لن أحتفل بعيد الميلاد هذه السنة تضامنا مع غزة

 لن أحتفل بعيد الميلاد هذه السنة تضامنا مع غزة
عبد الكريم ساورة
الأثنين 1 يناير 2024 - 14:41

كان الرجل يصرخ بقوة، طويل القامة، عريض الكتفين وبلحية كثيفة، كاد يبكي لولا احترامه لذاته ، وكان يقول وبصوت مرتفع لقناة الجزيرة : " لقد خرجت من المنزل بهذا اللباس البسيط جدا تشبه (فوقية ) المغربية، والله لاأعرف أين أبنائي ، هل ماتوا أم لازالوا على قيد الحياة"، وبجانبه كانت امرأة تتجاوز الخمسين من عمرها تتكلم بهدوء تام وهي تبكي بحرقة وبجانبها ثلاثة صبيان حفاة القدمين و هي تقول لمراسل الجزيرة : " ماهذا الظلم وهذا الدمار الذي يواجهنا به الصهاينة، أنا لاأعرف بصراحة لماذا نحن شعب منبوذ ؟ "

بصراحة كنت أتابع هذه التغطية في الصباح وأنا على مائدة الإفطار ، وفجأة اغرورقت عيني بالدموع، لقد آلمتني هذه الجملة الخطيرة " لماذا نحن شعب منبوذ " وهي في الحقيقة عبارة عن صرخة لهذه المرأة التي شعرت بأن العالم بأكمله تخلى عنها وعن قضيتها العادلة وخصوصا عندما يكون هذا التخلي الممنهج من طرف ذوي القربى، وكما يقول الشاعر فظلم ذوي القربى أشد مضاضة ...على المرء من وقع الحسام المهند.

أمام هذه المشاهد وغيرها من المشاهد المرعبة التي نشاهدها كل يوم ، أنا بصراحة أتساءل كيف سيتسنى لسكان غزة وخصوصا أطفال غزة نسيان كل هذا القصف والدمار؟ كيف يمكنهم نسيان أهاليهم والصهاينة يقومون بتعريتهم بشكل كامل وسط ملعب غزة وهم يلتقطون لهم الصور في حالة تبكي القلب، وهم يقاومون قسوة البرد وسخرية الجنود الاسرائبيين.

الآن والحرب تدخل في شهرها الثالث، والقصف والدمار لم يتوقف يوما، باستثناء أيام الهدنة التي تم الاتفاق بشأنها بين الطرفين، حماس و اسرائيل، فإننا نستفيق كل يوم على هجوم مروع من سابقيه، كأن المجرم نتانياهو يسابق الزمن من أجل مسح غزة وأهلها عن بكرة أبيها، وأمام هذه المشاهد كل يوم ، فإن كل أحرار وشرفاء العالم يبكون في صمت، و هناك بالمقابل بالمتخادلين الذين لاتحرك فيهم كل صور المدابح التي تقع كل يوم أمام أعينهم أي وخز للضمير والمشاعر وهذه لعنة أخرى تصيب ساكنة غزة الأبرياء.

في هذه الأيام الممطرة، وضراوة الحرب تشتد يوما بعد يوما وبشتى أنواع الوسائل بما فيها سياسة التجويع وسد كل منابع الحياة، ومع اقتراب رأس السنة الميلادية، يفا جئنا خبر تم تداوله في العديد من القنوات العربية مفاده أن المسيحيين اللبنانيين يرفضون الاحتفال برأس السنة وهم يتضامنون مع أهل غزة، وقد قالت فلسطينية مسيحية لمراسلي سكاي نيوز كيف يمكننا أن نحتفل وإخواننا في غزة يحترقون كل يوم من طرف الآلة العسكرية الصهيونية، لايمكننا ولانستطيع أن نشعل شمعة واحدة. "

ولهذا وأنا أتذكر قول الله تعالى في سورة آل عمران " وتلك الأيام نداولها بين الناس " أريد أن أذكر نفسي وأذكركم أن مايحدث لأهل غزة من محن ثقيلة ومؤلمة وهناك من يعتبر مايقع لايهمه لامن قريب ولابعيد، ويحاول جهلا أو تكبرا أو تنكرا أن يعطي بالظهر لهم ويعتبر القضية قضيتهم لوحدهم ولا صلة له بذلك ، أقول لك أو لكم حذار تم حذار، إن الزمان دوار وقد نعيش القادم من الأيام محنا تشبه محنتهم وقد تكون أقسى وأعظم من محنتهم، فلهذا فعودة صغيرة إلى التاريخ تكتشفون محنا مؤلمة عشناها نحن المغاربة والعرب قاطبة، فلهذا لاتنسوا الوقوف ومساندة أهل غزة فهم منا ونحن منهم وقضيتهم قضيتنا، وجرحهم جرحنا، ولهذا فهم في أمس الحاجة إلى تعاطفنا وتضامننا الامشروط معهم في محنتهم، وعليه فعلينا جميعا أن نرفض الاحتفال جملة وتفصيلا هذه السنة، علينا أ لا نشعل الشموع، أن نوقف الرقص، أرجوكم لاترقصوا فكأننا نرقص على جثت الأطفال الأبرياء، تذكروا أنها مجرد ليلة وستمر بسرعة البرق ، إنهم يحتاجون منا أن نحترم طيفهم بسالتهم وشهداءهم وندعو لهم بالنصر، تذكروا جيدا أن التاريخ يبدأ من هذه الجزئيات الصغيرة، وتذكروا جيدا بأن هذا الفعل النبيل سيظل مرسوما في ذاكرة كل شعوبنا العربية والإسلامية إلى الأبد.

.كاتب صحافي.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...