أزمة رفع موريتانيا أسعار الجمارك عن وارداتها من "خضر المملكة".. مصادر حكومية لـ"الصحيفة" تؤكد وجود تنسيق مستمر بين الرباط ونواكشوط.. ومهنيون موريتانيون: "بصل الجزائر" لن يعوض خضروات وفواكه المغرب

 أزمة رفع موريتانيا أسعار الجمارك عن وارداتها من "خضر المملكة".. مصادر حكومية لـ"الصحيفة" تؤكد وجود تنسيق مستمر بين الرباط ونواكشوط.. ومهنيون موريتانيون: "بصل الجزائر" لن يعوض خضروات وفواكه المغرب
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 29 يناير 2024 - 15:43

  لم تتوصل السلطات المغربية ونظيرتها الموريتانية، إلى أي توافق حتى الآن بخصوص ما بات يُعرف إعلاميا بـ "أزمة البصل" على الحدود الجنوبية للمملكة، وفق ما أكدته مصادر حكومية ومهنية من الجانبين لـ "الصحيفة"، الأمر الذي انعكس سلبا على سوق الاستهلاك الموريتانية في ظل الارتفاع الكبير للأسعار على الرغم من دخول الجزائر على خط توريد البلد بكميات مهمة من الخضراوات وفي مُقدمتها البصل، وذلك عبر بوابة ميناء نواكشوط.

وكان محمد سالم ولد مرزوق، وزير الخارجية الموريتاني، قد وعد خلال حلوله بالمغرب في 22 يناير الجاري، في إطار جولته بالمنطقة المغاربية، والتي شملت أيضا كلا من الجزائر وتونس وليبيا، (وعد) باستمرار التنسيق بين البلدين لحلحلة كل الملفات العالقة بين الرباط ونواكشوط، في مقدمتها الأزمة الجمركية المترتبة عن إقدام السلطات الموريتانية على سن زيادات وصفت بـ "الصاروخية"، وحالت دون استكمال عدد من الشاحنات المغربية لإجراءات العبور من منفذ الكركرات الحدودي إلى البلد، سيّما وأن السلطات الجمركية الموريتانية طالبتهم بدفع هذه التعريفة الضريبية الجديدة بصفة فورية، ما اضطر عدد منهم إلى العودة لتفريغ شحناتهم في السوق المغربية، فيما بقي آخرون في انتظار حل على الحدود يحول دون دفع الـ 48000 درهم المطلوبة عوض 18000 درهم التي كانوا يدفعونها من قبل تنزيل هذا القرار للجمارك الموريتانية.

وإلى حدود اليوم الاثنين، فشلت السلطات المغربية ونظيرتها الموريتانية في بلوغ التوافق حول التعريفة الجمركية، وفق ما أكدته مصادر حكومية مغربية لـ "الصحيفة"، موردة أن التنسيق بين الوزارتين الوصيتين تم بالفعل طيلة الأسبوعين الماضيين ولايزال مستمرا، "لكن القرار بات لزاما وبالتالي لا جديد بهذا الخصوص حتى الآن لكن قد يكون قريبا".

ونفت المصادر الحكومية المغربية في تصريحها لـ "الصحيفة"، وجود أي مؤشرات تُثبت وجود علاقة ترابطية بين قرار المغرب وقف التصدير لتأمين حاجيات السوق الداخلية السنة الماضية والذي تزامن مع شهر رمضان وانعكس سلبا على سوق الاستهلاك الموريتاني، والقرار المستجد للحكومة الموريتانية برفع التعريفة الجمركية، مشدّدة على أن العلاقات بين البلدين بلغت مستويات مهمة، كما أن التنسيق الاقتصادي السياسي والتجاري بين البلدين لم يتوقف في أي وقت مضى، وبالتالي "لا وجود للدوافع الانتقامية أو القرارات الأحادية".

وخلافا لهذه النظرة الحكومية التفاؤلية، ما يزال الوضع على حاله في الحدود البرية الرابطة بين المغرب وموريتانيا، وفق تأكيدات الحسين أضرضور رئيس الفدرالية البيمهنية لإنتاج وتصدير الفواكه، لـ "الصحيفة"، والذي أورد أن عددا من الشاحنات المغربية ارتأت وقف تأمين الصادرات، فيما استمر بعض الموردين في ولوج السوق الموريتانية بعد أداء الضريبة الجمركية.

ولا تتوفر الفيدرالية البيمهنية لإنتاج وتصدير الفواكه حتى الآن، على أي معطيات رقمية حول عدد الشاحنات المغربية التي ولجت التراب الموريتاني منذ فرض التعرفة الجمركية الجديدة مطلع شهر يناير الجاري، وفق تأكيدات رئيسها جوابا على أسئلة "الصحيفة"، بيد أنه أكد وفي الآن ذاته أن عدد الشاحنات التي دخلت موريتانيا وفق التسعيرة المطلوبة على الحدود، أقل بكثير من تلك التي ظلت عالقة أو عادت أدراجها.

وهذا الوضع الضبابي من جهة ثانية، أضر كثيرا بسوق الاستهلاك الموريتاني إذ سجلت أسعار الخضروات ارتفاعا غير مسبوق، فعلى سبيل المثال بلغ الكيلو الواحد من البصل 500 أوقية بعد أن كان في حدود 150 أو 200 أوقية قديمة، كما ارتفعت أيضا أسعار الطماطم والبطاطس ومجمل الخضراوات بأكثر من الضعف، ما يؤثر في القدرة الشرائية للمواطنين الموريتانيين.

ووفق ما توصّلت إليه "الصحيفة" بنا عل تقديرات المهنيين الموريتانيين، فإن نواكشوط وفي  المدى القريب والمتوسط -على الأقل- لا تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي عن استيراد الخضروات المغربية، لأن انتاجها حاليا من الخضروات لا يتجاوز  10% فقط من احتياجاتها، وهو ما يعني لزاما فشل خطوة رفع التسعيرة الجمركية لتشجيع الوزارعين في البلد.

وبهذا الخصوص، يقول أحمد الناهي الأمين العام لمنتدى المستهلك الموريتاني، إنه لا مستجد في الأفق بشأن سحب التسعيرة الجمركية على المستوى الحكومي، وبالتالي فإنه قرار رسمي ساري المفعول لن يُلغى إلا بصدور قرار آخر مماثل رسميا تعلن فيه الحكومة الموريتانية التراجع.

وشدّد المسؤول الموريتاني في حديثه لـ "الصحيفة"، على أن هذا القرار السلبي الذي اتخذته سلطاته بلده مطلع الشهر الجاري، أرخى بظلاله السلبية على المستهلك الموريتاني وما تزال تجلياته وتداعياته واضحة للعيان، مضيفا: "توجد زيادات صاروخية في أسعار الخضراوات وانعكست على معيش المواطنين ومن موقعنا كنا قد أصدرنا بيان وقمنا بحملة تحسيسية في هذا الاتجاه لكن لا متغير حتى الآن في غياب قرار جديد يلغي الأول".

وفشلت الجزائر، في ضمان تموين دائم وكاف بالخضراوات لصالح السوق الموريتانية، وفق ما أكده مهنيون من نواكشوط، شدّدوا على أن الكميلة التي تم التوصل بها من الجزائر لم ولن تكفي لسد الخصاص أو المكانة التي يعتليها المغرب باعتباره الممون الأول للبلد.

وقرّرت الجزائر من جانبها استغلال الظرفية للإعلان عن تصدير  شحنة البصل الأحمر  إلى موريتانيا عبر الخط البحري الذى افتتحته فى 24 فبراير 2022 وظل جامدا، إذ أنه لم يشهد سوى عمليات تصدير محدودة ومتباعدة جدا، وهو ما يعني أن الجزائر ومن منطلق رغبتها في مزاحمة المغرب على السوق الموريتانية قررت إحياء هذا المعبر البحري الذي اعتبر في وقت سابق "بوابة" لقصر المرادية صوب دول غرب أفريقيا.

من جانبها اكتفت السطات الموريتانية بتطبيق قرار رفع الجمركة دون أن تعلن عنه أمام الرأي العام المحلي، فيما صرح وزير الاقتصاد عبد السلام، أنه من المهم حماية الإنتاج المحلي بشكل دوري مضيفا: "لدينا الحق في حماية إنتاجنا موسمياً عندما تكون هناك منافسة قوية وخطر الخسارة موجود، ونحن ندخل مرة أخرى في إنتاج المنتجات البستانية، وعلينا أن نواصل دعم رواد الأعمال الشباب".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...