المغرب يعزز تحالفه مع دول الخليج التي تدعم وحدته الترابية.. والجزائر تستقوي بإيران رغم الرفض العربي

 المغرب يعزز تحالفه مع دول الخليج التي تدعم وحدته الترابية.. والجزائر تستقوي بإيران رغم الرفض العربي
الصحيفة من الرباط
الأثنين 4 مارس 2024 - 22:08

في الوقت الذي كان فيه ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، يمثل المملكة في الاجتماع الخليجي المغربي بالعاصمة السعودية الرياض، أمس الأحد، ويظهر وهو يتوسط صورة تجمعه بنظرائه ممثلي دول الخليج، كان الرئيس الجزائري يمد يده، في الجزائر، لمصافحة نظيره الإيراني، إبراهيم رئيسي، بحرارة، في مشهدين متناقضين أكدا أن البلدين المغاربيين حسما تحالفاتهما بشكل جذري.

ويأتي هذان التحركان في فترة تشهد فيها العلاقات بين المغرب ودول الخليج من جهة، وبين إيران من جهة أخرى، برودا أقرب إلى العداء، لأسباب مُختلفة، فالرباط ترى أن إيران هي إحدى الجهات التي تُدرب وتُسلح ميليشيات جبهة "البوليساريو" الانفصالية في الصحراء، بينما بُلدان الخليج، وخصوصا السعودية والإمارات والبحرين، لا زالت تخوض حربًا دبلوماسية علنية ضد النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط.

ومن ناحية أخرى، لا تعيش العلاقات بين الجزائر والخليج أفضل أيامها، خصوصا مع دولة الإمارات العربية المتحدة، التي منعت مسؤولين جزائريين من دخول أراضيها، بعد مسلسل طويل من الاتهامات الضمنية أو المُعلنة، بين البلدين، بعد رفض الطلب الذي قدمه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، للانضمام إلى مجموعة "البريكس".

والواضح أن حسابات الصحراء لعبت، مرة أخرى، دورا محوريا في حسم تحالفات البلدين المغاربيين، فالملف كان على طاولة النقاش بين تبون ورئيسي، والاثنان أكدا "تطابق وجهات النظر" بينما بخصوص قضية الصحراء، ما يُترجم إلى دعم الطرح الانفصالي، وهو ما كان في الأساس سببا رئيسيا وراء إعلان الرباط قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران سنة 2018.

أما في الرياض، فكان وزراء خارجية مجلس التعاون الخليجي يجددون التأكيد على "المواقف والقرارات الثابتة للمجلس المؤيدة لمغربية الصحراء، والداعمة للحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية وسيادتها التامة على صحرائها، والمساندة لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد في إطار سيادة المغرب ووحدته الوطنية والترابية".

وقال محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية دولة قطر، الذي يرأس الدورة الحالية للاجتماع المغربي الخليجي، إن دول المجلس تؤكد "دعمها الثابت لمغربية الصحراء ووقوفها الراسخ مع سيادة المغرب على كافة ترابه، وكذا دعمها للقرارت الأممية ذات الصلة"، بينما أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، جاسم البديوي، على "مواقف المجلس وقراراته الداعمة لمغربية الصحراء" مجددا التأكيد على "أهمية الشراكة الاستراتيجية بين المجلس والمملكة المغربية".

هذا الدعم، تقدم خطوة أخرى إلى الأمام، حين تعزز بإعلان بلدان الخليج مُساندة المبادرة الإفريقية الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس لفائدة دول الساحل، وهي مبادرة ترتبط عضويا بملف الصحراء، إذ إن المنفذ المقترح على الدول المعنية للوصول إلى المحيط، ليس سوى مدينة الداخلة من خلال مينائها الجديد، وفي هذا الصدد قال إن دول مجلس التعاون الخليجي "تشيد بمبادرة الملك الإفريقية الأطلسية التي من شأنها تعزيز التعاون بين بلدان الساحل والدول المطلة على الأطلسي".

هذا الأمر يكشف إحدى دوافع الجزائر للاستعانة "العاجلة" بإيران، فمبادرة العاهل المغربي أضحت تحظى بدعم دولي متزايد، بالموازاة مع إعلان كل من مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو الانخراط فيها، شهر دجنبر الماضي، في حين تعيش العلاقات بين قصر المرادية من جهة وبين باماكو ونيامي من جهة أخرى، أزمة دبلوماسية مُعقدة.

وقبل 3 أشهر، وقَّع الملك محمد السادس ورئيس دولة الإمارات، محمد بن زايد آل نهيان، على اتفاقيات تهم مشاريع استراتيجية، بما يشمل الاستثمار في تدبير ميناء الداخلة الأطلسي، كما اتفقا على دراسة إمكانيات التعاون في مجال الشراكة الاقتصادية وتطوير البنيات التحتية والطاقية مع الدول الإفريقية لاسيما فيما يخص مشروع أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي، المشترك بين نيجيريا والمغرب، الذي ترى فيه الجزائر تهديدا وجوديا لمشروعها مع أبوجا.

الدعم الخليجي للمغرب يمتد لأمور أخرى، وفي مقدمتها احتضان كأس العالم 2030 بشكل مشترك مع إسبانيا والبرتغال، حيث هنأ وزير الخارجية القطري، رئيس الدورة، والذي احتضنت بلاده آخر نسخة من المونديال، المملكة على الظفر بحق الاستضافة "كأول دولة في شمال إفريقيا، وثاني دولة في العالم العربي"، وأضاف "نعبر عن دعمنا الكامل واستعدادنا للمساعدة وتبادل الخبرات، في ما يخص تنظيم مثل هذا الحدث العالمي".

وأمام هذا التحالف الاستراتيجي المغربي الخليجي، الذي يمثل تحالفا بين "الملكيات" باعتبارها أنظمة الحكم الأكثر استقرارا واستمرارية في المنطقة المغاربة، اختارت الجزائر حليفا لا يحظى بالقبول من لدن جل البلدان العربية، فإيران أضحت حاضرة دائما على طاولة اجتماعات جامعة الدول العربية، باعتبارها المتهم الرئيس بضرب أمن واستقرار المنطقة.

ففي يناير الماضي، تبنت الجامعة العربية مشروع قرار من سبعة بنود، يدين بشدة القصف الإيراني الذي تعرضت له مدينة أربيل بإقليم كردستان، وذلك في جلسة طارئة عُقدت بطلب من العراق، خلصت إلى التأكيد على "وحدة وسيادة الأراضي العراقية ضد أي اعتداء أو انتهاك خارجي"، واتهمت القرار طهران بانتهاك السيادة العراقية وخرق مبدأ حسن الجوار.

وكانت القمة العربية التي احتضنتها الجزائر، في نونبر من سنة 2022، والتي أطلقت عليها الرئيس تبون، للمفارقة، لقب قمة "لم الشمل"، أكثر القمم التي برز فيها الصراع بين قصر المرادية وبين دول الخليج بخصوص إيران، وذلك بسبب إصرار الجزائر على عدم توجيه أي إدان مباشرة لإيران بخصوص التدخل في الشأن العربي أو الاعتداء على وحدة وسلامة أراضي الدول الأعضاء.

وفي نهاية المطاف نص "إعلان الجزائر" على "تعزيز العمل العربي المشترك لحماية الأمن القومي العربي بمفهومه الشامل وبكل أبعاده السياسية والاقتصادية والغذائية والطاقوية والمائية والبيئية"، وكذا "المساهمة في حل وإنهاء الأزمات التي تمر بها بعض الدول العربية، بما يحفظ وحدة الدول الأعضاء وسلامة أراضيها وسيادتها على مواردها الطبيعية ويلبي تطلعات شعوبها في العيش الآمن الكريم".

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...