الملك محمد السادس: لجأنا للاجتهاد لملاءمة مدونة الأسرة مع القيم الكونية.. والمجموعة الدولية لم تفلح في التنزيل الكامل لمبادئ حقوق الإنسان

 الملك محمد السادس: لجأنا للاجتهاد لملاءمة مدونة الأسرة مع القيم الكونية.. والمجموعة الدولية لم تفلح في التنزيل الكامل لمبادئ حقوق الإنسان
الصحيفة من الرباط
الخميس 7 دجنبر 2023 - 14:33

أبرز الملك محمد السادس، اليوم الخميس، أن المغرب سيعتمد الاجتهاد الفقهي لملاءمة مضامين مدونة الأسرة مع المستجدات الحقوقية والقيم الكونية، زذلك في رسالة  إلى المشاركين في المناظرة الدولية التي عُقدت بالرباط بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، منبها أيضا المجموعة الدولية إلى ضرورة العمل على التنزيل الكامل لمقتضيات الإعلان.

وجاء في الرسالة التي تلتها آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الأهمية التي تكتسيها المناظرة اليوم تفرضها الحاجة الملحة للتذكير مجددا، لا سيما في ظل ما يشهده العالم من توترات متتالية، وانتهاكات متكررة، تتنافى مع المبادئ والقيم المثلى المؤسسة للإعلان، بضرورة تجديد التزام كوني لحماية حقوق الأفراد والجماعات، خاصة الفئات التي تعيش أوضاعا هشة.

وقال الملك إن الاحتفاء بهذه الذكرى، يعد مناسبة للوقوف على ما تم تحقيقه من إنجازات في هذا المجال، وكذا على مكامن التقصير ومواطن الخلل التي شابت مسلسل الدفاع عن مكتسباته، ولرصد التحديات التي ما تزال تعترض سبيل المجتمع الدولي للنهوض الشامل بكافة قضايا حقوق الإنسان، وأضاف أنه في ظل هذه التحديات، اختار المغرب أن يسلك مسارا حقوقيا خاصا به، عرف وما يزال تطورا ملحوظا، بصم التجارب الدولية في هذا المجال.

وأوردت الرسالة الملكية أن التزام المملكة المغربية بالنهوض بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، لم يتوقف عند تكريسها الدستوري فحسب، بل أصبح ركيزة للسياسات العمومية، ومحددا رئيسيا للاختيارات الاستراتيجية، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

وأورد العاهل المغربي "إن تشبثنا الراسخ بالدفاع عن هذه الحقوق وتكريسها، لا يعادله إلا حرصنا الوطيد على مواصلة ترسيخ وتجويد دولة الحق والقانون وتقوية المؤسسات، باعتباره خياراً إرادياً وسيادياً، وتعزيز رصيد هذه المكتسبات، بموازاة مع التفاعل المتواصل والإيجابي مع القضايا الحقوقية المستجدة، سواء على المستوى الوطني أو ضمن المنظومة الأممية لحقوق الإنسان".

وتابع الملك أنه "بالرغم مما تم إنجازه في مجال حقوق الإنسان، وما نحن بصدد استكماله، فإن ما يكتسيه من أهمية وما يتطلبه من جدية، ينتظر منا جميعا المزيد من الالتزام لتحقيق المُلِحِّ حالا، واستشراف الممكن مستقبلا، في إطار الخصوصيات والثوابت الوطنية"، وأضاف أنه "يتعين إدراك أن كل هذه الحقوق السياسية والمدنية، لن تأخذ أبعادها الملموسة، إلا بتكاملها مع النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية".

ومن هذا المنطلق، دشن المغرب منذ فترة، مرحلة جديدة من الإصلاحات البنيوية، يقول العاهل المغربي، والتي "ارتأينا أن تكون على رأس أولويات سياساتنا العمومية، على غرار ورش تعميم التغطية الصحية والحماية الاجتماعية ودعم الفئات الهشة، باعتبارها مشروعاً مجتمعياً يضمن فعلية الولوج للخدمات الاجتماعية والصحية، ويقوي دعامات المنظومة التضامنية الوطنية".

وتحدث الملك عن دعوته لإجراء مشاورات مجتمعية واسعة، لمراجعة مدونة الأسرة، بعد مرور عقدين من الزمن على إقرارها، بما يصون حقوق المرأة والطفل، ويضمن مصلحة الأسرة، باعتبارها نواة للمجتمع، وذلك بناء على قيم ومبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من الدين الإسلامي الحنيف، مع إعمال آلية الاجتهاد البناء، لتحقيق الملاءمة مع المستجدات الحقوقية، ومع القيم الكونية ذات الصلة.

وجاء في الرسالة الملكية أن العالم "عرف إشكاليات متعددة مرتبطة بالكونية، منها تعدد المواقف حول خصوصيات وثقافة كل بلد ضمن كونية حقوق الإنسان، وخلصت الآراء والنقاشات الدولية إلى تثمين الثقافات المتعددة، باعتبارها حقاً متأصلاً في الإنسان، ولأن الخصوصية لا تعيق التمتع بالحقوق الأساسية"، وأضاف "من هذا المنظور، واستنادا لمقتضيات الإعلان العالمي لحقوق الانسان، تمكنت المجموعة الدولية من بلورة اتفاقيات وبروتوكولات، بعضها ملزم وبعضها غير ملزم، سعيا لإيجاد أرضية مشتركة كونية، تمنع تكرار مآسي الحروب والفتن، وأشكال الاعتداء والتهجير".

وشدد العاهل المغربي في رسالته أن أي حلول للتحديات الراهنة العابرة للحدود، لا يمكن تصورها دون مساهمة فعلية لدول الجنوب في بلورة تصورات تمكن من إعمال مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، أو مواد العهدين الدوليين، أو الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، لتفعيل الحقوق واقتراح ممارسات فضلى قد تحمل حلولا خلاقة، لضمان فعلية حقوق الإنسان، مبرزا أن ما تعمل على تأكيده المملكة المغربية في سياقات الترافع والاقتراح، سواء في إطار مساعيها لحل النزاعات أو لتجديد مسارات التعاون والتضامن، من أجل استتباب الأمن والسلم والاستقرار.

واعتبر الملك أن المشاركين في المناظرة وهم يحتفي بالذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، وفي خضم التوترات والمخاطر التي تستهدف أمن واستقرار ورخاء الشعوب، يجدون أنفسهم أمام "مناسبة سانحة للفت الانتباه إلى أن المجموعة الدولية لم تفلح بعد في ضمان تنزيل كافة مبادئ هذا الإعلان، وأن الحاجة ماسة وملحة لمواصلة التفكير في أنجع السبل الكفيلة بإعمالها".

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...