هل سيكون حل الدولتين قابلا للتنفيذ بعد عودة سلطة رام الله إلى غزة ؟

 هل سيكون حل الدولتين قابلا للتنفيذ بعد عودة سلطة رام الله إلى غزة ؟
فاضل المناصفة
الأربعاء 6 دجنبر 2023 - 12:56

سؤال تداولت على طرحه العديد من المواقع العربية والغربية بعد أن جعلت إسرائيل من مسألة انهاء حكم حماس هدفا لحملتها العسكرية على قطاع غزة، وبعد أن سقط من الحسابات سيناريو التهجير برفض مصري ومعه مراجعة خطة فك الارتباط الإسرائيلية تحت ضغط أمريكي باتت مسألة اعادة تسليم السلطة الفلسطينية مسؤولية الاشراف على قطاع غزة أكثر الاحتمالات وقوعا وأكثر المسائل ازعاجا لحكومة التطرف الإسرائيلية، إذ أنها تضعهم أمام الأمر الواقع في مايخص حل الدولتين بعد زوال العلة التي لطالما نسبوا اليها العائق في تحقيق ذلك، وهنا أيضا تبرز إشكاليات مدى استعداد سلطة رام الله لتحمل هذا الدور في ظل ضعفها الراهن وعن موقف الدول الدول العربية وإدارة بايدن من هذه العودة وفرص السلام وحل الدولتين بعد توحيد الضفة وقطاع غزة تحت مظلة السلطة .

بداية عام 2023 كانت حافلة بالتقارير الاعلامية العربية والغربية التي ركزت بشكل كبير على مسألة خلافة محمود عباس وما ستحدثه من انقسامات داخل البيت الفتحاوي، وعن انهيار يوشك بالوقوع مع مجيئ حكومة يمينية متطرفة في اسرائيل تحث على معالجة المشكلات الأمنية في الضفة دون الحاجة الى تنسيق أمني يترتب عنه تعزيز وضع السلطة بحل مشكلاتها المادية، ويفتح هذا المخطط الباب للقضاء على ماتبقى من سلطة في الضفة ويعبد الطريق لخطة ضمها بالكامل، لكن خطة اليمين المتطرف اصطدمت بأولويات دولة اسرائيل على الصعيد الخارجي لاسيما فيما يتعلق بتحقيق المزيد من التقدم في ملف التطبيع العربي.

فعلى خلاف ما يرسمه فريق المتطرفين في الحكومة الاسرائيلية من خطط خبيثة للاجهاز على السلطة وقضم المزيد من المناطق في الضفة الى أن تصبح خاضعة بالكامل لاسرائيلي، اعتقد آخرون بان هذا المخطط سيلحق أضرارا أكثر من منافعه باجهاضه لملف التقارب مع السعودية وفتحه الباب لحركة حماس بالتمدد في الضفة ولملأ الفراغ الذي سيترتب عن سقوط سلطة رام الله. 

جاء طوفان الأقصى كحدث ضخم وجاءت معه رؤية أمريكية لما بعد حرب غزة، وانطلق وزير الخارجية انتوني بلينكن في جولة مكوكية الى منطقة الشرق الأوسط لجس نبض حلفاءه قبل وضع الخطة حيز التنفيذ، وزار تل أبيب أيضا لحثها على اتخاذ استراتيجية جديدة في غزة تتناغم مع الرؤية العربية والأمريكية وتركزت خطة إدارة بايدن على فكرة توحيد إدارة السلطة الفلسطينية للضفة الغربية وغزة، وعلى رغم العناد الإسرائيلي الظاهر منذ البداية إلا أن البيت الأبيض استمر في تسويقها على أنها الخيار الأقل شرا من بين الخيارات المتاحة، والتي تحظى بتوافق وجهات النظر العربية الأكثر تأثيرا في مسألة الصراع العربي الفلسطيني، لكن المسألة الأكثر تعقيدا في هذا الطرح الأمريكي تكمن في مدى جدية واستعداد المسؤولين في تل أبيب لدعم هذا الوضع الجديد لقطاع غزة، ومدى استعداد الحلفاء العرب لدعم هذا الخيار والذي سيفتح الباب لعودة المتاعب مع ايران بصفتها المتضرر الأكبر من سقوط أحد اذرعها في المنطقة.

طريق محفوف بالعراقيل ينتظر السلطة للوصول إلى غزة "هذا في حال حصلت بالفعل على ضوء أخضر يمكنها من ذلك" ففي ظل الامكانيات المالية المتاحة للسلطة والتي تجد نفسها تحت رحمة المساعدات الخارجية فان التحديات التي تنتظرها في قطاع غزة أكبر منها بكثير، وربما سيقودها عامل الوقت وأعباء الوضع الاقتصادي إلى تنازلات سياسية ستمارسه اسرائيل مقابل تخفيف قيود بروتوكول باريس الاقتصادي المقوض للاقتصاد الفلسطيني، والذي كان من المفترض أن ينتهي عام 1999 حسب ما نصّت عليه  اتفاقيات أوسلو، هنا سيكون الدعم المالي العربي مطلوبا لانقاذ السلطة من الوقوع في فخ الابتزاز الاسرائيلي وستكون السلطة بحاجة الى دورعربي في قطاع غزة  أكثر من أي وقت مضى لتتجنب قدر الامكان المساعدات المالية الموجهة باملاءات خارجية تخدم الإسرائيليين أكثر مما تخدم الفلسطينيين.

أما عن فرص السلام وحل الدولتين فالمسألة تتعلق بنوايا إسرائيل أكثر منها بمسألة الوضع الجديد في قطاع غزة بعد سقوط حماس " الذي يبقى الى حد الآن مجرد فرضية "  والأكيد أن حكومة نتنياهو ليس لها ما تقدمه في هذا الباب سوى أنها ستستمر في كسب الوقت و الهروب الى الأمام وخلق المزيد من العراقيل التي تؤدي إلى إبقاء للوضع على ماهو عليه، وهو ما تدعمه إدارة بايدن حتى وان كانت تقول في العلن عكس ذلك، إدراكا منها باستحالة تنفيذه على أرض الواقع ووعيا منها بعواقبه على الصعيد الداخلي خاصة مع وجود لوبي صهيوني متحكم في السياسات الأمريكية، وبالأخص الخارجية منها، لهذا فان أقصى ما يمكن أن تفعله إدارة بايدن هو حث شركاءها في إسرائيل على السماح للغزيين بالعيش في واقع مغاير لما كان عليه الحال خلال حكم حماس، وإقناعهم بان عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة ستسمح بالحصول على هدنة طويلة المدى، وهو ما سيمكنهم من تركيز قوتهم نحو جبهة الشمال أين ستعيد كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي تشكيل قوتهما الى جانب حزب الله، غير ذلك فانه لا وجود لمؤشرات حقيقية تدفع بعملية السلام إلى بر الأمان والى حل ينهي  أطول الصراعات السياسية والإنسانية في العالم الحديث.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...