وباء "الجلد العقدي" يستنفر السلطات المغاربية.. ومصادر في وزارة الفلاحة لـ "الصحيفة": إجراءات المراقبة "صارمة" على حدودنا

 وباء "الجلد العقدي" يستنفر السلطات المغاربية.. ومصادر في وزارة الفلاحة لـ "الصحيفة": إجراءات المراقبة "صارمة" على حدودنا
الصحيفة - خولة اجعيفري
السبت 29 يونيو 2024 - 15:00

حالة استنفار قصوى أعلنتها السلطات في الدول المغاربية، عقب انتشار وباء "الجلد العقدي" القاتل للأبقار في الجزائر وظهور بعض البؤر في مناطق متفرقة بالبلاد، وهو التهديد "الجدي" الذي أخذت به السلطات المغربية، دون إصدار أي قرارات جازمة أو قاطعة بهذا الخصوص حتى الآن، فيما قرّرت كل من تونس وليبيا تحصين حدودها البرية سيّما وأن هذه الأخيرة سجلت حالات نفوق متكررة.

وهذا الوباء جزائري المنشأ، يصيب بشكل مباشر الأبقار وبدرجة أقل الأغنام، هو فيروس ينتقل بين الحيوانات بواسطة النواقل (الحشرات القارضة كالباعوض والقراد والذباب) أو تناول طعام وشراب ملوّث، وتتمثلّ أعراضه في ارتفاع درجات الحرارة والتهاب الجيوب الأنفية وظهور حبوب على الجلد.

وتُحاول السلطات الجزائرية منذ أيام، تطويق بؤر مرض الجلد العقدي الْمُعْدِي لدى الأبقار عقب ظهوره في ولايات متفرقة في البلاد، إذ قامت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، باتخاذ جملة من الإجراءات و التدابير الصحية اللازمة لاحتواء هذا المرض والحد من انتشاره، كما أوصت مزارعيها ومهنييها بالقيام بعملية تطهير واسعة للقضاء على الحشرات الناقلة بصفة منتظمة، وبالتطبيق الصارم لإجراءات منع حركة الحيوانات من الأماكن المصابة وعزل الحيوانات المريضة وتطهير المباني ومختلف الأدوات التي تستعمل في هذه الأماكن إضافة إلى إبلاغ الطبيب البيطري القريب من الضيعات الفلاحية المتضررة.

وأكدت وزارة الفلاحة والتنمية الريفية الجزائرية لكافة مربيي الأغنام في البلاد الذين عبروا عن قلقهم إزاء الوضع بأن الوضع الصحي "تحت السيطرة ولا يبعث إلى القلق حيث تم تسخير كل وسائل الوقاية اللازمة من أجل مرافقة المهنيين وتفادي انتشار المرض في القطيع"، مشيرة إلى أنها شرعت في إجراءات اقتناء اللقاح ضد هذا المرض لدى معهد باستور الجزائر بهدف تعزيز نظام الوقاية و المكافحة.

وانتشار هذا الوباء، أقلق المزارعين ومربّي الأبقار في الدول المغاربية سيما التي تمتلك حدودا برية مع الجزائر، إذ استنفرت السلطات التونسية، تفاعلا مع الدعوة التي وجّهها الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري، من خلال تشديد المراقبة على الحدود البرية.

ودعا الاتحاد التونسي للفلاحة، كافة المربين خاصة على الحدود مع الجزائر الى التزام اليقظة والحذر بعد ظهور بعض البؤر لمرض الجلد العقدي لدى الأبقار بعدد من الولايات الجزائرية مطالبا السلط وهياكل المنظمة الفلاحية والفلاحين الى التدخل الحازم لمواجهة هذا النوع من الأمراض المنقولة والعمل بسرعة على منعها من الوصول إلى تونس.

هذا، وأوصت المنظمة، بضرورة تطبيق إجراءات الأمن البيولوجي والإسراع بإعلام هياكلها الجهوية والمحلية في صورة ظهور أعراض هذا المرض والمتمثلة أساسا في ظهور عُقد ذات أحجام مختلفة على جلد الحيوان والحمى، كما نبّه الاتحاد التونسي للفلاحة، إلى أن هذا المرض الخطير المنتشر بالجزائر يدخل في إطار الأمراض العابرة للحدود

أما في ليبيا، فقد تمكّن بالفعل الوباء من التسلل وهو ما أدى إلى إصابة مئات الرؤوس ونفوق عدد آخر في مناطق شرق ليبيا، من بينها مدن البيضاء والمرج، كما سجلّت بؤر أخرى بمنطقة توكرة والجبل الأخضر، وسط مخاوف من فقدان السيطرة على هذا المرض، الأمر الذي يهدّد الثروة الحيوانية بالبلاد، وقد اتخذّت السلطات الصحيّة في ليبياـ احتياطاتها لتفادي انتشاره، حيث حظرت بيع الأبقار في الأسواق وذبحها واستهلاك لحومها، كما دعت إلى ضرورة وضعها في الحجر الصحّي لمدّة لا تقلّ عن أسبوعين للتأكد من عدم إصابتها، في الوقت الذي تواصل فيه المراكز البيطرية إجراء المزيد من التحاليل على آلاف العينّات الأخرى.

وبالنسبة للمغرب، فإن هذا الوضع "المُقلق" مغاربيا، لا يدعو للذعر أو الخوف، وفق ما كشفته مصادر مسؤولة في وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لـ "الصحيفة"، مُشيرة إلى أن السلطات أخذت علما بالأوضاع المقلقة في الجزائر، وتونس وليبيا والمخاوف المتصاعدة أيضا في موريتانيا التي سبق وعانت كثيرا من هذا الوباء السنة الماضية، بيد أن "المغرب يُطبّق مسطرة صارمة ارتباطا بعملية توريد اللحوم أو الأغنام الحية".

ونفت المصادر ذاتها، أن يكون المغرب في منأى عن خطر الإصابة بهذا الوباء القاتل، سيّما وأن الحدود الشرقية مع الجزئر مغلقة ولا توجد معاملات تصدير واستيراد اللحوم الحمراء مع الدول المغاربية حيث تم تسجيل بؤر، مشدّدة على أن "السلطات دائما في وضعية يقظة، ولا تستبعد حدوث انتقال لهذا الوباء بسبب الحشرات المتنقلة، لكنها أخذت علما بما يحدث وتعمل استباقيا على الحيلولة دون إصابة القطيع المغربي، فيما القطيع المستورد يخضع لمسطرة خاصة ودقيقة".

ونبّهت المصادر ذاتها، في تصريح لـ "الصحيفة"، إلى أن عملية استيراد الأبقار لا تكون عشوائية، وإنما تخضع لمساطر وضوابط محددة في دفتر تحملات خاص سواء قبل الاستيراد حيث يحدد مسبقا عدد الحيوانات المستوردة وبلد المنشأ والسلالات وميناء الشحن والوصول، وشهادة الإسطبل الخاص بالحجر الصحي، والتي تحدد سعة الحظيرة لإيواء الحيوانات المسلمة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.

وبعد دخول الأبقار من السلالات الأصيلة إلى المغرب، يكون واجبا على المستورد أن يقوم بإخبار المديرية الجهوية للفلاحة المعنية من أجل تعيين اللجنة الجهوية المشرفة على مراقبة المطابقة التقنية للأبقار المستوردة وتسليمها نسخة من شهادات النسب الأبقار المستوردة، فيما وبعد التوفر على نسخة من محضر اللجنة السالفة الذكر الذي يؤكد المطابقة التقنية للحيوانات المستوردة بالنسبة لدفتر التحملات، ترسل إلى مديرية مراقبة الجودة بنقط الحدود، التي ترسلها بدورها إلى مصالح الجمارك قصد الاستفادة من الإعفاء الجمركي طبقا للقوانين الجاري بها العمل.

وهذه المراحل جميعها، تمُر منها الأبقار الحية المستوردة للتحقق من سلامتها وجودتها، إذ تُخضع لحجر صحي قبلي وفحوصات تتيقن مرارا من أنها سليمة، وفق المصادر المسؤولة ذاتها، مضيفة: "في حالة استشعرت مصالحنا إصابة أحدها، أو شكّت في ظهور عوارض فإنها تتصرّف فورا من خلال حجر الرأس المعني ومراقبته.. هي إذن كلها سيرورة تتم بشكل دقيق وقانوني".

وكان الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، قد أفاد بأن تكلفة إعفاء استيراد الأبقار من الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة ، كلفت خزينة الدولة أكثر من ملياري درهم خلال الفترة الممتدة بين دجنبر 2022 ومارس 2024.

واستورد المغرب، خلال هذه الفترة ما يقارب 119 ألف و141 رأسًا من الأبقار، بإجمالي وزن يصل إلى 50 ألف طن، بقيمة تبلغ 1.8 مليار درهم. ومن إجمالي هذه الواردات، تمثل الواردات ذات المنشأ الأوروبي نسبة تصل إلى 83 في المائة.

وأشار الوزير، إلى أن ميزانية الدولة تحملت نحو 360 مليون درهم من الضريبة على القيمة المضافة الناتجة عن استيراد هذه الأبقار ابتداء من فبراير 2023، فيما بلغ النقص في المداخيل الجمركية المترتبة عن الإعفاء من رسم الاستيراد المطبق على الأبقار الأليفة 1.85 مليار درهم، لافتا إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بلغ 14 في المائة بين شتنبر 2022 و2023، بسبب الجفاف ونقص الأعلاف، إلى جانب ارتفاع تكاليف إنتاج اللحوم الحمراء، مما دفع بعض مربي الماشية لبيع مواشيهم.

وفي سياق الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة هذا التحدي، قامت بوقف استيفاء رسم الاستيراد المطبق على الأبقار الأليفة خلال الفترة من أكتوبر 2022 إلى دجنبر 2023، إلى جانب تمديد هذا الإجراء حتى نهاية عام 2024 بحصة سنوية قدرها 100 ألف رأس.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...