الملف يعود إلى ما قبل انسحابه من تسيير "أكوا".. ألا يتطلب تورط "أفريقيا" في ممارسات احتكارية التهمت أموال المغاربة استقالة أخنوش من رئاسة الحكومة؟

 الملف يعود إلى ما قبل انسحابه من تسيير "أكوا".. ألا يتطلب تورط "أفريقيا" في ممارسات احتكارية التهمت أموال المغاربة استقالة أخنوش من رئاسة الحكومة؟
الصحيفة – حمزة المتيوي
الأثنين 27 نونبر 2023 - 22:02

رغم أن اسم عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، ارتبط مرارا بقضايا تتعلق بتنازع المصالح، إلا أن الأمر كان يُتداول عبر وسائل الإعلام أو عبر مجموعة من السياسيين، لكن القرار الصادر يوم 23 نونبر الجاري عن مجلس المنافسة، يعد أول إدانة صريحة ونهائية له، من خلال شركة "أفريقيا غاز" التي يمتلكها، بالتورط في ممارسات منافية للقانون، ما يطرح أسئلة سياسية وأخلاقية بخصوص استمراره في منصبه.

وحضر اسم أخنوش بالعديد من القضايا التي ترتبط بالواقع الاقتصادي للمغاربة، مثل ارتفاع أسعار المحروقات والاستفادة من ارتفاع مبيعات الأوكسيجين الطبي للمغاربة بشكل احتكاري في فترة جائحة كوفيد 19، من خلال شركته "مغرب أوكسيجين"، وأخيرا صفقة إنجاز مشروع محطة تحلية المياه بالدار البيضاء بقيمة 1,5 مليار دولار، من خلال تحالف بين "أكسيونا" الإسبانية و"أفريقيا غاز" و"غرين أوف أفريكا"، الشركات المرتبطتين به أيضا.

إلا أن ما يجعل ملف الممارسات الاحتكارية في مجال المحروقات أمرا ذا أبعاد أخرى، هو أن القرار العقابي صادرٌ لأول مرة عن هيئة من هيئات الحكامة الجيدة والتقنين، وفق منطوق الدستور المغربي، ويتعلق الأمر بمجلس المنافسة، الذي وضع "أفريقيا غاز" التابعة لهولدينغ "أكوا" على رأس قائمة من 9 شركات مجبرة على أداء 1,84 مليار درهم لخزينة الدولة كتسوية تصالحية، نتيجة تأكد تورطها في خرق قانون حرية الأسعار والمنافسة.

ووفق البلاغ الصادر عن المجلس بتاريخ 3 غشت 2023 فإن مصالح التحقيق خلصت إلى وجود حجج وقرائن تفيد ارتكاب الشركات المعنية بالمؤاخذات والأفعال المنافية لقواعد المنافسة في الأسواق المذكورة، في مخالفة صريحة لمقتضيات المادة 6 من القانون، التي تنص على حظر الأعمال المدبرة أو الاتفاقيات أو الاتفاقات أو التحالفات الصريحة أو الضمنية كيفما كان شكلها وأيا كان سببها.

هذه الوثيقة التي استند إليها بلاغ يوم 23 نونبر المعلن عن العقوبة، تؤكد بشكل صريح أن رئيس الحكومة الحالي، عبر شركته، وهي الفاعل الأول في قطاع المحروقات، ومعنية بالتحقيقات التي جرت بخصوص الممارسات الاحتكارية، وفق ما أكده مجلس المنافسة في وقت سابق، متورطٌ في جني أرباح بطرق غير شرعية، ما يضعه أمام مسؤولية سياسية وأخلاقية يفترض ألا تطارد شخصا في منصبه.

ويتحدث مجلس المنافسة عن ممارسة الغرض منها عرقلة المنافسة أو الحد منها أو تحريف سيرها في سوق ما، بهدف الحد من دخول السوق أو من الممارسة الحرة للمنافسة من لدن منشآت أخرى، وعرقلة تكوين الأسعار عن طريق الآليات الحرة للسوق بافتعال ارتفاعها أو انخفاضها، وكذا حصر أو مراقبة الإنتاج أو المنافذ أو الاستثمارات أو التقدم التقني، وتقسيم الأسواق أو مصادر التموين أو الصفقات العمومية.

وإذا كان أخنوش قد أعلن، في بلاغ عممه يوم 13 شتنبر 2021، عقب تعيينه من طرف الملك محمد السادس رئيسا للحكومة ومكلفا بتشكيلها، قراره "الشروع في مسطرة الانسحاب التام من جميع مناصب التسيير داخل الهولدينغ العائلي (أكوا)"، فإن تاريخ تسجيل تلك الممارسات الاحتكارية يعود إلى ما قبل هذا التاريخ، فالمرة الأولى التي طفا فيها الملف على السطح كانت بتاريخ 23 يوليوز 2020، وكان حينها لا يزال وزيرا للفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.

ويتعلق الأمر بقرار سابق من مجلس المنافسة بمعاقبة الفاعلين الثلاثة الأوائل في مجال استيراد وتخزين وبيع البنزين والغازوال، بقيمة 9 في المائة من رقم معاملاتهم السنوي، ويتعلق الأمر بـ"أفريقيا غاز" "وفيفو إينرجي" و"توتال إينرجي"، وبنسبة أخل للشركات الأخرى المعنية، لكن ما عرقل تنفيذ هذا القرار هو الارتباك الذي حدث خلال مخاطبة القصر الملكي بخصوص هذا الأمر، ما أطاح بإدريس الكراوي، الرئيس السابق لمجلس المنافسة من منصبه.

لكن الملف لم يُطوَ حينها، فالمجلس، في عهد الرئيس الحالي أحمد رحو، أصدر بلاغا بتاريخ 2 يونيو 2023، صادر عن المقرر العام، جاء فيه أنه "تطبيقا لمقتضيات المادة 38 مكررة من القانون رقم 104.12 كما تم تغييره وتتميمه، فقد اتخذ مجلس المنافسة، وبإجماع أعضائه، قرارا يقضي بموجبه إرجاع الملف المتعلق بوجود محتمل لممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات، إلى مصالح التحقيق".

وما يضع أخنوش أمام مسؤولياته أيضا، ويجعل أمر تقديم استقالته مطروحا، في ظل مسؤوليته السياسية والأخلاقية، هو أن شركته أقرت بالتورط في تلك الممارسات غير القانونية، لتستفيد من تقليص مبلغ الغرامة المفروضة عليها، على أساس المادة 37 من القانون المذكور، عن طريق تفادي الاعتراض على المؤاخذات التي تم تبليغها بها.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...