تعويضات التصحيح تُفجر غضب أساتذة الابتدائي.. والوزارة تُخلف اتفاق 1000 درهم وتهدد بشل الامتحانات الإشهادية المقبلة

 تعويضات التصحيح تُفجر غضب أساتذة الابتدائي.. والوزارة تُخلف اتفاق 1000 درهم وتهدد بشل الامتحانات الإشهادية المقبلة
الصحيفة من الرباط
الأربعاء 30 أبريل 2025 - 21:21

علمت "الصحيفة"، أن التعويضات التي توصل بها أساتذة التعليم الابتدائي مقابل تصحيح امتحانات المستوى السادس بمديرية أكادير إداوتنان، قد خلفت موجة احتجاجات عارمة، وسط اتهامات مباشرة للوزارة بـ"الإخلال الصريح بتعهداتها" و"المسّ بكرامة الهيئة التربوية"، وهو ما بات يُنذر بأزمة غير مسبوقة تهدد السير العادي للامتحانات الإشهادية المقبلة.

وبحسب مصادر نقابية تحدثت إلى "الصحيفة"، فإن ما وصِف بـ"التعويضات الهزيلة" التي تم صرفها للمصححين خلّفت تذمرا واسعا داخل صفوف رجال ونساء التعليم، خاصة بعد أن تبين أن المبالغ الممنوحة لأساتذة الابتدائي لم تتجاوز في أحسن الأحوال 500 درهم، بل إن بعضهم لم يحصل سوى على 100 درهم فقط، وهو ما اعتبرته النقابات "مهينًا وغير مقبول، وينتهك اتفاق الوزارة مع الفرقاء الاجتماعيين الذي ينص على مبلغ موحد لا يقل عن 1000 درهم".

والمثير للاستغراب، وفق المصدر ذاته أن أساتذة التعليم الثانوي والإعدادي بالمديرية ذاتها توصلوا بتعويضات بلغت 1000 درهم كما ينص القرار المشترك رقم 24.145 الصادر بتاريخ 31 أكتوبر 2024، في حين تم استثناء أساتذة الابتدائي من هذا المبلغ، دون مبرر قانوني أو إداري واضح، مما عمّق الإحساس بـ"الحكرة" و"التمييز بين مكونات الجسم التربوي".

وصرح مسؤول نقابي من المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم لـ"الصحيفة" قائلاً: "نحن لا نتحدث عن اجتهادات محلية، بل عن خرق واضح لمقتضيات القرار الوزاري المشترك، الذي حدّد صراحة في مادته الثانية أن التعويض عن التصحيح لا يجب أن يقل عن 1000 درهم. ما وقع هو خرق سافر للمرجعية القانونية والتنظيمية، ومسّ صريح بكرامة رجال ونساء التعليم".

وأكد عدد من أساتذة التعليم الابتدائي، في تصريحات متطابقة لـ"الصحيفة"، أنهم تفاجؤوا بشدة بعد اطلاعهم على مبالغ التعويض التي وصفوها بـ"الهزيلة والمجحفة"، رغم أنهم قاموا بتصحيح ما بين 100 و400 ورقة امتحان لكل واحد منهم في إطار اختبارات المستوى السادس.

وأشاروا إلى أن الفارق الصادم بينهم وبين زملائهم في مديريات مجاورة مثل إنزكان أو حتى في مناطق أبعد داخل المملكة، حيث تم صرف تعويضات تصل إلى 1000 درهم كما هو منصوص عليه قانونًا، يبرز حجم التمييز واللامساواة التي يتعرضون لها داخل نفس المنظومة.

وفي هذا الصدد، قال الأستاذ (ع.م) لـ"الصحيفة": لم نكن ننتظر امتيازات، بل فقط الإنصاف وتطبيق القرار الوزاري، أن نصحح مئات الأوراق ونتوصل بمئة درهم أو أقل، فهذا تحقير لجهدنا ومس بمصداقية الوزارة نفسها".

وأضاف الأستاذة (خ.ب): "ما يحدث في مديرية أكادير إداوتنان مهين بكل المقاييس، خصوصا أننا نعمل في ظروف صعبة، ثم نجد أنفسنا محرومين من أبسط الحقوق التي تم الالتزام بها رسميا.. لا خيار لنا الآن سوى الإضراب ومقاطعة التصحيح".

وأجمع الأساتذة المتحدثون على أن الوضع "لم يعد يحتمل التماطل أو التجاهل من طرف الوزارة"، مؤكدين استعدادهم لخوض خطوات نضالية تصعيدية، من بينها الإضراب عن المهام المرتبطة بالامتحانات الإشهادية، سواء في الحراسة أو التصحيح، إلى حين استرجاع حقوقهم الكاملة".

وفي هذا السياق، اطلعت "الصحيفة" على مراسلة رسمية وجهها المكتب الإقليمي للنقابة إلى المدير الإقليمي بأكادير إداوتنان، بتاريخ 30 أبريل 2025، تندد بما أسمته "تجاوزات غير مقبولة في صرف تعويضات الحراسة والتصحيح والإشراف على الامتحانات الإشهادية".

وأكدت المراسلة أن التعويضات التي توصل بها المصححون اقتصرت على مبالغ زهيدة في تعارض مباشر مع المادة الثانية من القرار المشترك، مشيرة إلى أنه تم صرفها نقدا عبر المديرين بدل تحويلها إلى الحسابات البنكية، ما يشكل – حسب النقابة – "انتهاكًا لمبدأ الكرامة والمهنية"

.وأضافت المراسلة أن عددا من الأطر التربوية لم يتوصلوا أصلا بأي تعويض عن مهام الإشراف والحراسة، رغم أدائهم الفعلي لها، وهو ما يُعد "خرقًا صريحًا للعدالة التنظيمية والمهنية، ويفاقم الإحباط العام داخل المؤسسات التعليمية".

وهذا الوضع المتفجر دفع عددا من أساتذة التعليم الابتدائي إلى التلويح بخوض أشكال نضالية تصعيدية، على رأسها مقاطعة الامتحان الموحد للمستوى السادس، حراسة وتصحيحًا، احتجاجًا على "الحيف والتمييز"، كما قال أحد الأساتذة المتضررين لـ"الصحيفة": "نحن لا نطالب بامتيازات، بل بتطبيق اتفاق موقّع ومصادق عليه.. عندما تهضم الوزارة حقوقنا وتتمادى في التمييز، فالمقاطعة تصبح ضرورة وليس خيارًا".

وفي إطار تقصي الحقيقة وطلب التوضيح، راسلت "الصحيفة" وزارة التربية الوطنية بهذا الخصوص، غير أنها لم تتوصل بأي جواب رسمي حتى لحظة نشر هذه المادة، رغم أن الموضوع يُهدد بشكل مباشر السير العادي للامتحانات، ويطرح تساؤلات حول مصداقية الالتزامات التي تعلن عنها الوزارة أمام النقابات والرأي العام.

من جانبه، قال المحلل التربوي عبد الرحمان الطاهري في تصريحه لـ"الصحيفة" أن هذه الأزمة تكشف حدود الإصلاح البيروقراطي الذي تعتمده الوزارة دون مواكبة عملية وميدانية، موضحًا أن "ضرب مبدأ الإنصاف في مثل هذه القضايا الحساسة يُفقد الثقة في أي برنامج إصلاحي، خاصة إذا تعلق الأمر بمسؤوليات منهكة كالتصحيح، تتطلب وقتًا وجهدًا، ولا يتم تعويضها بالشكل اللائق".

وأكد أن تعاطي مديرية أكادير إداوتنان مع ملف التعويضات يُشكل "نموذجًا مصغرًا للاختلالات البنيوية في تدبير الشأن التربوي محليًا، لكنه يكشف في العمق عن غياب إرادة حقيقية لاحترام التزامات مركزية".

وأضاف المتحدث أن الوزارة الوصية مطالبة بتحقيق عاجل وتقديم تفسير رسمي، ليس فقط احتراما للقرارات التي تصدرها، بل أيضا لضمان السلم الاجتماعي داخل القطاع الذي يعيش على وقع غليان متواصل منذ أشهر.

وتجدر الإشارة إلى أن الوزارة الوصية كانت قد وقعت اتفاقا رسميا مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، ينص على تمتيع كافة المكلفين بتصحيح الامتحانات الإشهادية بتعويض جزافي لا يقل عن 1000 درهم، بصرف النظر عن عدد الأوراق المصححة أو السلك الذي يشتغل فيه الأستاذ.

وقد جاء هذا الاتفاق تتويجا لسلسلة من اللقاءات القطاعية، واعتُبر حينها خطوة نحو ترسيخ العدالة الأجرية والاعتراف بالمجهودات المضنية التي يبذلها رجال ونساء التعليم في محطات التقييم الوطني.

ولتعزيز هذا الالتزام، صدر القرار المشترك عدد 24.145 بتاريخ 31 أكتوبر 2024 بين وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة والوزير المنتدب لدى وزارة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، والذي نص في مادته الثانية بشكل صريح على أن: يجب ألا يقل مبلغ التعويض المخول للمكلفين بتصحيح إنجازات المترشحات والمترشحين للامتحانات والمباريات عن 1000 درهم."

ويُعد هذا القرار بمثابة مرجعية تنظيمية ملزمة لجميع الأكاديميات والمديريات الإقليمية، ويهدف إلى توحيد المعايير وتحقيق الإنصاف بين العاملين في القطاع التربوي خلال فترات الامتحانات الرسمية.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...