التيليغراف: بريطانيا مُحقّة بالاعتراف بمبادرة الحكم الذاتي المغربية ومن يُعارض ذلك تُحرّكه مصالح خاصة لا تخدم شعوب المنطقة
تواصل الصحافة البريطانية الإشادة، بمُخرجات أشغال الدورة الخامسة للحوار الاستراتيجي بين المملكة المغربية والمملكة المتحدة التي عُقدت نهاية الأسبوع الأخير بالرباط، والتي تضمنت في البيان المشترك اعتراف لندن لأول مرة بمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل نزاع الصحراء، في تحول هام يدعم مساعي الرباط لطي هذا الملف.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "التيليغراف" البريطانية، مقالا للكاتب سيمون مايال، بعنوان"التوجهات السياسية في إفريقيا تتغير.. يجب على بريطانيا أن تكون واضحة بشأن من هم أصدقاؤها"، اعتبرت فيه أن وزير وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية، ديفيد لامي، مُحق باتخاذه لخطوة تأييد مبادرة الحكم الذاتي المغربية، لكونها الحل الوحيد الواقعي والدائم لتحقيق السلام في الصحراء، ومنتقدة في الوقت نفسه الأطراف التي تعارض هذه المبادرة، بسبب "مصالح خاصة تحركها" ولا تخدم شعوب المنطقة.
وأضاف مقال "التيليغراف" أن زيارة لامي إلى المغرب تمثل تحولا كبيرا في تعاطي بريطانيا مع قضية تم تجاهلها من قبل المجتمع الدولي منذ ما يقرب من نصف قرن، وهي قضية الصحراء التي ما زالت الجزائر تدعم فيها جبهة البوليساريو التي تستخدم أحيانا العنف لفرض مطالبها، حسب تعبير المقال.
وسجل مقال الصحيفة البريطانية أن اتفاق الشراكة الواسع الذي وُقّع بين لندن والرباط، يوم الأحد الأخير، تضمن لأول مرة اعترافا رسميا من بريطانيا بمبادرة الحكم الذاتي المغربية، واصفة إياها، كما جاء في البيان المشترك، بأنها "الخطة الأكثر مصداقية والقابلة للتطبيق" لإنهاء النزاع.
وأشار الكاتب سيمون مايال في مقاله إلى أن هذه الخطوة البريطانية تتماشى مع استراتيجية المراجعة الدفاعية الجديدة التي تعتمدها لندن، والتي تجعل من تعزيز الأمن القومي عبر النمو الاقتصادي أولوية مركزية، لافتا في ذات المقال أن المباحثات بين لامي ونظرائه المغاربة من المرجح أنها تناولت فرص تعزيز التعاون الدفاعي، ليس فقط في مجال المبيعات والتدريب، بل في مواجهة التحديات البحرية الجديدة في المحيط الأطلسي الشرقي أيضا.
وذكّرت الصحيفة البريطانية عبر المقال نفسه، بأن الصحراء المغربية، التي تتجاوز مساحتها 100 ألف ميل مربع، تحتضن ما يزيد عن 565 ألف نسمة، أغلبهم يعيشون في مدينتي العيون والداخلة، مبرزة أن الأخيرة تُعد أكبر ميناء حاويات وأكثرها نموا على الساحل الأطلسي الشرقي.
وأشارت في هذا السياق إلى أن المغرب استثمر بشكل إيجابي في هذه المنطقة، حيث وفّر عشرات الآلاف من فرص الشغل، مع إمكانيات مستقبلية واعدة، غير أن استمرار النزاع الإقليمي المجمد، وفق المقال، حال دون تحقيق تنمية شاملة، وعمّق الأزمة الإنسانية في مخيمات اللاجئين بتندوف داخل الجزائر.
وأوضحت "التيليغراف" أن مبادرة الحكم الذاتي المغربية التي قُدمت لأول مرة إلى الأمم المتحدة سنة 2007، تضمن إقامة منطقة حكم ذاتي داخل الدولة المغربية، حيث تحتفظ الرباط بالمهام السيادية في الدفاع والشؤون الخارجية، بينما تُمنح السلطات المحلية صلاحيات واسعة في مجالات الأمن الداخلي، والضرائب، والتنمية، والثقافة، والبيئة.
ووفق المقال، فإن تبني بريطانيا لمبادرة الحكم الذاتي، يصب في مصلحة سكان المنطقة، ويشكل أفضل أمل لتحقيق الازدهار والتنمية الاقتصادية والإنسانية في الصحراء وخارجها، كما يجعل بريطانيا، بحسب المصدر نفسه، تنضم إلى مواقف قوى غربية كبرى مثل فرنسا وإسبانيا والولايات المتحدة، ويُحدث تحولا مهما في التوازن داخل مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، مما قد يُسرع بإيجاد حل.
كما جاء في المقال أن دعم لندن للحكم الذاتي المغربي يعكس التوجه الدبلوماسي الذي ينتهجه وزير الخارجية ديفيد لامي تحت مسمى "الواقعية التقدمية"، معتبر أنه يُجسد وعيا بحدوث تحولات عميقة في القارة الإفريقية، وضرورة أن تحدد بريطانيا بوضوح من هم شركاؤها الحقيقيون في القارة.
وفي هذا السياق، أشار المقال إلى أن المغرب هو الشريك الموثوق، حيث يُعد حصنا ضد الإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، وضد الأجندات المزعزعة للاستقرار التي تنفذها قوى موالية لروسيا وإيران في إفريقيا جنوب الصحراء.
واعتبرت "التيليغراف" في مقالها أن الأمن والاستقرار والازدهار هي المفاتيح لمعالجة الوضع الإنساني في تندوف، ومحاصرة التطرف، والحد من الهجرة، وتوفير الأمل، منتقدة الأطراف التي تُصر على عرقلة الحل بذرائع سياسية تخدم مصالحها فقط.




