تجاذُبُ الأروَاح… مِنْ أعماقٍ إنسانيّة!

 تجاذُبُ الأروَاح… مِنْ أعماقٍ إنسانيّة!
أحمد إفزارن
الجمعة 17 نونبر 2023 - 20:31
  • يَحدُثُ هذا في حياتِنا الاجتماعية..
    انجذاباتٌ تَربطُ الناسَ إلى بعضِها، بفَعاليةٍ تِلقائيّة، وأحيانًا بدُونِ مُقدّماتٍ أو مُسبّباتٍ ومُبرّرات، وبكاملِ الثّقةِ المَسؤولة..
    علاقاتٌ بين الناس، تُقامُ بصَفاء، ويَنشَأ عَنها تعارُفُ عائلات، وتُبنَى صَداقات، وفي بعضِ الحالاتِ يُقامُ التقارُبُ العائليّ، والجِوارُ المُفِيدُ البنّاء..
    وهذا يَحدثُ في حياتِنا المُتواصِلة، ولا يَتوقّف، بل يمتَدُّ لكُلّ اللغاتِ والأجنَاس..
    مُجتمعاتٌ مُتنوّعة، في أزمنةٍ وجِهاتٍ شتّى، وفي كلٌ الأرجاءِ والقارّات، بينَها علاقاتٌ في البِدايةِ انطلقَت بشكلٍ حِواريّ وانجِذابِيّ، حتى دُون أن تُعرَفَ لها أسبابٌ أعمقُ في ظَواهِرِها..
  • إنّ أيَّ إنسانٍ قد يَنجَذِبُ إلى غيرِه بعدَ أنْ يَراهُ أو يَلتَقيهِ لأول مرّة، وكأنّ الاثنيْن يَتعارفان من زمان… ثم تَتعمّقُ العلاقاتُ بانجذابِِ رُوحيْن إلى بَعضِهما، وتعلُّقِ كائنيْن وكأنّهُما جسَدٌ واحِد..
    وقد قيل: الطّيورُ على أشكالِها تقَع..
    هذه قُدرةٌ بشريةٌ على التّواصُلِ الانجِذابيّ بين كائنيْن.. ومِنَ الأعماقِ يَتقارَبُ اثنان، ويَحِنُّ كلٌّ مِنهما إلى نظِيرِه، وبشكلٍ جذّاب في المَكانِ المقصُود، داخلَ وخارجَ الزّمانِ المُعتاد..
  • هل صحِيحٌ أنّ لكُلّ إنسانٍ شبِيهًا لعُمقِهِ الرُّوحِي؟ وهل للتّشابُهِ في الطّباعِ ما يُفسّرُ ميلادَ مَحبّةٍ مفتُوحة؟
    وفي كلّ الأنحاءِ يُوجَدُ مَن يُحبُّك بدُونِ سبَب، ورُبّما أيضًا بلاَ أدنَى دافِعٍ لتبريرِ طِباعٍ مُعاكِسة..
    مَحبةٌ تِلقائية..
    بلاَ سبَب، وبدُونِ مُبرّر…
    مشاعِرُ قد لا يكُونُ لنَشأتِها أيُّ تَفسِير:
    وهكذا بينَ شَخصيْن أو أكثَر، تنشأُ جاذبيةٌ تكامُليّة..
    تَنشَأُ وقد تتطوّرُ إلى محبّةٍ انسِجامِيّة بين كائنيْن يُكَمّلانِ بعضَهُما، من حيثُ طِباعٌ تنشأ مِنها مَحبّةٌ تِلقائيّة ليس لها أيُّ تفسِير، اللهُمّ إن كانَ مِن طينةِ الأروَاحِ المُتآلِفة..
    وكُلُّنا نتَصوّرُ وُجودَ انجِذاباتٍ ذاتِ تشابُهاتٍ في تركِيبَتِها النّفسيّة والطَّبائِعيّة..
  • أيُّ سِرّ يَكمُنُ في تجاذُبِ النُّفُوسِ والأرواح، عِندما ترقَى إلى مُستوَى عَلاقاتٍ إنسانية، وإلى بناءِ أُسَرٍ جديدة، بين ذكُورٍ وإناثٍ يَتعارفُونٍ لأوّل مرّة؟
    إن تجاذُبَ الأرواحِ مِن أسمَى وأعمَقِ العلاقاتِ المُثمِرة، حيثُ الوجُوهُ والأشكالُ البَشريةُ قد تتَشابَه، بينَما الأرواحُ عالَمٌ مفتُوحٌ أو مجهُولٌ وهُو لا يَتكرّر..
  • أرواحٌ تتَجاوزُ الصُّوّرَ المادّية، ورُبّما الطِّباعَ الباطِنية، والسلوكاتِ الخَفيّة، وتَقتَحِمُ الشكلَ المادّي، لكي تستقرّ في تجاذُبٍ رُوحِيّ، ويكونَ هذا من أسرارِ الانجذابِ بين أرواحٍ بشريّة..
    وأصبحَت الكائناتُ تنجذبُ إلى بعضِها لكي تُقيمَ عَلاقاتٍ جذّابة، وتُنشِئَ أجيالاً أخرى، وعوالمَ تتناسَلُ مع قبائلَ وشعُوب، ومِن ثمّةَ كائناتٍ بشرية تتَعارفُ لأولِ مرّة..
  • أيُّ دَورٍ للعلاقاتِ الرُّوحيّة في تنشئةِ أجيالٍ مُتلاحِقة مِن بناتِ وأبناءِ البَشر؟
    هذه أرواحٌ تَلتَقِي وتتَجانسُ بشكلٍ تَواصُلِي، ثم تتحوّلُ إلى أنواعٍ بشريةٍ تشتاقُ لبعضِها، ومعًا تقومُ ببِناءِ مُجتمعات، ومن ثمّةَ تَنشأُ عنها قبائلُ وشعُوبٌ وقارّات..
  • قال جبران خليل جبران: "ما أجهلَ الناسَ الذين يتوهّمون أن المَحبّة تأتِي بالمُعاشَرة الطويلة.. إن المحبّة الحقيقيّة هي ابْنَةُ التّفاهُم الرُّوحِي"..
    ومِن قديمِ الزّمن، ناقشَ الفلاسفةُ مَعانِي ومَرامِي وأسرارَ الرُّوح..
    ومن هؤلاءِ "أفلاطون" الذي يَرى أن الرّوح هي أساسٌ لكينُونةِ الإنسان، وأنها تتكوّنُ من النّفس والعَقلِ والرّغبة.. وهو تنوُّعٌ يَجمعُ بين الجسَد، والقلب، والرّغبات، الطُّموحات..
    وما زالت الرّوح، وعبرَ مُختلِفِ المَدارسِ الفَلسفية، موضوعَ شُرُوحات ونِقاشاتٍ وتوقُّفاتٍ عندَ تخاطُرِ الأرواح، ومَعرفةِ ما يدُورُ في أذهانِ أشخاصٍ تَفصلُ بينهُم مَسافات..
  • والنقاشُ بين الفلسفاتِ لا ينتهي.. وخاصةً في التّخاطُر وتوارُد الافكار..
  • وماذا عن الآليةِ التّخاطُريّة؟
    هي نوعٌ من إدخالِ وإخراجِ الأفكار، وكأنّ هذه رياضة تُشبهُ انفِصامًا للشّخصية، وهو التواصُلُ عن بُعد.. وبتعبيرٍ آخر، انتقالُ الأفكار بدُونِ حاجةٍ إلى أداةٍ لنقلِ معلومة من مكانٍ إلى آخر..
    وهذه طريقة لمُمارسة نقلِ الأفكار بدون حاجةٍ إلى جهازِ نقلٍ من المُرسِلِ إلى المُرسَلِ إليه..
    وهذا الإرسال، يُمكِن أنْ يتّخِذَ أنواعًا من الطّرُق الآلية، منها إرسالُ حُلمٍ بواسطةِ المَنام.. وهذا يتطلبُ عقليْن: أحدُهما مُرسِل، والآخرُ مُرسَلٌ إليه..
    وهذا التصوُّرُ يَنطبقُ على عقليْنِ في طُورِ الحُلْم: أحدُهُما يبعثُ رسالةً عقلية، والثاني هو عقلٌ يتلقّى نفسَ الرسالة، بواسطة الحُلم..
    وبهذه الطريقة، تُتصوّرُ إمكانية التواصُل بواسطةِ تَجاوُزِ حدودِ الزمان والمكان، أيْ احتمالُ حُلمٍ بين شخصٍ على قيدِ الحياة، وآخَر قد غادر الحياة..
    ويُمكنُ تصوُّر تواصُلِ جسَدٍ على قيد الحياة، وهو يتواصلُ مع آخَر قد فارقَ الحياة..
    وهذا ما يؤشّر لخيالٍ أعمَق، هو "خُلودُ الرُّوح"، في مُراسلَةٍ بين الحياةِ وما بعد الحياة، وهو احتمال رُوحانية مُمتَدّةٍ من حياةٍ إلى ما بعد الحياة، أي تَصوُّر روحانيةٍ بلا نهاية..
    وهذا لا يَقبَلُه إلاّ الوَعيُ في حالةِ تواصُلِه مع اللاّوَعْي..
    وفي هذا التّصوّر، يَفسحُ الخيالُ مجالاً لتواصُل المَعقول باللاّمعقَول، فيكونُ الخيالُ واقِعًا، وفي نفس الوقت تصوُّرًا غيرَ معقُول..
    وهذه مِن شَطحاتِ خيالٍ لا يُقبَلُ إلاّ بقَبُول ما لا يُتَصوّر..
  • [email protected]

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...