فضيحة المحروقات تتفاقم.. زيادات جديدة وأرباح تفوق 80 مليار درهم في ظل صمت حكومة يرأسها أكبر مستفيد من السوق

 فضيحة المحروقات تتفاقم.. زيادات جديدة وأرباح تفوق 80 مليار درهم في ظل صمت حكومة يرأسها أكبر مستفيد من السوق
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأثنين 2 يونيو 2025 - 18:13

عاد شبح ارتفاع أسعار المحروقات ليخيم مجددا على الحياة اليومية للمغاربة، مع تسجيل زيادات جديدة دخلت حيز التنفيذ ابتداء من الساعة الأولى من يوم أمس الأحد، أنهت "الهدنة" المؤقتة التي استمرت طيلة شهرين من التراجع أو الاستقرار، لتعيد النقاش المحتدم حول تحرير الأسعار، وهوامش أرباح شركات التوزيع، وفعالية السياسات الحكومية في حماية القدرة الشرائية.

ودخلت هذه الزيادات حيز التنفيذ منذ الدقيقة الأولى من يوم الأحد فاتح يونيو الجاري، حيث ارتفع سعر الغازوال إلى حوالي 11,26 درهم للتر، فيما بلغ سعر البنزين 13,22 درهم للتر، في المتوسط على المستوى الوطني، غير أن هذه الأسعار مرشحة للارتفاع أكثر في بعض المناطق، خاصة في المدن البعيدة عن محاور النقل الرئيسية، وذلك بسبب التكاليف الإضافية المرتبطة بالشحن والمسافة، ما يجعل التأثير أكثر حدة في المدن الداخلية والنائية.

وتأتي هذه الزيادة بعد شهرين من الاستقرار النسبي، بل وحتى بعض التراجعات البسيطة في الأسعار، ففي فاتح أبريل الماضي، كان سعر لتر الغازوال قد تراجع بـ 0,16 درهم، عقب انخفاض آخر بنحو 12 سنتيما خلال مارس، أما البنزين، فظل مستقرا بعد تراجع كبير نسبته 50 سنتيمًا منتصف مارس، وهو ما أعطى انطباعا مؤقتا ببدء مرحلة من التهدئة.

لكن، سرعان ما تلاشى هذا التفاؤل، ليجد المواطن المغربي نفسه مجددا أمام موجة ارتفاع جديدة، تعيد إلى الواجهة النقاش حول دور الدولة، وشركات التوزيع، ومحددات الأسعار في السوق الوطنية، في ظل تقلبات مستمرة للأسواق العالمية.

الزيادة الجديدة تندرج في سياق دولي يتسم بتقلبات حادة في أسعار النفط في الأسواق العالمية، حيث يشهد السوق الدولي موجة من عدم الاستقرار بفعل عوامل جيوسياسية، وتغير مستويات الإنتاج من قبل دول منظمة "أوبك+"، فضلا عن التأثير المستمر لحرب أوكرانيا، وتزايد الطلب في الأسواق الآسيوية.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن تكاليف الشحن البحري والتأمين وخدمات النقل البري على المستوى الوطني، كلها عناصر تدخل في تركيبة الأسعار النهائية، وتزيد من هشاشة السوق المغربية في وجه المتغيرات الدولية، لاسيما في غياب أي سياسة واضحة للدعم أو لتسقيف الأسعار.

رغم المطالب المتكررة من قبل عدد من النقابات والهيئات الاستهلاكية بضرورة إقرار آلية لتسقيف أسعار المحروقات، إلا أن الحكومة تواصل اعتماد نظام التحرير الكامل منذ سنة 2015، تاركة السوق لآليات العرض والطلب وتقديرات الفاعلين في القطاع.

ويرى متابعون أن العودة إلى ضبط الأسعار أو فرض هوامش ربح معقولة على شركات التوزيع قد يكون أحد الحلول المؤقتة لتخفيف الضغط عن المواطن، خاصة في ظل عدم توازن القدرة الشرائية وارتفاع كلفة المعيشة.

من جهة ثانية، فإن الزيادة الجديدة ليست مجرد رقم على مضخات الوقود، بل تنعكس مباشرة على أسعار النقل العمومي والبضائع، ما يهدد بموجة ارتفاع ثانية في أسعار عدد من المنتجات الأساسية، كما حصل مرات سابقة، وتخشى الأسر المغربية أن تتحول هذه الدورة المتكررة من ارتفاع أسعار المحروقات إلى عامل إضافي في تآكل القدرة الشرائية.

وفي الوقت الذي تسجل فيه أسعار المحروقات زيادات جديدة أنهكت القدرة الشرائية للمواطنين، يتصاعد الجدل حول صمت الحكومة المريب إزاء هذا الارتفاع المتكرر، وسط اتهامات مباشرة بـتضارب المصالح، خصوصا أن رئيس الحكومة عزيز أخنوش يملك عبر مجموعته الاقتصادية واحدة من أكبر شركات توزيع المحروقات في المغرب، تتحكم في نسبة كبيرة من السوق من حيث عدد المحطات وحجم المبيعات.

وهذا الواقع لا يغيب عن تصريحات الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، الذي كشف في حديثه لـ "الصحيفة" أن الأرباح الفاحشة التي جنتها شركات المحروقات تجاوزت 80 مليار درهم بشكل تراكمي إلى حدود نهاية سنة 2024، مؤكدا أن ما يحدث اليوم في السوق "لا يخدم سوى مصالح المتحكمين فيه".

ويقول اليماني، إن مستوى الأسعار الحالي للمحروقات لا يعكس تكاليف الاستيراد ولا يتناسب مع القدرة الشرائية للمغاربة، مشيرا إلى أنه في حال قررت الحكومة التراجع عن قرار التحرير الذي أقرته حكومة بنكيران سنة 2015، فإن سعر الغازوال لن يتعدى 8.89 درهم وسعر البنزين لن يتجاوز 10.52 درهم، وهو ما يوضح حجم الفارق بين السعر الحقيقي والسعر المفروض على المستهلك المغربي.

اليماني يوضح أيضا أن سعر اللتر في السوق الدولية يصل إلى حوالي 5 دراهم فقط عند وصوله إلى الموانئ المغربية، لكن الفارق يذهب بين ضرائب مرتفعة وهوامش أرباح غير معقولة تجاوزت في بعض الحالات 2000 درهم للغازوال و3000 درهم للبنزين للطن الواحد. والنتيجة: المواطن يؤدي الثمن، بينما تجني الشركات الملايير في ظل غياب أي تسقيف أو تدخل حكومي فعال.

وتزداد حدة هذه المفارقة حين يتضح أن رئيس الحكومة نفسه من أبرز المستفيدين من استمرار هذا الوضع، وهو ما يجعل دعوات المحاسبة وتقييم سياسات تحرير الأسعار مطالب ملحة ليس فقط اقتصاديا، بل أخلاقيا وسياسيا، فكيف يمكن للحكومة أن تتدخل لتسقيف أسعار المحروقات، بينما رئيسها من أكبر الفاعلين في القطاع؟ وأين موقع الدولة الاجتماعية التي تَعِد بها الحكومة في ظل هذا التضارب؟

اليماني شدد أيضا في هذا الصدد، على أن تفعيل الدولة الاجتماعية يبدأ بإعادة الاعتبار لدور الدولة في ضبط الأسعار، ومراجعة التحرير الأعمى، واستعادة السيادة الطاقية من خلال تشغيل مصفاة سامير، التي تمثل، بحسب قوله، خيارا استراتيجيا لتأمين الحاجيات الوطنية وتقليص التبعية للسوق الدولية ومزاج الفاعلين.

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...