الجيش المغربي ونظيره الأمريكي يضعان آخر الترتيبات للمناورات العسكرية "الأسد الأفريقي".. ومعطيات عن أن التحضير المُبكر مُرتبط بمواجهة الخروج الفرنسي في دول الساحل

 الجيش المغربي ونظيره الأمريكي يضعان آخر الترتيبات للمناورات العسكرية "الأسد الأفريقي".. ومعطيات عن أن التحضير المُبكر مُرتبط بمواجهة الخروج الفرنسي في دول الساحل
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 15 مارس 2024 - 12:00

شرع المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، في وضع اللمسات الأخيرة على المناورات العسكرية الأسد الأفريقي التي ستحتضنها أكادير في الفترة الممتدة ما بين  20 و31 ماي المقبل، في سياق إقليمي متصاعد التوترات، وتزامنا مع الدينامية الجديدة التي أطلقها عاهل البلاد الملك محمد السادس لتسهيل ولوج دول الساحل للمحيط الأطلسي، تعزيزا للتعاون الإفريقي الأطلسي، وهو ما ثمّنه خبراء عسكريون مغاربة، اعتبروا التحضير اللوجيستكي والتنظيمي بشكل مبكر، مرتبط بالانسحاب العسكري الفرنسي من دول الساحل وواقع الفراغ السياسي والأمني الذي تحاول الولايات المتحدة ملأه في مواجهة المد الروسي والصيني في المنطقة.

ويستكمل المغرب والولايات المتحدة هذه الأيام بأكادير، الاستعدادات الأخيرة للمناورات العسكرية المشتركة بين أفريقيا والأسد لهذه السنة التي ستشهد احتفالات بالذكرى العشرين لإطلاق هذا التمرين، حيث يتم إعداد التخطيط لفرق الإدارة العليا، والمناورات المسلحة المتعددة والمشتركة، والأنشطة المدنية العسكرية، بالإضافة إلى تمارين إزالة التلوث (النووي والإشعاعي والبيولوجي والكيميائي)، تحت يافطة هدف رئيسي هو تعزيز قابلية التشغيل البيني وتحسين قدرات التدخل في سياق متعدد الجنسيات.

ويهدف تمرين “الأسد الإفريقي 2024”، الذي سينظم من 20 إلى 31 ماي الجاري بمناطق أكادير وطانطان وطاطا والقنيطرة وبنجرير وتفنيت، إلى تعزيز التعاون العسكري بين المغرب والولايات المتحدة؛ وتحسين التبادلات بين القوات المسلحة للدول المشاركة، بهدف تعزيز السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، بحسب بيان رسمي.

وأنهت القوات المسلحة الملكية والقوات المسلحة الأمريكية، وقوات أكثر من عشرة بلدان شريكة، أشغال التخطيط للدورة العشرين من تمرين "الأسد الإفريقي 2024"، الذي احتضنته القيادة العليا للمنطقة الجنوبية منذ الـ29 من شهر يناير الماضي، بتعليمات ملكية، حيث من المرتقب أن يعقد هذا الجمع في سياق استثنائي بالنظر إلى المتغيرات الجيو-إستراتيجية الدولية والإقليمية سيما بوجود مهددات أمنية متزايدة.

وتعليقا على ما سبق نبّه محمد شقير، الخبير المغربي في الشؤون العسكرية إلى أن هذه المناورات تعتبر من أكبر المناورات العسكرية بأفريقيا، وتشكل في نسختها العشرين منذ تأسيسها شراكة ثنائية مغربية أمريكية مما يعكس صلابة التحالف العسكري  بين البلدين وفي نفس الوقت الرؤية الاستراتيجية التي بنيت عليها.

ويرى الخبير الأمني في حديثه لـ"الصحيفة"، أن هذه المناورات تهم بالأساس تجميع تكتل عسكري أوربي افريقي بزعامة أمريكية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تعرفها القارة الإفريقية والمتمثلة في مواجهة تحركات الحركات المتطرفة المسلحة التي زادت من نشاطها الارهابي خاصة بعد القضاء على تنظيم "داعش" في العراق وتحويل نشاطه بمنطقة الساحل نظرا لما تعرفه دولها من عدم استقرار سياسي وأمني ولما تتميز به من تموقع جيوستراتيجي.

 وما يجعل هذه النسخة الجديدة من مناورات الأسد الأفريقي استثنائية وجعل التحضير لها لوجيستكيا وتنظيميا يتم بشكل مبكر، وفق محمد شقير هو الانسحاب العسكري الفرنسي من دول هذه المنطقة وما تركه هذا الانسحاب من فراغ سياسي وأمني  تحاول الولايات المتحدة ملأه حتى لا يتم استغلاله من طرف قوى دولية منافسة وعلى رأسها روسيا والصين، وكذا لعدم  فسح المجال لتمدد الحركات المسلحة التي أصبحت تقوم بأنشطة إرهابية امتدت إلى نيجيريا بوصفها أكبر دولة أفريقية سكانا وتوفرا على أكبر محزون غازي في أفق انجاز أنبوب الغاز الإفريقي الأوروبي.

وأشار المتحدث، في تصريحه لـ "الصحيفة"، إلى أن هذه المناورات تأتي أيضا في سياق انسحاب بعض الدول من تكتل "الإكواس" والاعلان عن المبادرة المغربية الأطلسية التي  تشكل مبادرة بديلة باستقطاب هذه الدول في إطار استراتيجية تروم تجميع الدول الافريقية الأطلسية بزعامة أمريكية مغربية بوصفهما دولتين تتموقعان على ضفتي المحيط الأطلسي الذي سيصبح المعبر المائي تجاريا واقتصادية بعد التهديدات التي أصبحت تواجه البحر الأحمر بسبب تداعيات حرب غزة وهجمات الحوثيين، بالإضافة إلى تراجع الملاحة بالبحر المتوسط بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وضعف استيعاب هذا الممر للحركة التجارية التي تحولت المحيطين الهادئ والاطلسي.

وبناء عليه، يرى شقير أن هذا التحول هو الذي يفسر اختيارات المدن والمناطق المغربية التي ستجرى فيها هذه المناورات العسكرية حيث ستشمل بالإضافة إلى طاطا والمحبس وتفنيت التي تشبه في طبوغرافياها المناطق الصحراوية بالساحل التي تنشط فيه التنظيمات المسلحة مثل بوكو حرام وغيرها، مدنا ساحلية أخرى مثل أكادير وطانطان مما يعكس الهاجس الأمني في حماية الحركة التجارية البحرية لمواجهة التهديدات الآتية من البحر من هجرة سرية وتهريب مخدرات وغيرها.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...