سفير المغرب في أستانا: نعتز باعتراف كازاخستان بمغربية الصحراء.. ونحن على أبواب فتح صفحة جديدة من التعاون المتعدد الأبعاد

 سفير المغرب في أستانا: نعتز باعتراف كازاخستان بمغربية الصحراء.. ونحن على أبواب فتح صفحة جديدة من التعاون المتعدد الأبعاد
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأحد 18 ماي 2025 - 9:00

بين الرباط وأستانا، تتبلور تدريجيا ملامح شراكة متعددة الأبعاد، تبدو اليوم أقرب من أي وقت مضى إلى دخول مرحلة جديدة من النضج والانفتاح المتبادل"، ففي وقت تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية، يسعى كل من المغرب وكازاخستان إلى إعادة تشكيل خارطة علاقاتهما الخارجية، وتعزيز حضورها في فضاءات غير تقليدية لبناء تحالفات "ذكية" خارج المنطق التقليدي للمحاور الجيوسياسية.

وفي تحول لافت يعكس حركية الدبلوماسية المغربية في آسيا الوسطى، أكد سفير المملكة المغربية في كازاخستان محمد رشيد معنينو، في حوار مطول أجراه مع صحيفة WEproject" الكزاخستانية، أن العلاقات بين الرباط وأستانا دخلت طورا جديدا، تتقاطع فيه الدبلوماسية النشطة مع السياحة، التعليم، الاقتصاد، واعترافات سيادية ذات رمزية سياسية.

وقال السفير في المقابلة المطولة إن "المغرب وكازاخستان على أبواب فتح صفحة جديدة من التعاون المتعدد الأبعاد"، مشيرا إلى أن جهوده خلال السنوات الأخيرة تركزت على كسر الجهل المتبادل بين الشعبين، وبناء الجسور عبر الثقافة، الاقتصاد، والمبادلات الأكاديمية.

وتحدث السفير المغربي عن بداياته المهنية في مستهل الحوار، كاشفا أنه كان يحلم منذ الطفولة بأن يصبح دبلوماسيا، لكن مسيرته بدأت في مجال السياحة والفندقة، حيث اشتغل لأكثر من 20 سنة في القطاع، وتولى منصب مدير التسويق في المكتب الوطني المغربي للسياحة، وكانت مهمته الأساسية جذب السياح إلى المملكة، قبل أن يقرر لاحقا تغيير مساره المهني، فحصل على شهادة عليا ثانية في مجال المالية، وعمل في صندوق استثماري وتولى منصب مدير العمليات، ورغم أهمية المنصب، فقد شعر أن عليه العودة إلى حلمه القديم، فالتحق بوزارة الخارجية المغربية، وكان أول تعيين له في برشلونة، ثم بعد ثلاث سنوات تم تعيينه سفيرا للمغرب لدى كازاخستان.

وشرح الدبلوماسي مساره ضمن الحوار، ليوضح أن السياحة والدبلوماسية تتقاطعان في جوهرهما، لأن كليهما يقوم على بناء الجسور بين الناس، مضيفا: "الفرق هو أنني اليوم لا أبني تلك الجسور فقط من أجل السياحة، بل لخدمة الاقتصاد، والثقافة، والتعليم".

وحول انطباعه عن كازاخستان، قال السفير المغربي إنه وصل إلى أستانا في فاتح يناير 2022، واستقبل العام الجديد داخل الطائرة، ومنذ ذلك الحين شعر ب"انبهار حقيقي"، مضيفا: "خلال ثلاث سنوات ونصف، أذهلتني كازاخستان في عدة جوانب، هنا وزراء شباب، طموحون وذوو كفاءة إنها دولة شابة تؤمن بشبابها وهذا أمر ملهم".

وأشار المتحدث، إلى أن أكثر ما أثار إعجابه هم الطلبة الكازاخيون، قائلا: "في كل مرة ألقي فيها محاضرة بالجامعة، أطرح سؤالًا: من تريد أن تكون؟ ولا أحد يجيب: سأشتغل في شركة الأغلبية يقولون: سأفتح شركتي، سأُنشئ مشروعا، سأصبح رائد أعمال.. ريادة الأعمال تسري في دمهم وهذا أمر نادر دفعني للتفكير في إجراء بحث حوله".

ويرى المسؤول الدبلوماسي المغربي، أن الوضع هناك مختلف تماما عن الوضع في المغرب، حيث يفضل الشباب عادة الوظائف الثابتة، مشددا على أن ما شاهده في كازاخستان هو "روح مستقلة تؤسس لاقتصاد المستقبل، حيث لا ينتظر الشباب أن يُعرض عليهم عمل، بل يصنعونه بأنفسهم".

وقال السفير المغربي إن أحد التحديات الأولى التي واجهها عند وصوله إلى كازاخستان كان نظام التأشيرة، حيث لم يكن يُسمح لمواطني البلدين بالسفر دون تأشيرة، وأوضح أنه عمل بتنسيق وثيق مع وزارة الخارجية الكازاخية، ما أثمر عن إلغاء التأشيرة في مارس 2024، حيث بات بإمكان الكازاخيين دخول المغرب بدون تأشيرة لمدة 30 يوما، واصفا الخطوة بأنها "اختراق حقيقي".

وأشار المتحدث، إلى أن هذا القرار أحدث نقلة نوعية في حركة السياحة بين البلدين، حيث تضاعف عدد السياح الكازاخيين إلى المغرب، مضيفا: "الكثير من الكازاخيين اعتادوا السفر إلى أوروبا، لكنهم بدأوا الآن في اكتشاف المغرب — وجهة دافئة، مفعمة بالألوان، ومختلفة كليا".

ولفت السفير معنينو، إلى أن أسعار التذاكر من أوروبا إلى المغرب منخفضة جدا، إذ لا تتعدى 70–75 يورو ذهابا وإيابا، وأكد أن العمل جارٍ على إطلاق خط جوي مباشر بين المغرب وكازاخستان، رغم صعوبته لوجستيا، موضحا أن هناك مفاوضات جارية مع شركات عدة، منها الخطوط الملكية المغربية، التي تنوي توسيع أسطولها من 50 إلى 200 طائرة في أفق استعدادات المغرب لتنظيم كأس العالم 2030.

وقال السفير إن المغرب أصبح وجهة سياحية عالمية متقدمة، مشيرا إلى أن المملكة استقبلت أكثر من 17 مليون سائح سنة 2023، متفوقة على مصر، كما أن المملكة تقدم تجربة استثنائية للسياح: "في الشتاء، لا يوجد ثلج في مراكش، لكن الثلوج تغطي جبال الأطلس.. لدينا محطتان للتزلج مجهزتان، ويمكن للزائر أن يتزلج صباحا، ويركب الأمواج بعد الظهر في المحيط الأطلسي، وينهي يومه في رمال الصحراء. كل ذلك في يوم واحد".

وفي بُعد سياسي لافت، قال السفير المغربي إن كازاخستان أصبحت أول دولة في آسيا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء، واصفا هذا القرار بأنه "خطوة قيادية نعتز بها"، كما أشار إلى أن هذا الاعتراف جاء تتويجا لرفع مستوى العلاقات الثنائية، حيث زار وزير خارجية كازاخستان المغرب لأول مرة في التاريخ، في إشارة إلى الارتفاع النوعي في مستوى التنسيق السياسي.

وعلى الصعيد الاقتصادي، قال السفير إن المغرب يُصدّر الحمضيات، وخاصة اليوسفي، إلى كازاخستان، وقد شاهد بنفسه الفواكه المغربية في متاجر العاصمة أستانا، في المقابل، يستورد المغرب الكبريت الكازاخي، وهو منتج ثانوي لصناعة النفط والغاز، ضروري لإنتاج الأسمدة.

وذكّر السفير، بأن المغرب يملك 80% من احتياطي الفوسفات العالمي، وهو الآن أكبر منتج للأسمدة على الصعيد الدولي، مشيرا إلى أن الهدف هو رفع حجم المبادلات التجارية بين البلدين، التي تتراوح حاليا بين 400 و500 مليون دولار.

ولتحقيق ذلك، أعلن عن تنظيم "أسبوع المغرب" في العاصمة أستانا خلال شهر أكتوبر المقبل، بمشاركة وفد من المصدرين والمستوردين المغاربة، لتعزيز الشراكات الاقتصادية المباشرة.

وقال السفير إن التعليم يحتل مكانة محورية في العلاقات المغربية–الكازاخية، مشيرا إلى أن المغرب سيمنح هذا العام 20 منحة حكومية لطلبة كازاخستان، تغطي تكاليف السفر والدراسة والسكن والتغذية.

كما يجري العمل، وفق السفير المغربي على ربط مباشر بين جامعات البلدين، حيث تتعاون ثلاث أو أربع جامعات مغربية مع نظيراتها الكازاخية في برامج تبادل طلابي وأساتذة، ومشاريع علمية مشتركة، وقد اعتبر أن هذه التوأمة تشبه "توأمة المدن، لكنها في مجال التعليم".

وختم السفير حديثه بالتأكيد على البُعد الإنساني لعمله، قائلا: "الدبلوماسية ليست فقط بروتوكولات وزيارات رسمية، بل علاقات بين الناس، وصداقة، وإذا غادرت كازاخستان ورغِب مزيد من الكازاخيين في زيارة المغرب، والعكس، فسأعتبر أنني أنجزت مهمتي".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...