تحقيق لوفيغارو: الجزائر تطرد الآلاف من المهاجرين نحو النيجر في ظروف "لاإنسانية" تؤدي أحيانا إلى الوفاة وسط صمت رسمي وتجاهل دولي

 تحقيق لوفيغارو: الجزائر تطرد الآلاف من المهاجرين نحو النيجر في ظروف "لاإنسانية" تؤدي أحيانا إلى الوفاة وسط صمت رسمي وتجاهل دولي
الصحيفة من الرباط
الأثنين 30 يونيو 2025 - 9:00

كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في تحقيق لها أن السلطات الجزائرية قامت، خلال شهري أبريل وماي الماضيين، بطرد أكثر من 16 ألف مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو منطقة صحراوية قاحلة على الحدود مع النيجر، في ظروف وصفت بـ"اللاإنسانية"، حيث يتم تركهم بدون ماء أو غذاء وسط درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية.

وأورد التحقيق، الذي اطلعت عليه "الصحيفة" كاملا، أن عمليات الترحيل تتم بطريقة وصفتها بـ"الهادئة" بعيدا عن أنظار الإعلام والرأي العام، في ظل صمت رسمي مطبق من السلطات الجزائرية، وتواطؤ بالصمت من منظمات إقليمية ودولية، رغم أن بعض المهاجرين يلقون حتفهم خلال هذه العمليات.

وأشار التحقيق إلى أن المنظمات غير الحكومية، وعلى رأسها "ألارم فون الصحراء" و"شبكة المغرب-الساحل حول الهجرة"، أطلقت أولى التحذيرات يوم 20 ماي، ووصفت هذه العمليات بأنها "مداهمات وحشية" تنفذ بسرية تامة، حيث يتم توقيف المهاجرين وترحيلهم بشكل جماعي إلى الصحراء.

ولفت المصدر نفسه، أن من كسر الصمتَ الرسمي، هذه المرة، والي منطقة أغاديس في النيجر، الجنرال إبراهيم بولما عيسى، الذي صرّح في وسائل الإعلام المحلية بأن السلطات النيجرية تواجه "موجة غير مسبوقة من الترحيلات القسرية لمهاجرين قادمين من الجزائر"، مضيفا أن مراكز المنظمة الدولية للهجرة في بلدة أسماماكا الحدودية تعيش حالة "اكتظاظ شديد".

ونقل تحقيق "لوفيغارو" عن موقع "InfoMigrants" المتخصص في أخبار الهجرة،أن عدد المرحلين خلال شهري مارس وأبريل فقط بلغ 16 ألف شخص، وهو ما يعادل عدد الترحيلات التي تم تنفيذها خلال ستة أشهر في العام السابق، ما يشير إلى تصعيد غير مسبوق في وتيرة هذه السياسة الجزائرية.

وقال التحقيق، إنه وعلى الرغم من أن الجزائر طرف موقّع على اتفاقية اللاجئين، فإنها لم تعتمد أي إطار قانوني لتقديم طلبات اللجوء أو تنظيم إقامة اللاجئين، ما يجعل وجودهم في البلاد غير قانوني بشكل دائم، ويعرضهم للاستغلال في ظروف قاسية، خاصة في أوراش البناء بمدينة وهران، بحسب ما أورده الصحفي الجزائري داود إمولاين.

وسجّل التحقيق أن هذه الممارسات ليست جديدة، إذ سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش في سنة 2018 أن وثقتها بشهادات مؤلمة لمهاجرين تعرّضوا للضرب والابتزاز، وتم ترحيلهم بلا طعام أو ماء، لافتا إلى أن السفير الفرنسي السابق في الجزائر، كزافيي دريانكور، أكد أنه عاين بنفسه قوافل حافلات تقل مهاجرين إلى الجنوب، تحت حراسة مشددة من الدرك الوطني.

واعتبر تحقيق "لوفيغارو" أن الإعلام الرسمي الجزائري يتجنب تناول هذه القضية، لكون الجيش هو الجهة المشرفة على هذه الترحيلات، وهو موضوع "محظور" داخل الجزائر. وأشارت إلى أن بعض الصور على وسائل التواصل الاجتماعي بدأت تكشف جانبا من هذه الانتهاكات، مثل فيديو يظهر مطاردة مهاجر في نهر من طرف الدرك، وآخر يظهر مهاجرين تعرّضوا لهجوم في تمنراست.

ونقل التحقيق عن إمولاين قوله إن "التمييز العنصري" في الجزائر يجعل المهاجرين الأفارقة يتعرضون لمعاملة سيئة، بخلاف اللاجئين من دول عربية مثل العراق وسوريا وليبيا، مضيفا "بمجرد أن يكون لون بشرتك داكنا، يتم طردك دون تردد".

وأعرب دريانكور عن استغرابه من صمت الأوروبيين إزاء هذه الانتهاكات، قائلاً "منظمات حقوق المهاجرين في أوروبا لا تتحدث عن الأمر، بينما الجزائر نفسها لا تتردد في إعطاء دروس للغرب حول حقوق الإنسان".

وأشار التحقيق إلى أنه وبينما ترفض الجزائر استقبال رعاياها المطرودين من فرنسا، بحجة حماية "حقوقهم"، فإنها تواصل سياسة الترحيل القسري داخل حدودها بوتيرة متزايدة، حيث تشير الإحصائيات إلى ترحيل 27 ألف مهاجر بين 2015 و2018، و31 ألفا خلال سنة 2024 فقط، وسط صمت من الاتحاد الإفريقي ومجموعة الإيكواس ومجموعة دول وسط إفريقيا.

وتحدث التحقيق أيضا عن صعوبات تواجهها المنظمات الدولية في العمل داخل الجزائر، إذ لم تتمكن الوكالة الفرنسية للهجرة والاندماج من فتح مكتب لها هناك، في حين لديها فروع في المغرب وتونس، وقال مديرها ديدييه ليشي "الجزائر تخفي سياستها القمعية عن الخارج، والصحافة المحلية لا تغطيها، ومع ذلك لا تخجل من تقديم دروس في حقوق الإنسان".

تعليقات
جاري تحميل التعليقات

القفطان.. وأزمة الهوية عند الجزائريين

طُويت معركة أخرى أرادت الجزائر أن تخوضها ضد المغرب، وهذه المرة ليس في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء، بل داخل أروقة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو"، التي تعقد ...

استطلاع رأي

مع قُرب انطلاق نهائيات كأس إفريقيا للأمم "المغرب2025".. من تتوقع أن يفوز باللقب من منتخبات شمال إفريقيا؟

Loading...