خاص - بعد تطورات أنبوب الغاز المغربي النيجيري.. الجزائر تراسل المجلس العسكري في النيجر لحلحة "بلوكاج" مشروعها المُجَمّد مع نيجيريا

 خاص - بعد تطورات أنبوب الغاز المغربي النيجيري.. الجزائر تراسل المجلس العسكري في النيجر لحلحة "بلوكاج" مشروعها المُجَمّد مع نيجيريا
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 3 دجنبر 2023 - 21:41

علمت "الصحيفة" من مصادر داخل حكومة النيجر التي تم حلها بعد الانقلاب العسكري، أن الجزائر راسلت المجلس العسكري في شخص رئيس النظام العسكري في البلاد الجنرال عبد الرحمن تياني، لتتدارك حالة "البلوكاج" التي  يعرفها مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، الهادف إلى نقل نحو 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويًا إلى أوروبا عبر الجزائر، بعد الوتيرة المتسارعة لمشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري.

وألقى انقلاب النيجر وما تلاه من أوضاع سياسية غير مستقرة في البلد، بظلاله على مشروع أنبوب الغاز الجزائري النيجيري، الرابط بين أبوجا ونيامي، ثم الجزائر، على طول يبلغ حوالي 4 آلاف و128 كيلومترًا، بحيث عُطّل تنفيذ المشروع العملاق، في ظل غياب الضمانات، خاصة وأن عداء حكومات الدول الأوروبية للقادة الجدد في النيجر لايزال قائما منذ الانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق محمد بازوم أواخر يوليوز الماضي.

وحالة "البلوكاج"، هاته أكدها لـ "الصحيفة"، إنتنيكار الحسن المستشار السياسي الخاص لرئيس جمهورية النيجر محمد بازوم، المُطاح به في انقلاب عسكري، حيث أشار إلى أنه لا وجود لأي "مستجد بشأن هذا المشروع الاستراتيجي، الذي سيمكّن النيجر من نقل احتياطاتها من الغاز القابلة للاستخراج، التي تقدر بـ 34 مليار متر مكعب وفقًا لشركة سافانا إنرجي، شركة النفط الغربية الوحيدة النشطة في البلاد، والمساعدة في معالجة تجارة الوقود غير المشروعة المتفشية في المنطقة".

وأكد المسؤول النيجري، واليد اليمنى للرئيس المعزول، في التصريح الذي خصّ به "الصحيفة"، أن التنسيق المشترك مع السلطات الجزائرية، شبه متوقف حاليا، بسبب الوضع الأمني في النيجر والمناطق المجاورة ما يُشكل خطرًا كبيرًا على استقرار المشروع قبل البناء وبعده، موردا أن "الظروف الحالية التي تشهدها البلاد من المتوقع أن ترخي بظلالها على عقد خط هذا الأنبوب الذي قد يتأخر استكماله وتنفيذه، وفق البرنامج والجدول الزمني المسطر والمحدد سلفا".

ويبدو أن الجزائر، قد سئمت انتظار تحسّن الأوضاع السياسية والأمنية في النيجر والتي تعد شرطا رئيسيا لمباشرة أشغال أنبوب الغاز الجزائري النيجيري العابر لأراضي الدولة في غياب سلطة شرعية دستورية تجعل من توفير الضمانات أمرا شبه غائب يُصعّب من جهة ثانية، توفير رؤوس الأموال وجذب الاستثمارات سيما وأن تكلفته مرشحة للارتفاع أكثر، الأمر الذي دفعها إلى المراهنة على علاقاتها مع النظام العسكري الانقلابي "المستقرة"، وفق ما أكدته مصادر "الصحيفة".

وأوردت المصادر ذاتها، أن الجزائر راسلت المجلس العسكري (الانقلابي)، والجهات الفاعلة في المشروع لكنها "أقصت" الحكومة الدستورية على الرغم من موقفها الرافض للانقلاب، كما دعتهم إلى اجتماعات تتدارس مباشرة تنفيذ المشروع وبحث التمويلات الضرورية في الأسابيع القليلة المُقبلة سيما وأن أشغاله كانت في تقدم مهم، مشدّدة على أن هذا المشروع الاستراتيجي الضخم "مهم جدا، وذو أولوية حتمية للبلدين والقارة الأفريقية".

واستنكرت المصادر الحكومية النيجيرية في حديثها لـ "الصحيفة"، الخطوة التي أقدمت عليها الجزائر، مشدّدة على أن "المجلس العسكري الانقلابي لا يملك السلطة الشرعية الدستورية لإصدار أي قرار بخصوص المشاريع الاستراتيجية وغيرها، لافتا إلى أن "إطلاق المشروع المذكور وتوقيعه، تم بمباركة الحكومة النيجيرية الشرعية، وبالتالي هي المُحاور الرئيس بهذا الخصوص".

واتفقت الجزائر ونيجيريا في 16 فبراير 2022، في عاصمة النيجر، نيامي، على إطلاق خطة تنفيذ المشروع مع حكومة الرئيس المخلوع محمد بازوم، حيث تم تشكيل فريق عمل لإطلاق تحديث دراسة جدوى لهذا المشروع الحيوي للدول الثلاث، وفي يوليوز من العام الماضي، وقع البلدان إلى جانب النيجر على اتفاق جديد ينص على البدء رسمياً في إنجاز مشروع أنبوب الغاز العابر للصحراء، على مسافة 4 آلاف كيلومتر، لنقل الغاز من نيجيريا عبر النيجر إلى السواحل الجزائرية تمهيداً لتصديره إلى أوروبا، قبل أن يتسبب انقلاب النيجر في ما لا تحمد الجزائر عقباه.

وفي هذا الإطار، دخل المغرب والجزائر، حلقة جديدة من التنافس على تصدير الغاز لأوروبا، من خلال محاولة الظفر بصفقات لإنجاز المشروع الهادف لمد أنابيب من أفريقيا وحتى الشمال صوب أوروبا، وكذا العمل على تسريع وتيرة العمل سيّما بالنسبة للمغرب الذي حاول استغلال حالة "البلوكاج"، التي يعرفها أنبوب خط الغاز العابر للصحراء الجزائري بسبب الأوضاع السياسية في النيجر.

ويهدف المشروع المغربي إلى إنشاء خط أنابيب للغاز يمتد لـ 6 آلاف كيلومتر، انطلاقا من نيجيريا مرورا بـ 11 دولة على طول الساحل الأطلسي، قبل الوصول إلى الأراضي المغربية ونقله إلى إسبانيا، ما يُفسّر الأهمية الكبيرة التي توليه الحكومة لهذا المشروع "الاستراتيجي"، ورغبتها في عدم إهدار الوقت و الجهد، سيّما على مستوى التمويل، إذ انعقد في نونبر الماضي، قمة بين المغرب والبنك الإسلامي للتنمية في الرباط، ومن بين الاتفاقيات العديدة، التي تم التوقيع عليها مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقة الاستراتيجية بين الكيان المالي ممثلا في رئيسه محمد الجاسر، والحكومة المغربية، في شخص وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح.

وهذا الاتفاق الموقّع أخيرا، بين الحكومة المغربية والجهة المسؤولة عن تمويل خط أنابيب الغاز العملاق الذي سيربط نيجيريا بإسبانيا عبر المغرب، لا يعني فقط أنه يدخل في سيرورة إحداث المشروع فقط، بل يوضح جليا تسريع المغرب لخطواته لكي لا يتخلف عن الركب في سباق قيادة صادرات الطاقة إلى الاتحاد الأوروبي، خاصة وأن الجزائر  المنافس الرئيسي للمملكة من جانبها، شدّدت قبضتها وتُحاول تلافي واقع "البلوكاج" الذي أحدثه الانقلاب في النيجر على مشروع الأنبوب، حيث همّت إلى التنسيق من أجل تركيبه في إطار مساعيها إلى احتكار ضخ الغاز الأفريقي إلى أوروبا.

تهدف الجزائر من جانبها، إلى أن تصبح منتجا كبيرا للهيدروجين المتجدد وتصديره إلى أوروبا عبر خط أنابيب للغاز مع طموح لتغطية ما يصل إلى 10٪ من احتياجات القارة، واسم المشروع هو SoutH2Corridor، وهو أنبوب سيكون أقصر من الأنبوب الذي تعده نيجيريا مع المغرب، لكنه سيصل إلى رقم 3300 كيلومتر.

وفي قلب هذا السيناريو تقع إسبانيا، التي على الرغم من استمرارها في الحفاظ على تدفق تجاري مستمر للغاز مع الجزائر، إلا أن علاقاتها ضعفت منذ اعتراف الحكومة مغربية الصحراء، وهو رهان السلطة التنفيذية بالنسبة لإسبانيا التي سعت أيضا إلى تعزيز العلاقة الطاقية مع الرباط لما تتمتع به من ظروف جيدة لتوليد الطاقة الخضراء، بالإضافة إلى ذلك، بدا مشروع الغاز من نيجيريا جذابًا لنقل الهيدروجين الأخضر في المستقبل المحتمل.

ومكّنت احتياطات الغاز، التي تظفر بها الجزائر من جعلها منافسا صعبا للمغرب، في استقطاب الأسواق الأوروبية، بما فيها ألمانيا وإيطاليا، الحليفين المفضلين الجديدين في مجال الطاقة في البحر الأبيض المتوسط بعد التحول الدبلوماسي الذي قامت به إسبانيا والذي باعد الرؤى بين مدريد والجزائر.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...