وثائقي إسباني يكشف كواليس أزمة "ليلى".. فرنسا عرقلت إدانة أوروبية للرباط ووثيقة رسمية أكدت اعتراف مدريد بمغربية الجزيرة
سلطت منصة "موفيستار +" الإسبانية الضوء على واحدة من أبرز لحظات التوتر في التاريخ الحديث بين المغرب وإسبانيا، من خلال سلسلة وثائقية جديدة، تسرد وقائع أزمة جزيرة ليلى في صيف سنة 2002، والتي تسببت حينها في تصعيد دبلوماسي وعسكري غير مسبوق بين البلدين.
العمل الوثائقي، الذي يتكون من ثلاث حلقات، يقدّم رواية مفصلة للأحداث التي وقعت خلال عشرة أيام، عندما أنزلت البحرية المغربية عدداً من الجنود في جزيرة "تورة " (ليلى) غير المأهولة والتي تقع قبالة السواحل المتوسطية، وتُعرف في الجانب الإسباني باسم "بريخيل".
ويقدم الوثائقي الأحداث في إطار سياسي، حيث يستعرض مواقف عدد من القوى الدولية التي تابعت الأزمة عن كثب، من ضمنها الاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمم المتحدة، الى جانب جامعة الدول العربية، وحلف الناتو، والولايات المتحدة الأمريكية، كما يُظهر العمل كيف أن الأزمة تجاوزت كونها نزاعا على جزيرة صخرية، لتتحول إلى اختبار حقيقي لتوازنات النفوذ والتحالفات في المنطقة.
ومن أبرز ما كشف عنه الوثائقي، الدور الذي لعبته فرنسا خلال تلك المرحلة، حيث اتخذت باريس موقفا صريحا داخل الاتحاد الأوروبي، يرفض دعم أي قرار موحد يُدين المغرب، رغم الضغوط الإسبانية، كما أوردت السلسلة تصريحات من مسؤولين سياسيين بارزين عايشوا المرحلة، من بينهم رئيس الوزراء الإسباني الأسبق خوصي ماريا أثنار، ووزيرة الخارجية آنا بالاثيو، ووزير الدفاع فيديريكو تريو، بالإضافة إلى نائب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك ريتشارد أرميتاج، ودبلوماسيين من المغرب وفرنسا وإسبانيا.
وأشار منتجو الوثائقي إلى أن الأزمة لم تكن مجرد حادث عابر، بل كشفت عن ملفات أعمق تتعلق بالسيادة، والحدود، والموروث الاستعماري، والهشاشة التي تطبع العلاقات بين الجارين في ضفتي المتوسط، كما أكدوا أن الملف لا يزال يحمل رمزية سياسية إلى اليوم، في ظل التغيرات الجيوسياسية التي تعرفها المنطقة والنقاشات المتصاعدة حول السيادة الإقليمية.
ووفق الوثائقي، فإن الأزمة كانت من بين اللحظات النادرة التي اقترب فيها البلدان من مواجهة عسكرية مباشرة، حيث دُرس خيار تفعيل المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي، قبل أن تتدخل واشنطن لاحتواء الموقف والحفاظ على العلاقة مع حليفين استراتيجيين، في وقت حساس تزامن مع بداية "الحرب على الإرهاب" في أفغانستان.
وفي شهادة مهمة ضمن محتوى الوثائقي، كشف الصحفي المغربي المتخصص في العلاقات المغربية الإسبانية، نبيل الدريوش، خلال شهادته ضمن السلسلة، عن وثيقة أرشيفية إسبانية رسمية تؤكد مغربية جزيرة ليلى، واعتراف مدريد بذلك رسميا، وهي وثيقة غير معروفة كانت ضمن أرشيفه الشخصي، عُرضت لأول مرة أمام الرأي العام ضمن إحدى أقوى لحظات العمل الوثائقي.
وأوضح الدريوش أن الوثائقي، الذي شارك فيه عدد كبير من الشخصيات السياسية الإسبانية من مختلف الحكومات، أبرز كيف ظلت مسألة السيادة على الجزيرة محل جدل طويل، سواء في الموقف الرسمي أو في خلفية التعامل الإعلامي والسياسي مع الملف.
وتعود جذور أزمة جزيرة ليلى إلى منتصف يوليوز 2002، عندما قررت السلطات المغربية إرسال وحدة صغيرة من الجنود إلى الجزيرة بهدف ما اعتُبر حينها مراقبة تحركات الهجرة والتهريب، في سياق إقليمي متوتر، وسارعت إسبانيا إلى اعتبار الخطوة "احتلالاً غير مبرر"، وأطلقت عملية عسكرية تحت اسم "روميو سييرا" لما أسمته حينها استعادة السيطرة على الجزيرة التي تعتبرها مدريد جزءا من أراضيها.




