ووفق لبيانات مرصد السياحة، فقد  بلغ عدد السياح الوافدين إلى مطار مراكش المنارة في شهر يونيو الماضي 265 ألف مسافر، كما بلغ عدد ليالي المبيت في نفس الشهر، 707 آلاف ليلة مقابل 530 ألف في العام 2022.

وتشير بيانات مرصد السياحة إلى أن عدد السياح الوافدين إلى مراكش في الفصل الأول من السنة الجارية، أي ما بين يناير ويونيو، عبر مطار مراكش المنارة بلغ مليونا و652 ألفا، مقابل 876 ألفا سنة 2022، في حين بلغت ليالي المبيت خلال الفترة نفسها 4 ملايين و384 مقابل مليونين و35 ألفا في الفترة ذاتها عام 2022.

وفي ساحة جامع الفنا، أشهر ساحة وأكبر مسرح مفتوح في العالم، والذي حوّله الزلزال لبيت كبير سقفه السماء، افترشته ساكنة المدينة لأيام معدودات بعدما وجدوا أنفسهم في العراء منذ ليلة الجمعة، بدأت تدبّ الحياة فيه بعدما عاد أصحاب الأكل الشعبي لضمان لقمة العيش، فيما تظهر صومعة مسجد "خربوش" الشهير، وقد تدمرت بعدما تمكّنت منها الهزة وهي التي ظلت شامخة في مكانها وشاهدة على تاريخ المدينة العريقة.

ويحكي محمد أماروش، وهو واحد من ساكنة سوق السمارين الذين تضرروا من الهزة الأرضية لـ "الصحيفة"، كيف أن هذا المسجد الشهير الذي يوجد عند أقصى الطرف الشمالي الشرقي لساحة جامع الفنا وبالضبط عند المقطع المؤدي إلى سوق السمارين، انهار بسبب الهزة وخلف حزنا كبيرا في قلوب ساكنة المدينة وأيضا سياحها.

ونقل أماروش، عن سائح بريطاني زار مراكش لأكثر من 7 مرات، أن الساحة بدون صومعة وكأنها فقدت جوهرة من جواهرها الثمينة والمميزة، مُطالبا في الآن ذاته، المسؤولين بالالتفات إلى هذه المآثر التاريخية التي تتميز بها عاصمة النخيل، وترميمها.

وتؤمن ساكنة مراكش في حديث عدد منهم لـ "الصحيفة"، بأن مدينتهم ستنبعث من تحت حطام الهزة، وتعود لريادة السياحة الوطنية، مشدّدين على أن"السياح اوالأجانب على وعي تام بأن الزلزال لن يمسح جمال المغرب وينسف تاريخه وحضارته وروعة شعبه التي تستقطبهم" تقول الحاجة فاطمة وهي واحدة من ساكنة المدينة العتيقة الذين تضررت منازلهم جراء الواقعة.

الحاجة فاطمة، التي تملك عربة لبيع "الحريرة" في ساحة جامع الفنا وتعمل بها إلى جانب ابنها محمد، قالت لـ "الصحيفة": "هذه شدة وستزول، مادام الملك معنا، وهذا الشعب متحاب ومتعاون ومتآخي فالأكيد الله معنا، وسنقاوم وتعود الموسيقى والفرح إلى الساحة".

وتستبعد الحاجة فاطمة، فكرة أن يؤثر الزلزال في أعداد السياح الوافدين عليها، في قولها: "بلدنا بلد الأمن والأمان بفضل الله والملك محمد السادس، وهنا كانت هجمات إرهابية ودم من فعل البشر واستطعنا إثبات أننا بلد جميل ومتعايش وتجاوزنا كل شيء، أما ما حدث الجمعة الماضي، فهو قضاء وقدر من عند الله".

وتابعت المتحدثة: "إلى اليوم يأتي السياح عندي لتناول الحريرة والتمر، وهم سعداء ومطمئنين، منهم من زار المغرب لأول مرة والبعض منهم لعاشر مرة ولا أحد منهم خائف.. كيف يخافون وهم بين المغاربة؟ كيف يخافون وقد عاشوا معنا أحداث الزلزال ورأوا بأم أعينهم من هم المغاربة؟" تقول الحاجة فاطمة.

ووسط تضامن عالمي مع المغرب إزاء الفاجعة الزلزالية التي ألمّت به، نقلت صحيفة "لاسيكستا" الإسبانية، عن وزارة الخارجية حثهم مواطنيهم ممن خططوا مسبقا للسفر صوب المغرب قبيل الواقعة على عدم إلغاء رحلاتهم.

وأوردت الصحيفة الإسبانية، أن أن وزارة الخارجية تحث المسافرين على عدم إلغاء رحلاتهم، بل القيام بذلك "بحذر" والالتزام بتوصيات السلطات المغربية، مؤكدة أنه "لم يتم الإبلاغ حتى الآن عن أي أضرار كبيرة من شأنها أن تؤدي إلى شل النشاط  السياحي".

وتابعت "لاسيكستا": إذا كنت لا تزال تخطط لرحلة إلى المغرب، فإن جميع المعالم التاريخية في مراكش مغلقة حتى إشعار آخر، بما في ذلك قصر الباهية، ومقابر السعديين، وقصر البديع.".

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...