الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تُحذر الحكومة: الاقتصاد الوطني "غير حر" والرشاوى مستفحلة في الإدارات العمومية

 الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها تُحذر الحكومة: الاقتصاد الوطني "غير حر" والرشاوى مستفحلة في الإدارات العمومية
الصحيفة - خولة اجعيفري
الجمعة 29 مارس 2024 - 22:13

لم تنظر الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بعين الرضى لتصنيف المغرب عالميا الأكثر حرية في المجال الاقتصادي في شمال إفريقيا، إذ اعتبرت أن هذا المركز ما هو إلا دليل واضح على ما وصفته بـ"الانتكاسة المستمرة" التي يعرفها هذا المؤشر منذ عام 2021، منبّهة إلى أن الاقتصاد الوطني المغربي يعتبر "غير حر" بسبب استفحال الفساد في الإدارات العمومية وتأثيره على ثقة المستثمرين ومناخ الأعمال والمقاولات التي تصطدم بعراقيل "الرشاوي".

ووفق المعطيات التي قدّمتها المؤسسة الدستورية التي يرأسها محمد بشير الراشدي، في تقرير "رسالة النزاهة 5"، فإن مؤشر الحرية الاقتصادية في المغرب يشهد انتكاسة مستمرة منذ عام 2021، والتي تعقب التطوّر الإيجابي جدا الذي حققه بين سنتي 2015 و2021.

وخلافا للترحيب الحكومي بالتصنيف الأممي لمؤشر الحرية الاقتصادية العالمي لسنة 2024، الذي تصدره المؤسسة البحثية الأمريكية "The Heritage Foundation"، اعتبرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن حصول المغرب على تنقيط 56,8 من أصل 100 نقطة، يُعتبر تراجعا ملحوظا بـ 1.6 نقطة حتى بالمقارنة مع عام 2023.

ووفق المعطيات الرقمية التي تتوفر عليها "الصحيفة" حول مسار تطور مؤشر الحرية الاقتصادية في المغرب، فالملاحظ هو أنه في عام 2013 تمكن المغرب من الحصول على تنقيط 59,6، فيما، وفي عام 2015 بلغ 60,1، واستمر في منحاه التصاعدي إلى سنة 2021 عندما بلغ 63,3 نقطة قبل أن يعود إلى التقهقر مرة أخرى في عام 2022، تزامنا مع صعود الحكومة الحالية، ويصل إلى59,2 نقطة، ثم 58,4 في عام 2023 وأخيرا 56,8 في عام 2024.

من جانبها، لفتت الهيئة إلى أنه من وحيث الترتيب، فإن المغرب يحتل حاليا المركز 101 عالميا من أصل 184 دولة والتاسع من أصل 14 على مستوى منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، منبّهة إلى أن تنقيط المملكة خلال السنة الجارية، هو أقل من المتوسط العالمي المحدد في 58,6 نقطة، وكذا متوسط منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط البالع 57,4 نقطة، وهو ما يجعل الإقتصاد الوطني المغربي يصنّف على العموم بكونه "غير حر" سنة 2024.

وفي السياق ذاته، استحضرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، البحث الميداني الذي أجراه البنك الدولي والمتعلّق بالمقاولات لسنة 2023، لتنبّه إلى أن الفساد احتل المرتبة الثانية بعد ممارسات القطاع غير المهيكل من ضمن العوائق الرئيسية المصرح بها من قبل المقاولات في المغرب، بحيث أعلنت 15,7 في المائة منها أن الفساد هو العائق الرئيسي أمامها.

ولفتت الهيئة إلى أن 29.6 في المائة، من المقاولات التي تم استجوابها أفادت بأنها تلقّت طلبا لدفع رشاوي في إطار 6 تعاملات مع القطاع العام تتعلّق بالحصول على خدمات عمومية بما فيها التصاريح، التراخيص والضرائب.

واستنادا إلى تحليلات مختلف المؤشرات المتعلقة بالفساد والحكامة والمواضيع ذات الصلة، ترى الهيئة الوطنية، أن نتائج المغرب على مستوى التنقيط وعلى المستوى الترتيب لا تزال متباينة إلى حد كبير لمدة عقدين من الزمن، وبشكل أقل من الانتظارات والأهداف المسطرة من طرف السلطات والمؤسسات ذات الصلة.

وفي السياق ذاته، حذّرت الهيئة من تأثير الفساد على ثقة المستثمرين ومناخ الأعمال مشيرة إلى أن هذا الوضع من شأنه أن ينعكس سلبا على جاذبية الاقتصاد الوطني، ذلك أنه وبقدر ما يهم الفساد القطاع الخاص في حد ذاته، بقدر ما يطال أيضا علاقة الفاعلين الاقتصاديين بالإدارة.

 ولمواجهة هذا الوضع، أوصت الهيئة باعتبار القطاع الخاص كفاعل لا غنى عنه في تفعيل أهداف الوقاية من الفساد ومحاربته على المستوى الوطني، باعتباره يواجه هذه المعضلة سواء في إطار التعاملات بين الفاعلين الاقتصاديين، أو بسبب تفاعلاته المتعددة والدائمة مع الإدارة على مستوى طلبات التراخيص، الرخص، والمشاركة في الصفقات العمومية

وبموجب الصلاحيات الممنوحة لها بمقتضى القانون، 46-19 خصوصا تلك المتعلقة بالمبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات الوقاية من الفساد ومحاربته، شدّدت الهيئة، في إطار التوجهات الاستراتيجية لسياسة الدولة في مجال الوقاية من الفساد ومحاربته، على ضرورة إحداث دعامة موجهة بشكل كلي للنهوض بالنزاهة والحكامة الجيدة والأخلاقيات في عالم الأعمال، لافتة إلى أن جهودها بهذا الخصوص تسير نحو تثبيت ومأسسة إطار "للحوار بين القطاعين العام و ا إلى مقاربة الخاص"، استناد جديدة للتوعية والتعبئة والمشاركة ومواكبة المقاولات، من خلال إجراءات مناسبة وفعالة، وفي إطار تعاون وثيق بين ممثلي القطاع الخاص والسلطات العمومية.

وكان المغرب، قد حلّ في المستوى الرابع، كأول بلد في شمال إفريقيا ضمن مؤشر الحرية الاقتصادية، متبوعا في المرتبة الثانية بموريتانيا (المرتبة 110 عالميا)، ثم مصر ثالثا (المرتبة 146 عالميا)، وفي المرتبة الرابعة تونس صاحبة المرتبة 150 عالميا، ثم الجزائر خامسا بمرتبتها الـ164 عالميا،  في حين لم يشمل المؤشر ليبيا في ظل غياب المعطيات الموثوقة حول اقتصاد البلد.

وعلى مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن مرتبة المغرب هي التاسعة من ضمن 14 بلدا في هذه المنطقة.

هذا، وعلى الصعيد العالمي، فإن دولة سنغافورة حافظت على مكانتها باعتبارها الاقتصاد الأكثر حرية في العالم، تليها سويسرا مباشرة في المركز الثاني، وإيرلندا في المرتبة الثالثة، والرابعة لتايوان، والمرتبة الخامسة لدولة لويكسمبورغ، فيما لا تزال كوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا والسودان وزيمبابوي أقل الدول حرية اقتصاديًا في العالم، حسب ذات المؤشر.

آن الأوان للمغرب أن يدير ظهره كليا للجزائر!

لا يبدو أن علاقة المغرب مع الجزائر ستتحسن على الأقل خلال عِقدين إلى ثلاثة عقود مُقبلة. فحتى لو غادر "عواجز العسكر" ممن يتحكمون بالسلطة في الجزائر، فهناك جيل صاعد بكامله، ...