الحكومة تعود لصرف دعم جديد لمهنيي النقل.. ومهنيون: هذه آلية لتعطيل الاحتجاج وليس للحد من تداعيات أسعار المحروقات على العيش اليومي للمغاربة

 الحكومة تعود لصرف دعم جديد لمهنيي النقل.. ومهنيون: هذه آلية لتعطيل الاحتجاج وليس للحد من تداعيات أسعار المحروقات على العيش اليومي للمغاربة
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 19 يناير 2024 - 9:00

عادت الحكومة، إلى تبني إجراء صرف الدعم الاستثنائي المخصص لمهنيي النقل الطرقي في المغرب، بدعوى التخفيف من آثار استمرار ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمية على أثمنة نقل البضائع والمسافرين، وتقليص آثارها السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين، وذلك وسط استنكار الفاعلين ممّن اعتبروه "حلّا ترقيعيا"، يستفيد منه الناقلون الكبار وبارونات المحروقات في المملكة على حساب القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة التي تتكبّد ويلات المآسي الاجتماعية والاقتصادية المحدّقة بها من كل جانب .

وأقرّت الحكومة استمرار دعم مهنيي النقل، بعدما هدّدت نقابات سيارات الأجرة في وقت سابق، بالتصعيد بسبب الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، معتبرة أن توقف الدعم الحكومي عمّق جراح أزمة القطاع مع ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب، وهو الإجراء "الترقيعي" الذي سبق واعتمدته في وقت سابق بعدما صرفت لمهنيي النقل دعما استثنائيا على 10 دفعات ما بين منتصف السنتين الأخيرتين، واستفادت منه حوالي 180 ألف عربة، وكلف خزينة الدولة أزيد من 5 مليارات درهم.

ويصل حجم الدعم الحكومي الممنوح لهذه الفئة، حوالي 500 مليون درهم في كل دفعة، لكن يمكن أن يتقلص إلى حوالي 300 مليون درهم بحسب عدد طلبات الدعم المقدمة من لدن مهنيي النقل، وتؤكد الحكومة، أن اختلاف حجم الدعم بين الدفعات يعود إلى التغير الذي يطرأ على أسعار المحروقات بفعل تقلبات الأسواق المصدرة للنفط.

وتزعم الحكومة من خلال تقديم هذا الدعم، الحد من ارتفاع أسعار تنقل المسافرين عبر الوسائل العمومية ونقل البضائع والسلع، إلا أن تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات على المعيش اليومي لعموم المغاربة، تبرز مدى محدودية الدعم الموجه للمهنيين فقط، وبأن الإجراء ترقيعي ولا يجيب على المنتظر منه، سيّما وأنه مخصص لفئة واحدة من المواطنين دون أن يشمل ما يزيد عن 4 ملايين عربة أخرى يملكها المواطنون أغلبهم من ذوي الدخل المحدود أو من الطبقة المتوسطة ممّن وجدوا أنفسهم تحت رحمة تقلب أسعار المحروقات.

وبناء عليه، أعلنت وزارة النقل واللوجيستيك، عن إطلاق عملية التسجيل للحصول على دعم إضافي لفائدة مهنيي النقل الطرقي بالمغرب، وذلك ابتداء من 25 يناير الجاري، مشيرة إلى أنه "وتبعا للقرار الذي اتخذته الحكومة لدعم مهنيي النقل الطرقي، سيتم إطلاق عملية التسجيل للحصول على دعم إضافي لفائدة المهنيين، وذلك ابتداء من يوم الخميس 25 يناير الجاري.

ومكن الدعم الاستثنائي المخصص لمهنيي قطاع النقل الطرقي، من استفادة مهنيي النقل العمومي للمسافرين من دعم قيمته 2200 درهم لسيارات الأجرة الكبيرة، و1600 درهم لسيارات الأجرة الصغيرة، و1800 درهم لعربات النقل المزدوج بالعالم القروي، بالإضافة إلى 7000 درهم لحافلات نقل المسافرين بين المدن، و6200 درهم لحافلات النقل الحضري.

وفيما يتعلق بالنقل السياحي، فقد استفاد المهنيون من دعم مالي بلغ 2800 درهم لحافلات النقل من الصنف الأول، و1400 درهم للحافلات من الصنف الثاني، و1000 درهم للعربات من الصنف الثالث (TGR/TLS).

وتم تخصيص دعم لمهنيي نقل البضائع لفائدة الغير، حوالي 1000 درهم لعربات القطر، و2600 درهم للشاحنات ذات الحمولة المسموح بها تفوق 3.5 طن وأقل من 14 طن، و3400 درهم للشاحنات ذات الحمولة المسموح بها بين 14 و19 طن، و4200 درهم للشاحنات التي يتجاوز وزن الحمولة المسموح بها 19 طنا، فضلا عن 6000 درهم مخصصة للجرارات الطرقية.

وعلاقة بالدعم المخصص لنقل المستخدمين والنقل المدرسي، فقد استفاد مهنيو نقل المستخدمين لحساب الغير، من دعم مالي قدره 1200 درهم عن كل عربة، و1000 درهم لكل عربة مخصصة للنقل المدرسي لحساب الغير.

ويرى الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الحسين اليماني، أن الدعم الاستثنائي الذي خصّصته الحكومة لمهنيي النقل وحدهم ودونما غيرهم من المواطنين، هو بمثابة "حل ترقيعي لا يعالج المشكل في العمق"، بل هو مجرد محاولة من الحكومة لامتصاص غضب المهنيين واستمالتهم، باعتباره "آلية لتعطيل الاحتجاج وليس آلية للحد من تداعيات أسعار المحروقات على العيش اليومي للمغاربة".

اليماني وفي تصريح لـ "الصحيفة"، قال إنه وبالرجوع لتطبيق العمليات الحسابية في تحديد أسعار بيع المحروقات للعموم، قبل الإجهاز عليها من حكومة بنكيران، ''نصل إلى أن أسعار المحروقات خلال النصف الثاني من شهر يناير الجاري، لا يجب أن تتعدى 10.83 درهم للتر الغازوال و 11.52 درهم للتر البنزين''.

وبناء على مستوى الأسعار في السوق الدولية خلال النصف الأول من الشهر الجاري وعلى متوسط صرف الدولار، خلص اليماني إلى أن ثمن وصول ليتر الغازوال الى المغرب، من المفترض أن "لا يتجاوز 6.78 درهم وثمن لتر البنزين لن يتعدى 5.93 درهم، ولكن حينما نضيف الضريبة (3.41 للغازوال) ونضيف أرباح الفاعلين (2.83 للغازوال)، يقفز سعر لتر الغازوال، إلى حوالي 13 درهم وسعر البنزين لزهاء 14.40 درهم، وهو ما يعطي بعملية الطرح"، مؤكدا أن الأرباح الفاحشة أو ما فوق الأرباح التي كانت قبل تحرير الأسعار، تصل إلى 2.20 درهم في الغازوال و 2.87 درهم في البنزين، وهو ما سيعطينا إمكانية وصول مجموع الأرباح الفاحشة خلال السنة الجارية، إلى أكثر من 10 مليار درهم.

وتابع اليماني بالقول: "إن كانت البلاد تواجه مشاكلا متعددة، من الجفاف والتضخم والبطالة، فهل يفهم المتحكمون في سوق المحروقات ومن يدور في فلكهم، بأن الوقت حان، لمراجعة كل المنظومة المتحكمة في قطاع الطاقة البترولية، ولا خيار في ذلك سوى بإنفاذ القانون وجعل سلطة الدولة فوق كل السلطات والتصدي لكل مظاهر الابتزاز واللعب بمقومات السلم الاجتماعي والأمن الطاقي للمغرب"، مضيفا: "لم يعد من معنى للاستمرار في السكوت والتجاهل لنداءات شرفاء وعقلاء هذا الوطن، من أجل إلغاء تحرير أسعار المحروقات وإحياء تكرير البترول بشركة سامير ومراجعة الإطار القانوني لقطاع الطاقة بشكل عام ومنه قطاع الطاقة البترولية".

وكان وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، قد وعد بإخراج مشروع قانون مقايسة أثمنة النقل الطرقي من أجل تقديم إجابات هيكلية لإشكالية تقلبات أسعار المحروقات وعلاقتها بقطاع النقل الطرقي، وهو المشروع الذي يهم أنشطة النقل الطرقي للبضائع لحساب الغير والنقل السياحي ونقل المستخدمين لحساب الغير، ويستهدف فئة المهنيين، من أجل تمكينهم من آلية تساعدهم على التأقلم مع تقلبات الأسعار، من خلال إقرار مراجعة سعر النقل الطرقي في إطار عقود النقل المبرمة عند تقلب سعر الوقود.

ويحدد مشروع هذا القانون، الالتزام بمراجعة سعر النقل البري المتفق عليه في البداية بين أطراف النقل ضمن “عقد” من خلال تطبيق تباين أسعار تكاليف الوقود في مؤشر تكلفة الوقود، المشار إليه في المادة 4 من نفس القانون، بين تاريخ إبرام عقد النقل وتاريخ إتمامه، عندما يتجاوز هذا التغيير في القيمة المطلقة عتبة 5 في المائة، كما ينُص على تحديد منتج سعر النقل المتفق عليه في البداية، والحصة من تكاليف الوقود والتغير في مؤشر أسعار الوقود بين تاريخ العقد وتاريخ إتمام عملية النقل، على  أن يتم  تغيير رسوم الوقود بالرفع أو التخفيض، حسب تطور سعر الوقود المذكور في "سفح الفاتورة".

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...