دول الساحل تواصل خنقها للنفوذ الفرنسي في المنطقة وتدفع باريس إلى الاقتراب أكثر من المغرب

 دول الساحل تواصل خنقها للنفوذ الفرنسي في المنطقة وتدفع باريس إلى الاقتراب أكثر من المغرب
الصحيفة
الخميس 7 دجنبر 2023 - 9:00

لازالت فرنسا تتلقى مجموعة من الضربات لنفوذها في منطقة الساحل الإفريقي، وقد بدأ رفض هذه الدول ينتقل إلى مستويات أخرى تصل إلى الإعلام ومنع انتشار الرواية الفرنكفونية، حيث قرر المجلس العسكري في بوركينا فاسو منع توزيع صحيفة "لوموند" الفرنسية في البلاد، مما أثار غضبا واسع في الأوساط الإعلامية في باريس.

ووجهت صحيفة "لوموند" الفرنسية انتقادات كبيرة للسلطات في بوركينا فاسو بشأن هذا القرار، ونفت الاتهامات التي وجهها لها المجلس العسكري، بممارسة التحيز في تغطياتها الإعلامية، خاصة بعد نشرها يوم الجمعة الأخير لتقرير حول هجوم قاده ملسحون "جهاديون" ضد قاعدة عسكرية تابعة للمجلس العسكري في شمال البلاد، حيث قال المجلس العسكري بأن تغطية "لوموند" كانت منحازة لـ"المجموعة الإرهابية".

وتلقت صحيفة "لوموند" الفرنسية دعما من منظمات وهيئات دولية، من بينها منظمة "مراسلون بلا حدود" التي طالبت السلطات في بوركينا فاسو، بالتراجع عن قرار حظر توزيع صحيفة "لوموند" ومنح المواطنين البوركينابيين الحق في الوصول إلى المعلومة من مصادر مستقلة.

ويأتي هذا القرار في إطار مجموعة من القرارات الأخرى التي اتخذتها بوركينا فاسو بهدف القضاء على النفوذ الفرنسي، وفي ظل جو عام يطبعه العداء لفرنسا في مجموعة من دول الساحل، مثل النيجر وقبلها مالي، مما يجعل الخناق حول نفوذ باريس في منطقة الساحل الإفريقي يزداد اختناقا.

وفي الوقت الذي يُسجل النفوذ الفرنسي في الساحل تراجعا كبيرا، تتحدث العديد من التقارير الإعلامية الفرنسية على ضرورة رفع باريس من وتيرة التقارب مع المملكة المغربية، خاصة بعدما فشل مانويل ماكرون في تسجيل أي تقدم في العلاقات مع عدد من البلدان الإفريقية، من ضمنهم الجزائر.

وكانت صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية قد قالت مؤخرا في تقرير حول العلاقات المغربية الفرنسية، إن البلدين شرعا بشكل تدريجي في ترميم علاقاتها التي تأزمت منذ أكثر من سنتين، بسبب العديد من الخلافات، ترتبط بالهجرة واتهامات التجسس ببرنامج بيغاسوس، وقد بدءا في "تطبيع العلاقات" الثنائية بإعادة الروابط الدبلوماسية، كتعيين المغرب سميرة سيطايل سفيره له في باريس، وتأكيد السفير الفرنسي لدى الرباط على أهمية العلاقات الثنائية بين الطرفين.

وحسب الصحيفة المذكورة نقلا عن خبراء ومصادر إعلامية متفرقة، فإن من بين الأسباب التي تدعم التقارب بين فرنسا والمغرب، هو إدارك إيمانويل ماكرون لصعوبة تحقيق المصالحة مع الجزائر، مما دفع بباريس إلى العودة إلى المملكة المغربية لتمتين العلاقات بعدما استحال تحقيق ذلك مع الجزائر بسبب خلافات متعلقة بالهجرة والذاكرة بالخصوص.

وكان الرئيس الفرنسي قد واجه العديد من الانتقادات بشأن ميله نحو تمتين العلاقات مع الجزائر على حساب المغرب، وهو ما أضر بالعلاقات الثنائية بين باريس والرباط بشكل كبير، قبل أن يتضح أن النهج الذي اتبعه ماكرون لم يُثمر عن أي نتائج لصالح فرنسا، وفق العديد من القراءات التحليلية لسياسة فرنسا ماكرون.

واعترف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في غشت الماضي بأن علاقات باريس مع بلدان المغرب العربي، وعلى رأسها المغرب والجزائر، "ليست بالمستوى الذي ينبغي أن تكون عليه"، مشيرا بطريقة غير مباشرة إلى فشل محاولاته لإصلاح العلاقات مع الجزائر، وهي المحاولات التي كانت على حساب العلاقات مع المغرب وفق العديد من المهتمين بالشؤون الدولية في المنطقة.

ووفق ما نقلته الصحافة الفرنسية من حديث ماكرون خلال مؤتمر السفراء بباريس أنذاك، فإن الرئيس الفرنسي أكد على ضرورة "إعادة التفكير" في عمق الشراكات التي تجمع فرنسا بدول المغرب العربي ودول البحر الأبيض المتوسط.

وقال ماكرون حسب الصحافة الفرنسية في نفس االسياق، "دعونا نكون واضحين.. إن العلاقات الثنائية ليست على المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه. ولن أتحدث هنا عن كل منها، ولكن مع المغرب والجزائر وتونس وليبيا ومصر، ولكن أيضا مع بلدان الشرق الأدنى."

وأضاف ماكرون، أنه نتيجة لهذه العلاقات التي لا توجد في مستوى جيد بين باريس والبلدان المذكورة، "سنقوم بعدة مبادرات ثنائية، وآمل بحلول نهاية العام، وتحت سلطة وزير الخارجية، أن يتم توحيد أجندة التعافي الحكومية الدولية مع المنطقة بأكملها أو على نطاق أوسع".

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...