استطلاع رأي: بعد مقتل أزيد من 52 ألف فلسطيني في غزة.. هل كانت عملية 7 أكتوبر مبررة استراتيجيا أم خطأ في التقدير السياسي والعسكري؟

 استطلاع رأي: بعد مقتل أزيد من 52 ألف فلسطيني في غزة.. هل كانت عملية 7 أكتوبر مبررة استراتيجيا أم خطأ في التقدير السياسي والعسكري؟
الصحيفة من الرباط
الخميس 22 ماي 2025 - 12:00

بعد مضي أكثر من 20 شهرا على اندلاع الحرب الإسرائيلية المدمّرة ضد قطاع غزة، والتي خلفت ما يناهز 52 ألف من القتلى ومئات آلاف الجرحى، أطلقت جريدة "الصحيفة" استطلاعًا للرأي عبر منصتها الرقمية، لقياس آراء متابعيها من مختلف الدول دول العالم، تجاه واحدة من أكثر القضايا الإنسانية التي تحولت إلى أكثر الحروب بشاعة في التاريخ، حيث يباد شعب بكامله في ظل خلل كبير في موازين القوى وصمت عالمي قبيح.

في ظل آلاف الضحايا والجرحى والمفقودين ممن مازالوا مطمورين تحت الأنقاض، ودمار شامل لقطاع غزة، ومستقبل غامض للفلسطينيين خلفته هذه الحرب، كان هذا الاستطلاع المبني على ثلاث أسئلة محورية، وهي: هل كانت عملية 7 أكتوبر التي نفذتها حركة "حماس" مبرَّرة استراتيجيا؟ أم أنها كانت خطأ في التقدير السياسي والعسكري؟ أم أن القضية الفلسطينية كانت تستحق هذه الكلفة التي دُفعت من الأرواح؟

نتائج الاستطلاع، الذي شارك فيه 2956 شخصا، جاءت مفاجئة من حيث ميلها الواضح إلى نقد المسار الذي أدى إلى هذه الكلفة البشرية الهائلة. فقد صوّت 59% من المشاركين أي 1773 صوتا بأن عملية 7 أكتوبر كانت "خطأ في التقدير"، في إشارة إلى أنها لم تحسب عواقبها بدقة، وأسفرت عن حرب غير متكافئة أفرزت مأساة إنسانية غير مسبوقة.

وهذا المعطي الذي أبرزه استطلاع "الصحيفة"، يكشف عن تحوّل في المزاج الشعبي الرقمي تجاه منطق المبادرة إلى الحرب ضد إسرائيل، حيث يُحتمل أن يكون حجم الخسائر، وغياب الأفق السياسي، قد أثرا في تقييم الرأي العام، خاصة مع طول أمد الحرب، وعجز المجتمع الدولي عن فرض وقف دائم لإطلاق النار أو تأمين حماية جدية للمدنيين.

في المقابل، عبّر 29% من المستطلَعين ما يناهز 875 صوتا، عن تأييدهم لاعتبار العملية المسلحة التي نفذتها "كتائب القسام" في السابع من أكتوبر "ضرورة استراتيجية"، إذ يرون أنها كشفت هشاشة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وحرّكت مجددا القضية الفلسطينية في المنتديات الدولية، بعد سنوات من التهميش والتطبيع المتسارع وأعادتها إلى واجهة النقاش العمومي وتصدر ملفات المحادثات الاممية.

وهؤلاء المساندون يعتبرون أن الحرب كانت صدمة ضرورية لتغيير قواعد اللعبة، حتى وإن كانت تكلفتها البشرية باهظة، ويرون أن مسؤولية الدمار لا تقع فقط على الفعل المقاوم، بل على الرد الإسرائيلي العنيف وغير المتناسب، وسياسة العقاب الجماعي التي اتُّبعت على مدى شهور.

أما الفئة الأقل تمثيلا في الاستطلاع، فتمثلت في 10% من المشاركين بحوالي 308 صوتا، قالوا إن "القضية الفلسطينية كانت تستحق هذه الكلفة"، ما يعني أن أقلية فقط ترى أن حجم التضحيات – رغم قسوته – يظل مشروعا بالنظر إلى عدالة القضية ومركزيتها في الوجدان العربي والإسلامي.

وهذه النتيجة تُظهر أن الرأي العام أصبح أكثر حساسية إزاء كلفة الدم، وأن الدعم التلقائي التقليدي للفعل المسلح لم يعد كافيا ما لم يكن مصحوبا برؤية استراتيجية، وحماية للمدنيين، وآفاق سياسية واضحة.

وتحمل هذه النتائج التي خلُص إليها استطلاع "الصحيفة" أكثر من دلالة، في مقدمتها أنه يمكن القول إن الوعي الشعبي بات أكثر ميلا إلى تقييم نتائج الأعمال النضالية من منطلق البراغماتية السياسية لا فقط العاطفة القومية، ثانيها، أنه يبدو أن الصدمة الممتدة من مشاهد المجازر، وفشل وقف إطلاق النار، وحصار غزة، جعلت جمهورا عريضا يطرح أسئلة عميقة حول جدوى التضحيات حين تغيب الاستراتيجيات المتكاملة.

ومن جهة أخرى، تعكس هذه النتائج حالة من الانقسام بين من يرى في الفعل المقاوم خيارا وجوديا لا محيد عنه، وبين من يرى أن المواجهة تتطلب استعدادا داخليا وتكتيكا دبلوماسيا محكما، لا مجرد ردود فعل مفاجئة.

وفي هذا الإطار، قال حسن أبو زيد، الخبير في العلاقات الدولية إن نتائج الاستطلاع الذي أجرته "الصحيفة" يعكس ملامح ما يمكن تسميته "التحول من الخطاب العاطفي إلى النقد الاستراتيجي" في نظرة الشارع العربي، والمغربي تحديدا، تجاه القضية الفلسطينية، موردا: "لقد كشفت حرب غزة الأخيرة عن فجوة بين الفعل المقاوم كما تقدمه حماس، وبين البيئة الإقليمية والدولية التي لم تعد تستجيب بالزخم نفسه، كما في انتفاضات سابقة."

وهذا لا يعني بالضرورة، وفق الخبير انحسار التأييد للقضية، بل تحوّله من تأييد مطلق للفعل المسلح إلى سؤال عن الجدوى والبدائل، موردا: "عندما ترى أن حوالي 60% من المشاركين في استطلاع رأي يعتبرون عملية 7 أكتوبر خطأ في التقدير، فهذا يعكس ارتفاعا في سقف المحاسبة السياسية داخل المجتمعات العربية، وتراجعا لفكرة التضحية المجانية".

وتابع المتحدث: "كما يجب قراءة هذه النتائج في ضوء حالة الإنهاك النفسي والتشويش الإعلامي والتواطؤ الدولي، التي جعلت شريحة من الرأي العام تشعر بالعجز، ما يدفعها تلقائيا لتقييم الخيارات السياسية بشكل أكثر واقعية".

والأهم من كل ذلك، وفق أبوزيد هو أن هذه الأرقام تدق ناقوس إنذار لحركات المقاومة نفسها "فالجمهور، الذي لطالما شكّل ظهرا شعبيا للقضية، لم يعد يمنح شيكا على بياض، بل يطلب رؤية، وحماية للمدنيين، وأفقا سياسيا حقيقيا لا مجرد صدامات دموية متكررة."

وتجدر الاشارة، أنه رغم أهمية الاستطلاع في كشف توجهات فئة من الجمهور، إلا أنه من الضروري التذكير أن هذه النتائج تظل مؤشرا على شريحة رقمية من جمهور "الصحيفة"، ما يعني أنها تعبر عن جزء من الرأي العام، خصوصا فئة النخبة المتابعة، وليست بالضرورة مرآة دقيقة للمجتمع ككل، الذي قد تتباين آراؤه بحسب الانتماء الجغرافي، أو الخلفيات الفكرية، أو مستوى الاطلاع على تفاصيل الصراع.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...