المغرب يتصدر الوجهات السياح الروس في 2025.. ارتفاع الطلب بنسبة 500% وصيف 2025 يشهد طفرة غير مسبوقة في الحجوزات
تحوّل المغرب، لوجهة جديدة لآلاف السياح الروس الذين انكبّوا على حجز رحلاتهم نحو المملكة بكثافة غير مسبوقة، جعلت من صيف 2025 موسما استثنائيا بكل المقاييس، بعدما قفز الطلب على السفر إلى المغرب من موسكو بخمس مرات خلال عام واحد فقط، ليتصدر قائمة الوجهات الصاعدة، متقدما على وجهات تقليدية ظلت لعقود في طليعة الخيارات الروسية.
ووفق ما كشفته تقارير تحليلية حديثة الصدور، فإن المغرب يشهد في عام 2025 طفرة غير مسبوقة في شعبيته كوجهة سياحية لدى الروس، حيث أن عددهم ممن يخططون لقضاء عطلتهم في المملكة ارتفع بمعدل خمس مرات مقارنة بسنة 2024، ليصبح أحد أبرز المقاصد الصاعدة على خريطة السفر الروسية هذا العام.
هذا الإقبال اللافت، أكدته بيانات صادرة عن منصة OneTwoTrip الروسية المتخصصة في تخطيط الرحلات والسفر، والتي قامت بتحليل اتجاهات الحجوزات الفندقية لصيف 2025، مشيرة إلى أن المغرب يشكل حاليًا 0.5% من إجمالي الحجوزات الخارجية التي يقوم بها السياح الروس، وهي نسبة تُعد مهمة بالنظر إلى حجم السوق وتعدد الوجهات المتاحة.
وفي السياق ذاته، أكدت منصة "روسيا اليوم"، أن المغرب لم يكن الوجهة الوحيدة التي شهدت قفزة في الطلب، لكنه تصدّر الترتيب من حيث نسبة الزيادة السنوية، متقدّما بذلك على وجهات تقليدية مثل أبخازيا، التي سجّلت بدورها زيادة بثلاثة أضعاف، وتشكل حاليا 0.7% من إجمالي الطلب، وكذلك إسبانيا، المجر، وكازاخستان، والتي تضاعف عدد الحجوزات الروسية نحوها.
وقد بلغت نسبة الحجوزات الروسية نحو إسبانيا هذا الصيف 9.1%، بينما ارتفعت في المجر إلى 2.3% وفي كازاخستان إلى 2.2%، ما يعكس توجها واضحا لدى الروس نحو استكشاف وجهات جديدة ومتنوعة، تتراوح بين الشرق الأوروبي وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى.
القارة الإفريقية تستعيد جاذبيتها.. والمغرب يتصدر
إلى جانب المغرب، سُجل اهتمام متزايد لدى السياح الروس بالسفر إلى إفريقيا، لا سيما إلى مصر، التي ارتفع فيها الطلب بنسبة 75%، وجنوب إفريقيا بنسبة 57%، مما يؤكد وجود نزعة سياحية روسية جديدة نحو القارة الإفريقية.
ويتجلى من هذه الأرقام أن القارة السمراء باتت تحتل موقعا متقدما في مخيلة السائح الروسي الباحث عن تجارب جديدة، طبيعة متنوعة، ودفء مناخي يفتقده في وجهات أوروبا الغربية الكلاسيكية.
وإذا كانت مصر وجنوب إفريقيا من الوجهات الإفريقية الراسخة في قائمة السياحة الروسية منذ سنوات، فإن بروز المغرب بهذا الشكل السريع والاستثنائي يُعد تحوّلا نوعيا في خريطة التفضيلات، مدفوعا بعدة عوامل، منها استقرار المملكة مقارنة بوجهات أخرى في المنطقة، وتنوع العروض السياحية بين الصحراء والبحر والمدن العتيقة، فضلا عن تحسن الروابط الجوية مع روسيا، ووجهود الترويج السياحي المغربي في الأسواق الجديدة.
أوروبا لا تزال حاضرة.. لكن إفريقيا تكتسب زخما
وعلى الرغم من هذا التوجه نحو إفريقيا، لم تغب أوروبا عن قائمة أولويات السياح الروس، إذ شهدت فرنسا ارتفاعا في الطلب بنسبة 75%، تليها إيطاليا بنسبة 50%، وهو ما يشير إلى استمرار الاهتمام بالوجهات الأوروبية الكلاسيكية، لكن ضمن دينامية عامة تشهد توسيعا في خيارات السفر.
أما في آسيا، فسجّلت فيتنام زيادة في الإقبال بلغت 46%، وأوزبكستان أكثر من 43%، وأرمينيا بحوالي 15%، بينما ارتفعت شعبية الصين بنسبة 11%، في إشارة إلى عودة تدريجية لآسيا إلى المشهد السياحي الروسي، بعد سنوات من القيود الوبائية.
وتحوّل المغرب إلى وجهة مفضلة لدى شريحة واسعة من السياح الروس لم يكن وليد الصدفة، فالمملكة تمتلك رصيدا ثقافيا وسياحيا ثريا، يجمع بين التاريخ العريق والتنوع الجغرافي والمطبخ الفريد، كما أن استقراره السياسي والأمني مقارنة ببعض جيرانه، يجعل منه خيارا آمنا ومرغوبا، خصوصا في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية التي دفعت السياح الروس لإعادة التفكير في أولوياتهم ووجهاتهم المفضلة.
كما أن التسهيلات القنصلية ومبادرات الانفتاح الجوي لعبت دورًا كبيرًا في تعزيز حضور المغرب على منصات الحجز الإلكتروني، إلى جانب الصورة الجيدة التي يعكسها الزوار عبر تقييماتهم على منصات مثل TripAdvisor وBooking.
وتشير المعطيات المجمعة إلى أن المغرب أمام فرصة استراتيجية نادرة لتعزيز موقعه كوجهة سياحية مفضلة لروسيا وبلدان شرق أوروبا، في ظل التراجع المؤقت لحضور بعض الوجهات المنافسة، ووجود رغبة حقيقية لدى السائح الروسي لاكتشاف مسارات جديدة، غير أن هذه الفرصة تتطلب استثمارا مضاعفا في الترويج، وتحسين البنية السياحية، وتيسير الربط الجوي المباشر من مدن روسية متعددة، وتوفير محتوى سياحي رقمي موجه باللغة الروسية، حتى لا تظل هذه الطفرة حالة ظرفية، بل تتحول إلى رأسمال سياحي دائم ضمن استراتيجية تنويع الأسواق.
وكانت وزارة السياحة المغربية، قد أكدت أن المملكة استقبلت 5.7 مليون سائح خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، بنسبة نمو بلغت 23% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، لافتة إلى أن المغرب استقبل نحو مليون سائح إضافي خلال 4 أشهر فقط من العام الحالي.
ويستهدف المغرب جذب 17.5 مليون سائح بحلول عام 2026 وتوفير 200 ألف فرصة عمل جديدة في القطاع السياحي، فيما ووفقا لمعطيات الوزارة الوصية شهد عام 2024 تسجيل رقم قياسي للسياحة المغربية باستقبال 17.4 مليون سائح، بزيادة قدرها 20% مقارنة بعام 2023.




